إلى كل أصدقائي العراقيين الذين راسلوني من أطراف العالم،
يحنون إلى الفردوس المفقود!


وكتبت لي، يا صديقي
من العراق، تقول لي:
- أكتب إليك من بغداد، وحيدا حزينا
مات أهلي وخلاني!
فكيف تحن إلى العراق
يا طريد جناتها وثراها الأمجد؟
فقد جعلناها كربلاء حاضرنا الأسود!

- يا صديقي، هل قبلتَ ثرى العراق ِ،
قبل أن تكتب لي من بغداد،
يا أخي يا عراقي؟
فأنا ما أن قرأتُ اسمها
حتى سرت رعشة في كياني
وعصف الدمع في عيوني!
بربك كيف تحزن في جنة روحي وحنيني
وأنا كنت في صباها
أضم إلى صدري، قبيل الصبح
أمواج دجلة وعطر ليلاها
وأقبل من بغداد فاها،
وهل تدري
كيف كانت ترفّ عليّ نخيلُ العراق؟
كما quot;رفــّتْ قرون ليلىquot;
على المجنون في هواها
quot;رفيفَ الأقحوانة في نداهاquot;؟
وكيف لا أحن الى العراق
ومياه انهارها في دمي، مجراها!
فأنا ابن بابل، من سبي أورشليم،
بابلي، عراقي الآباء والأجداد
وثراها من أجداث أجدادك وأجدادي
بربك خفـّفِ الوطء، ولا تجعل ثراها
مجرى للدماء والدموع ِ،
قـَبـِّـلْ ثراها بخشوع ِ
وأعد للعراق تاج الشرق وتاج الرشيد
وأنر منارة المجد التليد.
تركتُ العراقَ وأمجادَها لكَ وديعة
فلا تخرب يا صديقي ما بنينا!
فالعراق اليوم عندي
قبل رحيل العمر،
كأسي وراحي ومبكى شجوني!
أسلـّي بها حشاشة روحي وحنيني،
قبيل الرحيل ِ
وابك ِ يا صديقي، فهيهات التلاقي!
فما بعدَ العشية ِ عودة ٌ للعراق!

مبشرة أورشليم، 11/2/2008