كواليرا التسييس لدى المثقف العربي
فهد الشقيران من الرياض:
هاني نسيرة:
-الكثير ممن ينتسبون لليبرالية ليسوا ليبراليين حقيقة، بل متزينين بزينتها فقط.
-الاستفادة من مناهج التفكير الفلسفي والمعرفي في فهم الظاهرة الأصولية لا زالت بحاجة لكثير من التمكين.
-الحركة الفلسفية المصرية أقوى من الحركة الفلسفية في المغرب.
-المثقف المصري يعاني من quot;كوليرا التسييسquot;.
لم يتجاوز طرح الفلسفة عربياً دائرة التجاور أو التنافي مع الدين، وهو تعبير عن خلل ثقافي عميق، يدل عليه دوران الأخطاء الدائم وهذا هو مكمن الخلل الجذري في التركيبة الذهنية للإنسان العربي. وبعد أن انشغل العرب لفترة طويلة بتحميل السياسيين كل آلامهم، برز الطرح الجديد ابتداء من منتصف الخمسينات الميلادية، عبر نقد quot;الثقافةquot; وذلك بعد الانفتاح العربي على القارة الأوربية، وإذ يبرز النقد الثقافي الآن ويزاحم الحمولة الكتابية التي تجرم السياسي لوحده وتحمله مسؤولية الخراب، فإننا نجد الكثير من الإنتاج الفلسفي والثقافي يحيل دوماً إلى مشكلات أساسية في quot;التفكيرquot;، وهي ليست مشكلات ثقافية لدى المجتمع، وإنما مشكلات ثقافية لدى المثقف العربي نفسه، وهي المحاور التي ضمّنْتُها أسئلتي للباحث المصري هاني نسيرة أكاديمي في الفلسفة، ومدير وحدة الأبحاث بمركز المسبار للدراسات والبحوث في دبي.
-في فصل من كتابك quot;محمود عزمي، رائد حقوق الإنسان في مصرquot; كتبت فصلاً جميلاً بعنوان quot;فجوات الذاكرة، التواصل والانقطاعquot; تطرقت من خلاله لملاحظات على الليبرالية المصرية الأولى، مالذي تغير في مسيرة الليبرالية المصرية، ثقافة وصحافة؟
الحديث يطول في أزمة الليبرالية المعاصرة ولكن ساكتفي بثلاثة عوامل، اثنان منها سلبيان والآخير إيجابي، وهي كما يلي:
أولها: يتمثل في غلبة وأخذ التيارات الأيديولوجية الأخرى مساحاتها وفاعليتها في العقود الأولى من النهضة، وكذلك بقاء نفس التهم بالعمالة وأنها ضد الاحلام الأممية أو الدينية لشعوبها، وهو ما يضعها في مأزق نتيجة صراع الأصوليات السائد عالميا والهويات المتفجرة وطنيا وإقليميا، وهو المخاض المناسب- وكذلك النتاج الطبيعي لمثل هذه الخطابات التي تصر على لغة المواجهة مع الخارج ونقده أكثر من منطق النقد الذاتي والإصلاح الداخلي.
وهو ما قد ساعد في تغييب المنابر الليبرالية الجادة التي تستعيد منارات مهمة للفكر المستنير عرفناها فيما سبق، مثل الجامعة لفرح انطون والمنار في مرحلتها الأولى، ومجلة الموسوعات لأحمد حافظ عوض وجريدة الجريدة لأحمد لطفي السيد، فالآن قد تجهد نفسك كثيرا حتى تحكم على جريدة ما أو قناة إعلامية ما أنها ليبرالية، أم لا لكن قد تسهل الأوصاف الايديولوجية الأخرى في أغلب الأحيان.. فالإعلام سلعة وسوقها صار أيديولوجيا وشعبويا في أحيان كثيرة، يدور مع معيار الإثارة أكثر مما يدور مع عملية الوعي..
