جلعاد شاليط، ذلك الجندي الاسرائيلي الاسير لدى حرکة المقاومة الاسلامية (حماس)، يعود مرة أخرى الى الاضواء من خلال صفقة تبادل(منصفة جدا)بين کتائب عزالدين القسام الجناح العسکري لحرکة حماس مع اسرائيل يتم بموجبها الافراج عن عشرين فلسطينية أسيرة مقابل شريط فيديو يثبت أن جلعاد شاليط مازال على قيد الحياة!

وعلى الرغم من أن حرکة حماس سوف تهلهل و تزغرد لهذه الصفقة الاستثنائية التي أبرمتها مع (سلطات الاحتلال)، فإنه ومن دون شك سيتلاقف الشارع العربي هذا النبأ بشغف عارم و يتصوره بمثابة تباشير النصر المبين و حتما لن تقف ثلة من الکتاب العرب بعيدا عن هذا الحدث حيث سيوظفونه قطعا في کتاباتهم و من خلاله سيلوحون للجماهير العربية بقرب زوال دولة اسرائيل لأن الحق سيعلو في النهاية و لايعلى عليه.


جلعاد شاليط، ذلك الجندي الاسرائيلي الذي فرض شخصيته و إعتباره المعنوي على الاعلام العالمي من خلال التوظيف الاسرائيلي الذکي للقضية و نجاحها الکبير في محاکاة العقل و الوجدان الاوربيين و کسبهما، في حين مازالت حرکة حماس و لأسباب عديدة و بأساليب تکاد تکون في نظر الرأي العام العالمي غير إنسانية على أحسن تقدير، تصر على الاحتفاظ به و إستخدامه کأداة في لعبتها السياسية الامنية مع دولة اسرائيل وعلى الرغم من أن الرأي العام العالمي يتعاطف بشدة مع شاليط و يرى في عملية الاصرار على إبقائه في أسر غير واضح و محدد المعالم بمثابة شکل من اشکال الارهاب، فإنه سيتلقى هکذا نبأ بمزيد من التفهم و التعاطف مع الحکومة الاسرائيلية التي لاتألو جهدا من أجل العمل لإخلاء سبيل هذا الجندي و سيرى في هذه الخطوة الاسرائيلية أهمية العنصر الانساني لدى الدولة العبرية في الوقت الذي يستخلص المزيد من المفاهيم السلبية البعيدة عن الحضارة عن الجانب الآخر الذي يستخدم کافة إمکانياته من أجل إظهار نفسه بمظهر العنيف الذي لايعرف للرحمة من معنى في قاموسه.


صلاح الدين الايوبي، الذي أعطى اسوة حسنة للمسلمين بشکل خاص و العالمين المسيحي و اليهودي بشکل خاص، لن يجده العالم أبدا متمثلا في حرکة حماس و لافي أي تنظيم إرهابي آخر يتخذ من الاسلام دثارا لسفك الدماء و قتل النفوس و تمرير أجندة خاصة لهذا الطرف الاقليمي أو ذاك وان الامر الذي لاقاه ريتشارد قلب الاسد عند وقوعه في أسر صلاح الدين، سوف لن يجد شاليط مثيلا له لدى حرکة حماس التي تفرض إرادة الاستبداد و القمع على قطاع غزة کله و ترفض الانصياع أي منطق سوى منطقها الإقصائي الانتقائي.


عشرون أسيرة مقابل شريط فيديو واحد، إنه عار آخر في سجل الارهاب الفوضوي و الدموي وهو أمر کان لابد منه ذلك أن منطق القمع و الظلم و الإقصاء ليس لديه أي امر او مسألة إيجابية يقدمها للعالم سوى هکذا مواقف مخزية يندى لها الجبين الانساني، لکن الاهم من کل هذا، هو ذلك الزعيق الذي سيثيرونه على اساس ان هذه العملية المخجلة تشکل إنتصارا لهم، وهو کما أسلفنا کذبة سيصدقها الشارع العربي، إنتصار وأي إنتصار؟ وکما يقول المصري: قال إنتصار قال!