إلى جمال حيدر في الحديقة ِ طارَ بيَ المقعدُ الخشبيّ ُ وحط ّ على النافذة .... أنظرُ الآن صحراءنا وأقارنُ بين الحديقة ِ والدم ِ ، هذا المطرْ ساعة ً منه ثمّ يغردُ عشبُ الحديقة ِ والحبّ فوق المقاعد ِ ..... مابالُ تلك الدماء ِ تسيلُ على الأرض ِ في كلّ يوم ٍ ومازال قلبُ البلاد ِ حجرْ .. في الحديقة طار بيَ المقعدُ الخشبيّ ُ وحط ّ على لغتي ليتهُ كان أبعدَ كي أتبينَ صوتي وأبحث عن وصف ِ ما أنا فيه ِ وما أنا ليلَ نهارَ أحنّ إليه ِ وأبعدُ من أمنية ................ في الحديقة طار بيَ المقعدُ الخشبيّ وحط ّ على جمر ِ روحي ، احترقتُ وكان اللهيبُ يضيءُ المسافة َ بين بلادي وبيني انا الآن تحت المطرْ كم يبللني من جميع الجهات ِ ولم أنطفيء ْ .... في الحديقة ِ قلتُ له ياصديقي تعبتُ من السير ِ واهترأت قدمايَ فيضحكُ: لم نبلغ ِ الجسرَ بعد قليل ٍ سنرتاحُ هذا القليل الذي صار ملءَ المطارات ِ بين أثينا ولندنَ ، بين بحار ٍ مخضبة ٍ بالدموع ِ وأشرعةٍ لرحيل ٍ جديد حين لم نعبر الجسرَ حين مضى العمرُ في طرقات السدى في الحديقة ِ كان المساءُ كعادته ِ والمسافاتُ نائمة ٌ في كوى الذاكرة تتفتحُ كلّ النوافذ ِ في الرأس ِ من دون سابقة ٍ لأرى كلّ شيء ٍ هنا الآن في هذه اللحظة ِ الطائرة تصعد السنواتُ ، الوجوهُ ، الأغاني ، الشوارعُ واللغة الخاسرة ... هكذا فجأة ً فجأة ً .... في الحديقة ِ بردٌ وعكازتان وصوتٌ خفوتْ مثلما ينسجُ العنكبوتْ نحن نحيا هنا في البلاد ِ البعيدة ِ لكننا لا نشمّ آجُرّ البيوتْ لانرى لغة الناس ِ لا نسمع الشجرَ الظلّ لانستريح إليه ِ ولا نتحدث غيرَ السكوتْ وليس لنا حاضرٌ في المكان فهذا المدى كله بطن حوتْ قلتُ نحيا ؟ حسنا ، لا أريدُ زيادة َ أحزانكم .. نحن في كلّ يوم ٍ نموتْ ...
وما هو أقربُ من أغنية
حين لم تنفتح باب جنتنا
لايدل علينا وجودٌ
لندن
صيف 2007
- آخر تحديث :
التعليقات