ثانيا: ما اسميه الاشتباه الليبرالي: فكثير ممن ينتسبون لليبرالية ليسوا ليبراليين حقيقة، بل متزينين بزينتها فقط، فبعض منهم ليس أكثر من كتاب وظيفيين وبراجماتيين يكتبون حسب الطلب، ولكن لأن الليبرالية نسبية ومفتوحة عكس الايديولوجيات الأخرى، يسهل أن ينتسب اليها، ولكن كيف يكون ليبراليا من لا يسكنه عشق الحرية واحترام حق الاختلاف وحق الاعترف، كيف يكون ليبراليا من لا يكون ديمقراطيا، وأذكر ان الراحل الجليل أحمد الربعي رحمه الله كتب يوما أن الليبرالية هي الحب، كما اذكر أن عبد العزيز باشا فهمي ( أبو دستور سنة 1923 اكثر دساتير مصر ليبرالية وأكثر من وقف مع طه حسين في معركة في الشعر الجاهلي كما شهد الأخير في تابينه في مجمع اللغة العربية) رفض أن يمارس أي تعنت أو تعسف مع حسن البنا بالموافقة على نقله للتدريس لأسيوط بعيدا عن القاهرة، كما كان صاحب اوقاف مشهورة، في قريته كفر المصيلحة، قرية الرئيس الحالي محمد حسني مبارك لتعليم الفقراء ومعونة المعوزين، حتى لم يكن في هذه القرية جاهل أو أمي واحد سنة 1951 عام وفاته كما ذكرت مجلة المصور حينئذ..
أما الملمح الإيجابي فهو إعادة مركزة منظومة الحريات الليبرالية في الوعي والخطاب العربي المعاصر، ورفض القاموس الانغلاقي الفكري والسياسي، عبر تأكيد قيم المواطنة والحوار ونبذ العنف، وهو ما تجلى في سياق العولمة وواقع ما بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر وسقوط بغداد، الذين مثلا فاصلا عربيا مهما، هو جحين اليوتوبيا العربية المعاصرة، بما أوصلتنا اليه من حيث تدري او لا تدري، وصعدت تيارت كالليبراليين الجدد، الذي لاينكر دور إيلاف في رعايتهم والتمكين لهم، والإسلاميين الليبراليين والإسلاميين الديمقراطيين، وصعود فضاء من التدوين الإنترنتي ليس سوى مساحات للبوح والتعبير والدعوة للتغيير أحيانا.. كل هذا وغيره ساعد على هذه الاستعادة لمتن الحريات في الوعي العربي المعاصر.
الحديث يطول في أزمة الليبرالية المعاصرة ولكن ساكتفي بثلاثة عوامل، اثنان منها سلبيان والآخير إيجابي، وهي كما يلي:
أولها: يتمثل في غلبة وأخذ التيارات الأيديولوجية الأخرى مساحاتها وفاعليتها في العقود الأولى من النهضة، وكذلك بقاء نفس التهم بالعمالة وأنها ضد الاحلام الأممية أو الدينية لشعوبها، وهو ما يضعها في مأزق نتيجة صراع الأصوليات السائد عالميا والهويات المتفجرة وطنيا وإقليميا، وهو المخاض المناسب- وكذلك النتاج الطبيعي لمثل هذه الخطابات التي تصر على لغة المواجهة مع الخارج ونقده أكثر من منطق النقد الذاتي والإصلاح الداخلي.
وهو ما قد ساعد في تغييب المنابر الليبرالية الجادة التي تستعيد منارات مهمة للفكر المستنير عرفناها فيما سبق، مثل الجامعة لفرح انطون والمنار في مرحلتها الأولى، ومجلة الموسوعات لأحمد حافظ عوض وجريدة الجريدة لأحمد لطفي السيد، فالآن قد تجهد نفسك كثيرا حتى تحكم على جريدة ما أو قناة إعلامية ما أنها ليبرالية، أم لا لكن قد تسهل الأوصاف الايديولوجية الأخرى في أغلب الأحيان.. فالإعلام سلعة وسوقها صار أيديولوجيا وشعبويا في أحيان كثيرة، يدور مع معيار الإثارة أكثر مما يدور مع عملية الوعي..
