لم يحض موضوع إيراني بالإثارة والجدل السياسي و الاهتمام الإعلامي lsquo;إقليميا و دوليا lsquo;خلال السنوات القليلة الماضية بقدر ما حضي به المشروع النووي الإيراني اlsquo;لذي يسجل بين فترة وأخرى تطورا جديدا يدفعه الى الإبقاء على رأس الاهتمامات الدولية. فبالرغم من الاهتمام المتزايد إلا ان أيا ً من lsquo; الوكالة الدولية للطاقة الذرية أو مجلس الأمن الدولي أو الدول الخمسة زائد واحد lsquo; لم يتمكنا بعد من وضع حل لمشكلة هذا المشروع الذي بات يكلف الشعوب الإيرانية كل يوم مزيدا من تحمل ضنك العيش والتضحياتlsquo; و يزيد من احتمالية خطر اندلاع حرب إقليمية جديدة لا احد يعرف مداها وحجم المأساة التي سوف تخلفها على شعوب المنطقة عامة والشعوب الإيرانية خاصة. وكل ذلك بسبب عنجهية زمرة من الملالي الطائفيين وعدة من المسؤولين الشعوبيين الذين أعمتهم الأحقاد العنصرية والطائفية وراحوا يسعون لامتلاك السلاح النووي على أمل تحقيق حلهم أسلافهم بإعادة إمبراطوريتهم ( الفارسية ) التي أكل الدهر عليها وشربlsquo; دون الاعتناء بما لحق أبناء الشعوب الإيرانية من جراء الإنفاق الباهظ على هذا المشروع لحد الآن وما سوف يلحق بهم إذا ما تم استمرار العمل به.حيث لا يمكن للقوى الدولية lsquo; التي بذلت كل ما بوسعها لتدمير العراق وأفغانستان بعد ان أصبحتا تشكلان خطرا حقيقيا على مشروعها في المنطقة lsquo; بان تسمح لنظام حكم كهنوتي لا يقيم للإنسان والإنسانية وزنا أو قيمة lsquo;من ان يمتلك أسلحة دمار شامل من أجل ان يحقق أطماعه وطموحاته الغير مشروعة من خلال بالتهديد بهذا الأسلحة.


ان النظام الإيراني الذي اعتمد سياسة المد والجزر في تعامل مع المنظمة الدولية والدول الخمسة زائد واحدlsquo; كأسلوب خادع لكسب مزيدا من الوقت lsquo; قد واجه في هذه العملية ضربات متتالية أعجزته من الاحتفاظ بسرية العديد من منشأته النوويةlsquo; بالإضافة الى فقدانه لعدد من ابرز علماءه وخبراءه النوويين الذين قضوا بين هارب ومقتول خلال السنوات الثلاثة الماضية. وكانت هذه الأحداث من الضربات الثقيلة التي تلاقها النظام الإيراني لحد الآن والتي قد أفقدته الثقة والمصداقية لدى الشارع الإيراني والمجتمع الدولي.


لقد كانت أولى فضائح النظام الإيراني قد بدأت مع مفاعل quot; نطنزquot; الذي كشفته أعين منظمة مجاهدي خلق المعارضة في عام 2002م مما أوقع النظام في مصيدة دفعته مرغما إلى فتح أبواب هذه المنشأة أمام الوكالة الدولية lsquo;ثم جرى بعد ذلك الكشف عن مفاعلات أخرى أكثر سرية تقع في معسكر للحرس الثوري على بعد ثلاثين كيلو مترا شرقي طهران يعرف بمركز quot; پارچين quot;lsquo; مما أوقع النظام الإيراني في مصيدة أخرى دفعه إلى إزالة مواقع مهمة من مركز quot;پارچينquot; قبل وصول لجان التفتيش الدولية أليه. وقد تواصلت الفضائح وجرى الكشف عن المزيد من أسرار البرنامج النووي الإيراني حينما تم سرقة quot; الحاسب المحمول quot; التابع لوزارة الدفاع الإيرانية الذي تم تهريبه من إيران عبر جهات استخباراتية وتم عرض محتوياته التي وصفت بالهامة والدقيقة على الوكالة الدولية للطاقة الذرية في نوفمبر عام 2005م.


وهكذا أخذت فضائح النظام الإيراني تتوالي الواحدة بعد الأخرى موجهة له إصابات في الصميم lsquo;ولكن كان في كل مرة يلجئ فيها الى مزيدا من الخدع السياسية على أمل التخلص من العقوبات وكسب مزيدا من الوقت لإكمال مشروعه النووي.


