في 2003 أي سنة الحرب على العراق، إحتاجت الولايات المتحدة الى دعم دولي معنوي أكثر منه عسكري. الحلفاء التقليديون: فرنسا شيراك والمانيا شرودر وتركيا حزب العدالة والتنمية أداروا الظهر للحليف، بل وقفوا في الجهة المعاكسة للولايات المتحدة. امريكا خرجت الى العالم تبحث عن حلفاء جدد بعد عدم موافقة مجلس الأمن على إستعمال القوة العسكرية والأمرلم يكن يتعدى ختماً على ورقة.

من بين من دخلوا الحلف الامريكي، دول كان من الصعب رؤيتها على الخارطة لصغر حجمها وعدم أهميتها. إلا أن دول شرق اوربا من بولونيا وبلغاريا وتشيكيا....الخ إنتقلت الى الجانب الأمريكي دون تردد في ذلك الظرف الامريكي الحساس، بل البعض منها قدم الدعم اللوجيستي أيضاً. تلك الدول كان همها الأساسي هو الحصول على حماية الدولة العظمى والوحيدة في العالم ضد الدب الروسي في قادم الأيام.

ادارة الرئيس بوش وعدتهم بالدرع الصاروخي المعروف مع إرساء القواعد والمحطات في تشيكيا وبولونيا بقصد حماية وسط وشرق اوروبا. تلك الدول التي رأت الأهوال من الجار الروسي على مدى التاريخ باتت تتوخى الخير والسلامة في المستقبل بالإضافة الى الإنتعاش الإقتصادي الذي عادة ما يترافق مع تلك المشاريع الإستثنائية.

الإنضمام الى الحلف الأمريكي لم يكن مجاناً أو بلا مقابل. خسرت تلك الدول ماء الوجه والمصداقية أمام العالم، حيث أن العملية برمتها لم تكن تتعدى كونها عبارة عن صفقة على حساب الآخرين وبعيدة كل البعد عن المبادئ والأخلاق. فالحلف الامريكي البريطاني لم يكن بحاجة الى أي دعم عسكري بقدر حاجته الى زيادة عدد أسماء الدول الحليفة.

الآن بدأت إدارة الرئيس اوباما تتخلى عن كل ما وعدت به الإدارة السابقة لتلك الدول وبجرة قلم. الذين وقفوا ضد امريكا سابقاً كفرنسا والمانيا وتركيا عادوا الى مكانهم مع الحليف التاريخي معززين مكرمين يأكلون العنب بعد أن تركوا الآخرين يضرسون. دول شرق اوربا أصبح نصيبها سواد الوجه وبلع الحصرم والنحيب على مسودة الإتفاقية الوهم. خيبة أمل كبيرة يعانون منها الآن. لا صداقات ولا عدوات دائمة ولكن مصالح دائمة أمر معروف في عالم السياسة الدولية. إلا أن الطريقة الامريكية لا تشبه حتى تطبيقات هذه المقولة..

ما تقوم به الولايات المتحدة إتجاه أصدقائها هي خيانة صريحة للمبادئ والعهود.
إنها تلتف على الأصدقاء الى 180 درجة وفي فترة زمنية قصيرة جداً عندما يتعلق الأمربالتحالفات السياسة الدولية. العهود الامريكية عمرها أربع سنوات وعلى أكثر تقدير ثمانية أعوام مرهونة بمدة بقاء الرئيس في كرسي الرئاسة. في العقود الأخيرة إنكشف هذا الزيف الامريكي عارياً حتى من ورقة التوت. لامصداقية العهود الامريكية صارأمراً عادياً أكثر منه إستثنائياً. إذا أصبحت الدولة الكبرىquot;القدوةquot; لا تحفظ العهد فماذا عن الصغار؟. هل قيادة الولايات المتحدة للعالم الحر الديمقراطي يعني إطلاق يدها في نقض الوعود والعهود؟؟؟.

وهذه خطيئة كبرى تقترف بإسم العالم الحر.

د. بنكي حاجو