أبو ظبي: عُرض في قاعة قصر الإمارات فيلم quot;محيطاتquot; ضمن عرضه العالمي الأول وقبل عرضه في الولايات المتحدة وأوروبا بعام تقريبًا حيث سيعرض في نيسان 2010، ومن هنا تأتي الأهمية المتنامية لمهرجان الشرق الأوسط السينمائي الدولي في استقطاب كل ما هو جديد وممتع، عبر تقديمه للجمهور المحلي للمساهمة في الارتقاء بالوعي البيئي والإدراك المجتمعي لأهمية الحفاظ على البيئة وتجنب العوامل المؤدية إلى تلويثها.
شهد عرض الفيلم كل من سعادة محمد خلف المزروعي مدير عام هيئة أبوظبي للثقافة والتراث، سعادة ماجد المنصوري الأمين العام لهيئة البيئةquot;أبوظبي، وحشد كبير من المعنيين بالبيئة والمهتمين والجمهور.
تم تصوير الفيلم في عوالم مجهولة حيث لا تزال المحيطات والبحار غامضة تثير دهشة الانسان كما تبعث في نفسه الخوف والشعور بالخطر، حيث تعتبر المياه أصل الحياة على كوكب الأرض، ولكن الانسان عمل على استغلال عالم البحار بطريقة منهجية مدمرة بصورة أصبحت تهدد التوازن البيئي على الكوكب.
ومشاهد الفيلم تعتبر هذه المحاور القضايا الأساسية التي يعالجها الفيلم quot;محيطاتquot; الذي يعد أغلى انتاج وثائقي في تاريخ السينما حول أسرار الحياة في عالم البحار إذ تبلغ ميزانية الفيلم 50 مليون يورو (72 مليون دولار تقريبًا) وهو انتاج مشترك بين شركة جالاتيه فيلم الفرنسية بالتعاون مع الاسبانية نوسترو فيلمز، وديزني ناتشر التابعة لاستديوهات ديزني.
وجرى تصوير الفيلم في جميع أنحاء المعمورة، باستخدام أحدث الأجهزة والمعدات، وهو ما اضطر المنتجين لتطوير كاميرات التصوير وأجهزة تسجيل الصوت تحت الماء للحصول على أفضل جودة ممكنة للصوت والصورة، سواء مع توافر إضاءة جيدة أو في ظلام الأعماق الدامس، فضلاً عن ذلك قامت الشركة الفرنسية بتطوير ذراع ميكانيكية لحمل الكاميرات وتحريكها لمواصلة التصوير في ظل الأجواء العاصفة والأنواء والأعاصير والأمواج العاتية، على مدار فصول العام.
ولضمان الحصول على مادة وثائقية جنبًا إلى جنب مع الصورة الجيدة، قامت مجموعة من المؤسسات والمعاهد العلمية الأمريكية والأوروبية بدعم فريق العمل، بالإضافة إلى الدعم اللوجستي الذي تقدمه وحدات البحرية الفرنسية، إضافة إلى عدد من المنظمات المهتمة بالحياة البحرية مثل منظمةquot;MARVIVAquot;من كوستاريكا، مؤسسة quot;سلوانquot; الأمريكية المتخصصة في إحصاء وتصنيف فصائل وأنواع الكائنات البحرية.
وجاب فريق العمل أنحاء العالم من القطب الشمالي إلى القطب الجنوبي، حيث نجح في تصوير الكثير من الفصائل الحيوانية البحرية الهامة، مثل الحوت الأبيض والحوت ذي الرأس المحدبة والفقمات وعجول البحر والدببة القطبية وأسراب أسماك القرش والدلافين والأخطبوطات، بالإضافة للشعاب المرجانية.
كما سجل فريق العمل مشاهد كاملة في أعماق البحار لأسود البحر والحوت الأزرق، وفي القارة القطبية الجنوبية صوّر أسراب طائر البطريق وغيرها من الكائنات التي تعيش في هذه البيئة الغريبة.
