لا شك أن ما قاله هاشمي رفسنجاني رئيس مجلس تشخيص مصلحة النظام ورئيس مجلس الخبراء في خطبة الجمعة التي القاها في جامعة طهران يشكل تحديا صريحا لآية الله على خامنئي المرشد الأعلى للجمهورية الإيرانية.
فرفسنجاني شكك في نتيجة الانتخابات الرئاسية التي اجريت في 12 يونيو الماضي وأسفرت عن فوز الرئيس محمود احمدي نجاد بولاية ثانية على عكس خامنئي الذي اعترف بشرعية الانتخابات رافضا أي كلام عن تزويرها.
والأول قال في خطابه إن الأزمة التي تواجهها إيران نابعة من الداخل وليس الخارج على عكس موقف الثاني الذي وصف الاحتجاجات الشعبية على تزوير الانتخابات بأنها مؤامرة خارجية.
ورفسنجاني شكك في شرعية الرئيس نجاد على أساس quot;أن الحكومة لا تعد شرعية مالم يكن الشعب راضيا عنهاquot; خلافا لخامنئي الذي يرى أن quot;شرعية الحكومة مستمدة من الله أولا،وان الحكومات لا يعينها الشعب فقطquot;!
بل إن الحلول التي طرحها الأول لاحتواء الأزمة بالإفراج عن المعتقلين وتخفيف القيود المفروضة على الصحافة تتصادم مع رأي الثاني الذي يعتبر هؤلاء quot;خارجين على القانونquot; وبعض الصحف quot;أبواقا للاعداء في الخارجquot;!
وحتى تعبير quot;الأزمةquot; الذي استخدمه رفسنجاني في خطبة الجمعة لا يعترف به خامنئي الذي يرى في كل ما جرى بعد انتخابات 12 يونيو مجرد quot;مؤامرةquot;!
بالتأكيد ما قاله رئيس مجلس تشخيص مصلحة النظام لا يمثل تحديا للمرشد الأعلى فقط وإنما لكل اقطاب النظام الإيراني وفي مقدمتهم مجتبى خامنئي ابن المرشد ورئيس الأركان، وحسن طيب قائد الباسيج، وغلام حسين محسني إيجائي وزير الاستخبارات، وصادق محصولي وزير الداخلية، والميجور جنرال محمد على جعفري قائد الحرس الجمهوري.
كما يتعارض مع رؤية هؤلاء لمعالجة الأزمة اعتمادا على الحلول الأمنية وعسكرة النظام واجبار المعارضة في النهاية على الاعتراف بالأمر الواقع.
بصراحة ما قاله رفسنجاني في جامعة طهران بشأن تزوير الانتخابات والاعتداء على حياة الناس وممتلكاتهم وعدم احترام القانون واهتزاز ثقة الإيرانيين في نظامهم كان تعبيرا عما يشعر به الشارع الإيراني وليس انحيازا للمعارضة.
فالرجل ليس شخصية سياسية ودينية عادية وإنما واحد من الرعيل الأول للثورة الذي درس العلوم الدينية مع الإمام الخوميني في مدينة quot; قمquot; وحكم عليه بالسجن عدة مرات في عهد الشاه وشارك في قيادة الثورة الإسلامية في أغسطس 1979 ثم تولى رئاسة البرلمان الإيراني بين عامي 1980 و1989 وكان قائما بأعمال قائد القوات المسلحة وأصبح رئيسا للجمهورية بين 1989 و1997 وأخيرا رئيسا لمجلس تشخيص مصلحة النظام ورئيسا لمجلس الخبراء.
كما كان القوة المحركة التي ادت إلى قبول إيران لقرار مجلس الأمن الدولي الذي أنهي ثمانية أعوام من الحرب مع العراق وسعى الى تشجيع التقارب مع الغرب وإعادة فرض بلاده كقوة إقليمية وتحويل نظامها الاقتصادي إلى نظام السوق و كان من أبرز المدافعين عن حقوق المرأة الإيرانية.
ما قاله رفسنجاني كان يجب أن يقوله من البداية المرشد الأعلى السيد خامنئي لكن هناك فرق كبير بين الانحياز للشعب والانحياز للسلطة!
عبدالعزيز محمود
التعليقات