صلاح حسن من لاهاي:تنعقد الدورة الثامنة لمهرجان الفيلم العربي في مدينة لاهاي العاصمة السياسية للبلاد المنخفضة خلال الفترة من 27 إلى 30 سبتمبر/أيلول 2009 في قاعة quot;الفيلم هاوسquot; بمشاركة مجموعة من الأفلام الروائية والقصيرة والوثائقية التي أنتجت خلال السنوات من 2007 إلى 2009 وتمثل السينما العربية والسينما الأوروبية المهتمة بالعرب أو قضايا الجاليات العربية المقيمة في أوروبا. هذه الأفلام تساهم في معالجة عدد من القضايا الراهنة مثل حقوق النساء وحقوق الأقليات وحوار الثقافات، وهي المحاور الثلاثة التي اختارها المنظمون للنقاش خلال الدورة الحالية. وسوف يدعى إلى حضور المهرجان عدد من مخرجي الأفلام المشاركة للإجابة على أسئلة الجمهور حيث سيفتتح المهرجان بحفل استقبال على شرف عدد من السينمائيين العرب والأوروبيين ويحضره دبلوماسيون وشخصيات عامة معروفة في العاصمة لاهاي.

الأفلام المشاركة
سيكون افتتاح المهرجان وعلى غير العادة بأربعة أفلام قصيرة خلافًا للدورات السابقة التي كانت تعرض احد الأفلام الروائية الطويلة لأحد أهم المخرجينالمشاركين في المهرجان ما يشكل تحديًا للقائمين عليه. أول هذه الأفلام هو فيلم المخرج الهولندي اندريه بينابل واسمه quot;مساء الجمعةquot; وطوله عشر دقائقويتحدث عن مجموعة من الشباب المغاربة من أصول مهاجرة يقررون قضاء أمسية الجمعة بطريقة مثيرة يتخللها عنف ومغامرات. فيلم قصير يحمل إشارات تجاه التشتت الفكري والأخلاقي الذي يشعر به كثير من شباب الضواحي الذين ينظر إليهم في هولندا بوصفهم مهاجرين شاذين. لقطة من فيلم مساء الجمعة
الفيلم الثاني وهو لمخرج هولندي أيضًا هو هانس خرونن دايك يتناول قصة طريفة quot;سعيد لاعب موهوبquot; عن صبي من الكويت. متابعة لإحدى المواهب الكروية اليافعة التي تعيش في الكويت جرت دعوته إلى الاختبار واللعب في نواد أوروبية عريقة مثل نادي فاينورد في روتردام ونادي برشلونة الاسباني. فيلم وثائقي قصير يؤكد أن الرياضة عامة وكرة القدم على وجه الخصوص، تجعل الموهوبين فوق كل الاعتبارات، الموهبة قبل اللون والدين والملة.
باب السماح هو الفيلم الثالث في الافتتاح للتونسي فرانشيسكو سبيرانديو. روائي قصير يروي بشكل مكثف قصة مهاجر تونسي في إيطاليا حمل إلى بلد المهجر قصة حب لم تفارقه، وقرر في لحظة حرجة العودة إلى بلاده والوقوف على أطلال حبيبته وطلب المغفرة منها على باب الصحراء لضعفه وتخليه عن ذلك الحب العنيف. عمل يجمع بين العمق الإنساني وقوة التشكيل البصري.
آخر أفلام الافتتاح فيلم quot;المشروعquot; للمخرج التونسي محمد علي النهدي. أثار هذا الفيلم الوثائقي القصير في تونس وخارجها جدلاً كبيرًا بسبب جرأته في معالجة قضايا مسكوت عنها يتعلق بعضها بالضياع الذي يتهدد مشاعر الأجيال الشابة التي فقدت الأمل في المستقبل وتلهث في اتجاهات عديدة لا تدري إلى أين وبعضها الآخر في بيروقراطية الإدارات الحكومية التي أقعدها جمود العقليات على الإحساس بما يختلج في نفوس في الشبان والشابات.

رسائل من الجنة وذاكرة امرأة
يقدم المخرجان دانيالا سواروفسكي وصومائيل شيلكه مصر / النمسا في فيلم quot;رسائل من الجنةquot; قصة الأوهام التي تعتري عقول الشباب في مصر والدوللقطة من فيلم ذاكرة امرأةالعربية حيال العيش في أوروبا باعتبارها الجنة الموعودة من خلال إجراء مقابلات متوازية بين حالمين بالهجرة في مصر ومصريين يقيمون في النمسا ويكشفون عن الهوة الموجودة بين ما كانوا يتوقعونه من العيش هناك وما حصدوه في أرض الواقع. قصة تتكرر كل يوم على شواطئ بوابات أوروبا والموت الدامي يحصد يوميًا أرواح هؤلاء المتوهمين القادمين بمراكب رخوة في البحر الغريب بتصميم على معانقة الفردوس المتخيل.
اما في فيلم quot;ذاكرة امرأةquot; للمخرج التونسي سعد الوسلاتي فيناقش امرأة تونسية يهودية من أصول إيطالية اعتنقت الإسلام وتزوجت بأحد أنصار الزعيم التونسي صالح بن يوسف وأنجبت منه محمد دافيد الذي يتمزق داخليًا إلى اليوم بين بيئة محافظةلا تزال تحاسبه دون ذنب ارتكبه على أصول أمه وأب لم يمارس أبوته تجاهه. وثائقي يغوص بطريقة إنسانية في أعماق امرأة قررت السباحة عكس التيار والتشبث ببلدها الذي ولدت فيه فما قدرت حق قدرها ولقيت جزاء سنمار.

كل ما تريده لولا
كل ما تريده لولا هو آخر أفلام المخرج المغربي الكبير نبيل عيوش. يروي الفيلم قصة لولا الشابة الأميركية المولعة بالرقص الشرقي حد الجنون. هي تعيش في نيويورك وتعمل بالبريد ولكنها تقع في غرام الشاب المصري زكرياء حيث تستفيق ذات صباح وتجد أن الحبيب قد فارقها إلى بلاده الأصلية فتقرر فجأة الالتحاق به. لكنها لا تجد منه إلا الصد والنكران فتغير وجهتها إلى حبها الأكبر الرقص وتفلح بعد جهد ومساعدة راقصة مشهورة معتزلة في أن تتحول في فترة وجيزة إلى نجمة. معالجة سينمائية رائعة من نبيل عيوش لموضوع الحوار بين الغرب والشرق على قاعدة الفن أو بالأحرى قاعدة المحبة والإنسانية التي تتجاوز كل أنواع العداء والتفرقة العنصرية إلى ما هو أنفع وأمتع للبشر أجمعين.

كازانيغرا
يكرس نور الدين الخماري نفسه بهذا الفيلم كواحد من أهم المخرجين المغاربة الواعدين الملتصقين بهموم مدنهم ووطنهم والمدافعين عن حقوق الأجيال الجديدة في الحلم بغد أفضل. شابان من الدار البيضاء في العشرينات يكافح كل واحد منهما في طريق أحدهما متمسك بأهداب الوطن والثاني عقله معلق بالحلم الاسكندينافي. تجمعهما الصداقة والعشرة وشهامة أبناء البلد وتفرقهما أحيانًا مصالح صغيرة تافهة وخصومات يبثها بين الفينة والأخرى المفسدون في الأرض أولئك الذين حولوا البيضاء quot;بلانكاquot; إلى سوداء quot;نيجراquot; وحولوا أحلام الشباب في المغرب الجديد إلى كوابيس مرعبة.