بصمت ودون ضجيج حصلت قبل سنوات قليلة شركة اتصالات مغامرة في الولايات المتحدة الأمريكية على ترخيص من المؤسسة الفيدرالية المختصة بإجازة وسائل الاتصال الجماهيرية FCC يسمح لها ببث حزمة من محطات الراديو الأميركية والعالمية عبر الأقمار الصناعية، وبيع أجهزة استقبال خاصة تلتقط تلك الحزمة في جميع أرجاء الولايات المتحدة الأميركية وكندا، في المنزل أو السيارة، ومؤخرا بجهاز راديو متنقل PORTABLE أو بواسطة الهاتف النقال، مقابل اشتراك شهري مقداره 12.99 دولاراً أميركياً.

وقبل أيام احتفلت الشركة ببلوغ عدد مشتركيها عشرة ملايين، أغلبهم يستمتعون بإذاعاتها في سياراتهم، وخاصة سائقي شاحنات النقل البري على الطرق الخارجية في الولايات الأمريكية والكندية. ومنذ ثلاث سنوات توصلت الشركة إلى اتفاق مع شركات تصنيع السيارات العملاقة الثلاث، جنرال موترز وفورد وكرايزلر، لإضافة الشبكة إلى راديو السيارات الجديدة، بحيث أصبح أمام من يقتني إحدى السيارات الحديثة ثلاثة خيارات إذاعية، FM،AM و RADIOSAT. ويتميز البث عبر الستلايت بالوضوح التام وقوته وثباته، بحيث لا يتأثر بالتقلبات الجوية ولا تضعفه العوارض الطبيعية، كالأمطار والعواصف والجبال والبنايات العالية. لكن الإرسال بطريقة FM محدود بحدود قوة المرسلة وسعة مداها الذي لا يتعدى في أحسن حالاته عشرات الأميال. والمستمع لإذاعة FM يفقدها بمجرد خروجه من مجال تغطيتها. أما الإرسال بطريقة AM فبالإضافة إلى تكاليفه المرتفعة فهو محدود أيضا في الانتشار، مع صعوبة الحصول على فسحة متوفرة في المجال الجوي. لكن المستمع لراديو الستلايت لا يفقد إذاعته المفضلة، ويستطيع الاستماع إليها في أي مكان يقع ضمن تغطية القمر الصناعي بنفس الوضوح والقوة والثبات. مع العلم بأن الشركة الأمريكية تبث برامجها على ثلاثة أقمار صناعية لضمان عدم انقطاع البث أو ضعفه. وجدير بالذكر أن الشبكة الأمريكية المذكورة تبث حاليا أكثر من مئتي إذاعة في مختلف الاختصاصات والطبيعة الموضوعية. فمنها إذاعات موسيقية متنوعة، وعلمية ومالية وثقافية ودينية متخصصة، وإذاعات طقس، وإذاعات مرورية وغير ذلك.

كما دخلت إلى ميدان البث الإذاعي بالأقمار الصناعية شركات الخدمات المرورية الشهيرة AAA، وتبعتها شركة YAHOO، وتنوي شركات أخرى التحول من الطرق التقليدية في الإرسال FM و AM، بالإضافة إلى شركات أخرى كانت متخصصة فقط بالبث التلفزيوني، مثل DISHNETWORK وDIRECTV.

ولا يتردد خبراء الإعلام هنا في أمريكا في التبشير بأن العصر القادم سيكون بكل تأكيد عصر إذاعة الستلايت، وبدء مرحلة انكفاء الإذاعات الأخرى أمام هذا المنافس الخطير. ويتوقعون ألا تكون إذاعات الـ FM وAM بأقل تأثرا من الصحافة المكتوبة التي داهمتها صحافة الإنترنيت.

ويعمل إعلاميون عرب أميركيون منذ فترة على إطلاق شبكة مشابهة تضم 50 إلى 60 إذاعة من إذاعات الدول العربية الحكومية والخاصة عبر الأقمار الصناعية، لتوصيلها إلى ملايين العرب المغتربين في الولايات المتحدة وكندا والمكسيك، وبالأخص منهم المغتربين الوافدين حديثا، وكذلك كبار السن الذين لا يجيدون اللغة الإنكليزية ولا يستمتعون بالإذاعات الأميركية، الأمر الذي يجعلهم متعطشين للاستماع إلى إذاعات بلدانهم في منازلهم أو سياراتهم أو أماكن عملهم. وقد أظهرت الاتصالات الأولية أنهم لا يترددون في دفع بدل اشتراك شهري معقول مقابل الحصول على هذه الخدمة.

وتفيد الإحصاءات الأولية التي نشرها معهد زغبي في واشنطن بأن أعداد العرب الأميركيين تتراوح بين أربعة وخمسة ملايين، بينما لا توجد إحصاءات دقيقة للعرب في كندا والمكسيك. وتمنع شروط النشر في إيلاف إدراج عناوين هؤلاء الإعلاميين وأرقام هواتفهم. ولكنني على أتم الاستعداد لإرسالها بالبريد الإلكتروني لمن يطلبها من قراء العزيزة (إيلاف).

د. آمال ابراهيم
[email protected]