صرح بعض قادة المنظمات اليهودية الأمريكية الذين اجتمعوا بمسئولين في البيت الأبيض، أن الرئيس أوباما أبلغهم أن الفجوة بين الطرفين ( الأمريكي والاسرائيلي ) بدأت تضيق حيال البناء في المستوطنات معرباً عن أمله ان يتوصلا تقريباً إلي رؤية مشتركة لأنه يري ان التوسع في بناء المستوطنات quot; ليس في مصلحة أمريكا أو إسرائيل quot;..

قيل أن الإجتماع بالقادة اليهود الأمريكيون كان يهدف إلي إقناعهم بأهمية الضغط علي حكومة نتنياهو لتوقف البناء في مستوطنات الضفة الغربية، لأن استمرارها في هذه العملية سينعكس سلبا علي علاقتها بواشنطن.. وبعد الإجتماع ظهر جلياً أن هؤلاء القادة ( 16 شخصية ) كما سمعوا من الرئيس ومستشاريه ( رام ايمانويل و ديفيد اكسلر ) اسمعوهم رأيهم الذي يؤكد حاجة إسرائيل إلي البقاء في أراضي الضفة الغربية وشمال غزة quot; لكي تستوعب الزيادات الطبيعية في عدد سكانها quot;.. وطالبوا منهم مزيد من الضغط علي الجانب الفلسطينيى لكي يترك لإسرائيل مستوطناتها مقابل أراضي في أماكن أخري.. وشجعوا الرئيس علي زيارة اسرائيل لكي يتعرف من قادتها علي وجهة نظرهم..

صرامة الإدارة الأمريكية المطالبة بوقف تام وكلي للبناء في المستعمرات الإسرائيلية في الضفة، بدأت تتراخي.. قالت صحيفة معاريف يوم 8 من الشهر الجاري أنها وافقت علي انهاء العمل في 2500 وحدة سكنية حتى لا يضيع المال المستثمر فيها هدرا quot; وتضيع فرص من لهم حق السكني فيها quot;.. بعدها اتفق جورج ميتشيل في الرأي مع ايهود باراك علي quot; ان يكون التجميد الكامل للبناء ضمن اتفاق سياسي شامل مع الجانب الفلسطينى quot; يعطي للرئيس الامريكي الفرصة لتحقيق مشروع السلام الذي يخطط له..

بدأت ضغوط المنظمات اليهودية علي البيت الأبيض فور رفض الرئيس أوباما إستكمال مسيرة quot; التفاهمات الواضحة quot; التى أقرها الرئيس بوش الابن.. هم يطالبونه باستكمالها والبناء عليها، وهو يؤكد أنها غير مدرجة بين الملفات التى ورثتها إدارته من الإدارة السابقة عليها.. في نفس الوقت رفض نتنياهو الموافقة علي التجميد او وقف البناء، دون الحصول علي مقابل مادي ومعنوي من الجانبين العربي والفلسطينيى.. قالت صحيفة هآرتس ( 2 يولية ) ان مقابلات الرئيس الامريكي مع بعض القادة العرب لم تسفر عن استعداد للسير في طريق بذل المقابل المادي لوقف الاستيطان..

اسرائيل تريد ضمانات مقابل التوقف عن بناء مستعمرات في أراضي عربية تحتلها منذ عام 1967.. إسرائيل ترفض الإعتراف بنصوص معاهدة جنيف الرابعة وتعتبر ان اراضي الضفة quot; أراضي يهودية تم تحريرها من يد العرب والفلسطينيون quot; يحق لها البناء فيها quot; لأنها لن تتركها quot; وفق اي اتفاق سياسي.. ضمانات اسرائيل تدور حول السلام الشامل مع كل الدول العربية يؤدي إلي فتح سماواتها وشواطئها واسواقها، هذا ما قاله نتنياهو لـ 27 سفير اجتمع بهم في تل ابيب اوائل الشهر الحالي مضيفا quot; أن إعتراف الجانب الفلسطينيى بيهودية دولة إسرائيل يأتي علي رأس كافة الضمانات quot;..

المٌثل العليا التى تطرق اليها الرئيس الأمريكيى ضمن خطابه الذي القاه من داخل جامعة القاهرة يوم 14 يونية الماضي، لم تصمد طويلا أمام إصرار نتنياهو علي أن مواصلة البناء في المستوطنات وعلي ان القدس عاصمة موحدة لدولة اسرائيل اليهودية.. لأن رسالة تل ابيب كانت واضحة quot; بدون ذلك لن نستمر في التعاون معكم لتحقيق مشروع السلام الذي تروجون له quot;، وهذا موقف لا تستطيع الادارة الامريكية أن تساهم في تفاقمه لأنها تعلم أن إسرائيل قادرة علي إفشال أي مشروع حتى لو كان فيه مصلحة أمريكية عليا!! ولأن وسائل ضغطها علي إسرائيل محدودة في ظل علاقات تنظمها اتفاقيات بروتوكولات غير قابلة للمساومة!! وأخيراً لأن الجانب العربي لا يملك قوة الضغط علي واشنطن لكي تعمل تحت قيادة الرئيس أوباما علي تطبيق الشرعية الدولية التى تنص علي حقوق الشعوب العربية في إستعادة أراضيها التى تحتلها إسرائيل..

لذلك يتوقع الخبراء أن تتمحور جولات التفاهم بين الجانبين الأمريكي والإسرائيلي حول مستقبل ما تصفه إسرائيل بـ quot; المستوطنات العشوائية quot; كما جاء علي لسان وزير الدفاع إيهود باراك خلال مباحثاته مع المبعوث الامريكي للشرق الاوسط في لندن ( 7 يولية ).. اي تلك التى تقام في مناطق لم تحددها حكومة الاحتلال ولم توافق عليها!! أو تلك التى تتكون من وحدات سكنية متنقلة سابقة التجهيز..

إسرائيل التى قننت لنفسها أن أراضي الضفة كما القدس الشرقية quot; أعيد تحريرها وضمنها لأراضها التواراتية quot; لن توقف البناء في المستعمرات التى دأبت علي بناؤها في الحرب والسلم دون توقف.. ناهيك عن أن تجلو عنها وتتركها للجانب الفلسطينيى ضمن تسوية نهائية، إسرائيل هذه تعتبر أن مطالبة الرئيس باراك أوباما بوقف البناء في المستوطنات ما هي إلا quot; عقبة مؤقته quot; يمكن التخفيف من وقعها وتفريغ الضغوط التى قد تترتب علي عدم الاذعان لها من مضمونها..

إسرائيل علي ثقة من قدرتها الالتفافية علي مطالبة واشنطن لها بوقف البناء في المستعمرات، عن طريق التسويف والتطويل والتزييف وتبادل الزيارات، لفرض رؤيتها ولتفريغ مساعيها للتوصل إلي سلام واستقرار من هدفقها النهائي..

الدكتور حسن عبد ربه المصري

استشاري إعلامي مقيم في بريطانيا [email protected]