ويوضح الفيلم من خلال هذه الجولة التوثيقية العلمية المستفيضة، أنه بالرغم من استغلال الانسان المنهجي للبيئة البحرية وتبعات ذلك على الانسان، إلا أن عالم البحار لا يزال يضم ملايين من الأنواع غير المعروفة بدءًا من الكائنات الميكروسكوبية متناهية الصغر انتهاء بالحيوانات البحرية العملاقة.
وجدير بالذكر أن العلماء يقدرون أن عدد الفصائل البحرية يبلغ 210 آلاف فصيلة تم تصنيف 15 ألف نوع منها فقط، غير أن هناك فصائل لم يتم تصنيفها من قبل كما لم تقع عليها عين بشر على الإطلاق منذبدء الخليقة. ويحذر الفيلم من خطر التلوث الذي تتعرض له كافة المسطحات المائية وتأثير ذلك على الحياة البحرية، حيث يقول منتجو الفيلم quot;يواصل الانسان بلا رحمة أعمال الصيد الجائر وكافة أشكال استغلال الحياة البحرية، البيئة المائية منهكة بسبب المخلفات السامة والضارة التي تلقى في أعماق البحار أو على الشواطئ، مما يتسبب في دمار الكثير من المعالم الطبيعية فيها، مما يجعل البحار مسممة تماماquot;. ويؤكد سيناريو الفيلم على قضية مفادها quot;لا يوجد شيئا عديم الانسانية أكثر من بقاء الانسان بمفرده على ظهر الأرضquot;.
وكتب سيناريو الفيلم فرانسيس رو، وأخرجه كل من جاك بيرين وجاك كلوزو، اللذين سبق ترشيحهما للأوسكار عام 2003، عن فيلمهما quot;مهاجرو الريحquot; عن الطيور المهاجرة، ويؤكد المخرجان سعيهما للكشف عن أحد أوجه الحياة الأكثر غموضا على ظهر الكوكب بدءًا من البحيرات الاستوائية إلى البحار المتجمدة في القطبين الشمالي والجنوبي مرورًا بأعماق البحار التي لم يتم اكتشافها حتى الآن، سعيًا لاكتشاف عناصر الحياة البحرية غير المعروفة للاستفادة وتعلم المزيد من الخبرات عن التوازن البيئي لديها.
ويلفت الفيلم الوثائقي quot;محيطاتquot; على مدار أحداثه كيفية اقتحام وتوغل الانسان لعالم البحار، ذلك العالم الذي لا يزال حتى اليوم يثير دهشة الاطفال ويحرك خيالاتهم وبمرور الزمن يتحول فضول الاكتشاف إلى غزو مدمر، وعلى الرغم من ذلك لا يزال عالم البحار يتمتع نسبيًّا بطبيعته البكر، ولا يخضع لضوابط كما تعيش كائناته بحرية، على الرغم من استمرار عملية مطاردة الانسان لها بصورة لا تتوقف.
كما لا يزال عالم البحار يضفي على خيالنا سحرًا وجمالاً، ربما بسبب ما ورثناه من أساطير وروايات منذ القرن التاسع عشر عن اختفاء عوالم تحت سطح البحر مثل قارة أطلنطا أو عن اختفاء كائنات ما في أعماقه، متحديا وساخرا من البشر وقدراتهم التي لا تزال محدودة، كما في أفلام ديزني مثل quot;حورية البحرquot; و quot;بيتر بان وكابتن هوكquot;، أو من عجز البشر عن التصدي لهذا العالم الغامض الذي لم ولن يخضع لسيطرتهم أبدًا مثل روايات quot;موبي ديكquot; وquot;العجوز والبحرquot;، ولا ننسى أيضًا عالم القراصنة الذين ارتبط وجودهم بالمغامرات البحرية، كرمز للتمرد أحيانا أو للخسة والنذالة والشر أحيانًا أخرى، حيث يؤكد مخرجا الفيلم بشيء من الرمزية quot;تلخص القصص الخيالية عن الكائنات المختبئة تحت سطح البحر أو تتعايش مع جنونه، ببساطة قصة وجود الانسان على سطح البحرquot;
- آخر تحديث :
التعليقات