لم يكن كشف المنشآت النووية السرية الإيرانية lsquo; والتي كان آخرها مفاعل quot;قم quot; التي جرى الكشاف عنها من قبل الرئيس الأمريكي مطلع الأسبوع الجاري lsquo; أخر الصفعات والفضائح التي تتوالى على النظام الإيراني lsquo; بل لقد لقي هذا النظام صفعات أخرى لا تقل تأثير عن كشف المنشأة والمفاعل السريةlsquo; وهي مسألة اختفاء ومقتل ثلاثة من كبار العلماء والمسئولين عن الملف النووي.


كانت الفضيحة الأولى تتعلق بهروب نائب وزير الدفاع و المسؤول عن الملف النووي في الوزارة العميد quot; علي رضا عسكري quot; الذي اختفى في تركيا عام 2007م وتبين فيما بعد انه قد لجئ الى أمريكا أو احد الدول الغربية حاملا معه أسرارا و معلومات مهمة حول المشروع النووي الإيراني. وفي حين رفض النظام الإيراني الاعتراف بالحادث في بداية الأمر إلا انه و بعد ان أعلنت زوجة quot; عسكريquot; للصحفيين صحة نبأ اختفاء زوجهاlsquo; عاود مضطرا الى الاعتراف بالأمر محملا الموساد والسي آي أيه مسؤولية الحادث.
ولم تمضي فترة طويلة على هذا الحادث حتى صعق النظام بحدوث واقعة أخرى lsquo; وهي مقتل العالم الفيزيائي quot; اردشير حسن بور quot; الذي كان يعمل خبيرا في المشروع النووي الإيراني الى جانب كونه أستاذا في جامعة شيراز. وقد حاول النظام الإيراني كعادته ان يتستر على الحادث إلا انه اضطر فيما بعد الى الاعتراف ولكن ادعى ان هذا الخبير النووي قد مات نتيجة تسربا للغاز في بيته. غير ان هناك من اتهم النظام الإيراني بتصفيته بعد اتهامه بتسريب معلومات عن المشروع النووي الإيراني لدول غربية، وتحذيره من كارثة قادمة لمفاعل بوشهر.


وقبل الإعلان الغربي عن اكتشف منشأة quot; قم quot; النووية والتي جاءت قبل اقل من أسبوع واحد فقط من الاجتماع المقرر أجراه اليوم الخميس lsquo; الاول من أكتوبر الجاري lsquo; بين إيران والدول الخمسة زائد واحد للبحث في سلة المقترحات التي قدمتها إيران في شهر أغسطس الماضي للدول المذكورةlsquo; فقد أعلن عن اختفاء عالم نووي إيراني آخر يدعى quot; شهرام أميري quot; lsquo; وقد جاء الإعلان عن اختفاءه على لسان زوجته التي أكدت ان quot; شهرام quot; كان قد غادر إيران في شهر مارس الماضي ضمن فوج من المعتمرين الى بيت الله الحارم ولكنه اختفى ولم يعد الى إيران. و قد بقي النظام الإيراني كعادته ملتزما الصمت طوال الأشهر الستة الماضية حيال هذه الأمر ولم يصرح بأي معلومات حول اختفاء هذا العالم النووي إلا قبل يومين فقط حيث عرض وزير الخارجية الإيراني quot; منوشهر متكي quot; الأمر مع الأمين العام للأمم المتحدة quot; بان كي مون quot; lsquo; بحسب ما جاء في وسائل الإعلام الإيرانية.


وحسب مصادر مطلعة فان سكوت النظام الإيراني عن حادثة اختفاء هذا العالم النووي طوال الفترة الفائتة لم يأتي من فراق lsquo; فقد علم مسؤولي النظام بخروج quot; شهرام أميري quot; من المملكة العربية السعودية فور انتهائه من مراسم العمرة وذهابه الى بلد ثالث حيث نقل منه الى الغرب بتنسيق مسبق مع أجهزة استخبارات غربية lsquo; كانت على اتصل به يوم كان يعمل في منشأة quot; قم quot; النووية والتي يعتقد انه هو وراء تسريب أمر هذه المنشأة للاستخبارات الغربية lsquo; وذلك بعد ان تمكن من الإفلات من العناصر الأمنية الإيرانية التي كانت تراقبه.


من المؤكد ان هذه الوقائع والأحداث سوف لن تكون آخر الصفعات والفضائح التي تواجه النظام الإيراني طالما ان مشروعه النووي مرفوض من قبل أبناء الشعوب الإيرانية قبل ان يكون مرفوضا من المجتمع الدولي lsquo; و ان ما سوف تكشف عنه الأيام القادمة بخصوص هذا المشروع المشئوم ربما سيكون أكثر واكبر مما مضى طالما ان الانشقاقات التي تسببت بها الأزمة السياسية الأخيرة أخذة بالتزايد. وهكذا فان على الباغي تدور الدوائر.

كاتب احوازي