منير بولعيش من طنجة: عن منشورات مرسم صدرت مؤخرا الترجمة العربية لمجموعة من المقالات الصحفية (16 مقالة) للكاتب و الروائي الإسباني الكبير: خوان غويتيسولو (1931 ــ...) معنونة ب(حدود زجاجية)، الترجمةأعدها باقتدار كبير كل من (نبيل دريوش و العربي الحارثي) و هي مقسمة إلى ثلاثة فصول مركزية:
1 ـ عالم ما بعد انهيار برجي التجارة
2 ـ حدود زجاجية
3 ـ نزيف في الشرق الأوسط
و كل فصل من هذه الفصول تحوي مجموعة من المقالات التي تربط بينها مجموعة من المضامين و وجهات النظر الإنسانية التي يعبر عنها بعين العارف و الرائي: (خوان غويتيسولو).

عالم ما بعد انهيار برجي التجار:

في هذا الفصل و المتكون من تسع مقالات يناقش فيه الكاتب أحداث 11 سبتمبر و تجلياتها و نتائجها السلبية التي طالت البشرية ككل و يطرح مجموعة من الأسئلة حول طبيعة و ماهية العالم بعد سقوط برجي التجارة العالمية بنيويورك و يوجه أصابع الإتهام و بشدة إلى السياسة الأمريكية التي ينهجها بوش الإبن خاصة في الشرق الأوسط و التي كانت هذه الأحداث أحد تجلياتها، كما يناقش في هذا الفصل كارثة الغزو البربري للعراق و تعليلات بوش في خوض حربه البتروــ صليبية و سياسة التبعية التي كانت تتبعها الحكومة الإسبانية السابقة برئاسة خوسي ماريا أثنار و أحداث 11 مارس الإرهابية بمدريد و الكثير من الكوارث الإنسانية و البؤر المشتعلة عبر المعمور: ( لقد خلف القرن الذي تركناه وراء ظهورنا مسلمة تكمن في أن الإنتصارات الصغيرة للعقل، ألغيت بسهولة من طرف اللاعقل الذي يجسده المتعصبون الدينيون و غلاة القومية و الدم و التوتاليتارية الإيديولوجية و الأصولية التقنوـ علمية)ص73

حدود زجاجية:

أما في الفصل الثاني من هذا الكتاب و المكون من أربع مقالات فيعالج فيها الكاتب الإسباني مشاكل الهجرة و الوضعية المزرية للمهاجرين خاصة المغاربيين و الأفارقة المنحدرين من جنوب الصحراء في بلده الأم أسبانيا خاصة تلك الأحداث المؤسفة في إل خيدو حيث وجه غويتيسولو سيلا من الإنتقادات للحكومات الإسبانية المتعاقبة و حاول في هذا السياق أن يخض الذاكرة الإسبانية و يعيدها إلى الوراء قليلا خاصة إلى مرحلة ما قبل النمو الإقتصادي و التي كان فيها الإسبان آنذاك، شعبا من المهاجرين في فرنسا و بلجيكا و ألمانيا و سويسرا التي كانت في حاجة حينها إلى الكثير من السواعد القوية.
كما يقف خوان غويتيسولو و في نفس الإطار أمام انتفاضة أبناء المهاجرين المغاربيين المقيمين في باريس و التي كانت بسبب حالات العطالة و التهميش و الميز العنصري الذي يتعرضون له:( في مجتمعنا الفرجوي المشوب بالصراع يمكننا الإنتقال بآلة التحكم عن بعد من مشهد السياج المزركش بخرق من ثياب المهاجرين إلى مشهد آلاف السيارات المشتعلة نارا في ضواحي المدن الفرنسية دون أن يكلف أي طرف في العالم السياسي نفسه عناء القيام بتشخيص عادل للضرر الذي يجتاح عالمنا ) ص135

نزيف في الشرق الأوسط:

أما في الفصل الثالث و الأخير من الكتاب و الذي يحوي ثلاث مقالات، فقد تطرق فيه غويتيسولو إلى أزمة الشرق الأوسط و خاصة الصراع العربي / الإسرائيلي و قد ظل فيها و كما هو معروف عنه متشبثا بأفكاره التي يدافع فيها عن الأقليات و الشعوب المضطهدة، حيث قرب لنا غويتيسولو في مقالات هذا الفصل بعينه الراصدة و عمقه في التحليل الحالة المأساوية التي يعيشها الشعب الفلسطيني الرازح تحت سياسات القهر و الإخضاع و التفقير و التشتيت من طرف الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة من اليسار و اليمين.
كما نجد في هذا الفصل مقالة معنونة ب(مثالية إدوارد سعيد) و قد حاول فيها الكاتب الإسباني طرح أفكار إدوارد سعيد المتعلقة بالقضية الفلسطينية و بعد وجهة نظره فيما يخص هذه المسألة:( إذا كان بعض القراء يرون في المشهد الذي خط معالمه إدوارد سعيد في مقالاته عن غزة و أريحا سقوطا في خطيئة التشاؤم المفرط فإن الأحداث التي تعاقبت بعد ذلك تكفلت بترجيح كفته)ص154
يقع الكتاب في 159 من القطع المتوسط.