ثانيا: ما اسميه الاشتباه الليبرالي: فكثير ممن ينتسبون لليبرالية ليسوا ليبراليين حقيقة، بل متزينين بزينتها فقط، فبعض منهم ليس أكثر من كتاب وظيفيين وبراجماتيين يكتبون حسب الطلب، ولكن لأن الليبرالية نسبية ومفتوحة عكس الايديولوجيات الأخرى، يسهل أن ينتسب اليها، ولكن كيف يكون ليبراليا من لا يسكنه عشق الحرية واحترام حق الاختلاف وحق الاعترف، كيف يكون ليبراليا من لا يكون ديمقراطيا، وأذكر ان الراحل الجليل أحمد الربعي رحمه الله كتب يوما أن الليبرالية هي الحب، كما اذكر أن عبد العزيز باشا فهمي ( أبو دستور سنة 1923 اكثر دساتير مصر ليبرالية وأكثر من وقف مع طه حسين في معركة في الشعر الجاهلي كما شهد الأخير في تابينه في مجمع اللغة العربية) رفض أن يمارس أي تعنت أو تعسف مع حسن البنا بالموافقة على نقله للتدريس لأسيوط بعيدا عن القاهرة، كما كان صاحب اوقاف مشهورة، في قريته كفر المصيلحة، قرية الرئيس الحالي محمد حسني مبارك لتعليم الفقراء ومعونة المعوزين، حتى لم يكن في هذه القرية جاهل أو أمي واحد سنة 1951 عام وفاته كما ذكرت مجلة المصور حينئذ..
أما الملمح الإيجابي فهو إعادة مركزة منظومة الحريات الليبرالية في الوعي والخطاب العربي المعاصر، ورفض القاموس الانغلاقي الفكري والسياسي، عبر تأكيد قيم المواطنة والحوار ونبذ العنف، وهو ما تجلى في سياق العولمة وواقع ما بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر وسقوط بغداد، الذين مثلا فاصلا عربيا مهما، هو جحين اليوتوبيا العربية المعاصرة، بما أوصلتنا اليه من حيث تدري او لا تدري، وصعدت تيارت كالليبراليين الجدد، الذي لاينكر دور إيلاف في رعايتهم والتمكين لهم، والإسلاميين الليبراليين والإسلاميين الديمقراطيين، وصعود فضاء من التدوين الإنترنتي ليس سوى مساحات للبوح والتعبير والدعوة للتغيير أحيانا.. كل هذا وغيره ساعد على هذه الاستعادة لمتن الحريات في الوعي العربي المعاصر.
-أنت أكاديمي في الفلسفة من جهة، وتعمل مديراً لوحدة الأبحاث في مركز المسبار للدراسات والبحوث، كيف تضيف بحوثك عن الدراسات الإسلامية لاهتماماتك في المجالات الفلسفية؟
أخي فهد إن الفلسفة لم تكن أصلا، ولم يعد مقبولا، أن تظل معلقة بين السماء والارض، وظني أن غياب الأبعاد المعرفية في دراسة أي ظاهرة اجتماعية أزمة لا يمكن فهم الأصولية بدونها. من هنا أستخدم أدواتي الفلسفية في قراءة ظاهرة الحركات الإسلامية، عبر الكشف عن المنطق الأصولي وخريطته المعرفية وأدواته الفكرية، وحسب خبرتي التي زكاها هذا المركز الجاد الذي أعمل فيه، فأظن أن المنهج الفلسفي والمدخل المعرفي يعد اهم المداخل في معالجة ونقد الظاهرة الأصولية عبر تفكيكها، أما من تعوزهم أدوات التفلسف ومناهج النقد في قراءة هذه الظاهرة، فهم ليسوا سوى إخباريين، يروون الخبر دون ان يكشفوا عن جوهره وبنيته الكامنة.. ولكن تظل المتابعة الخبرية للحركات الأصولية مهمة ولكنها كمرحلة جمع المعلومات في المنهج العلمي لا تكفي وحدها!! وظني أن الاستفادة من مناهج التفكير الفلسفي والمعرفي في فهم الظاهرة الأصولية لا زالت بحاجة لكثير من التمكين والانتشار في فضائنا العربي بعيدا عن لغة الخبر والوصفي فقط..
-الفيلسوف الألماني يورغن هابرماس رأى في الأحداث الإرهابية سياقات فلسفية، فهو وصف حادث 11 سبتمبر بأنه نوع من quot;العطب في التواصلquot; هل الحركات الإسلامية تعبر عن انعكاس لأعطال فلسفية؟
بكل تأكيد..فالأصولية العنفية تعبر عن أزمة تواصل وسوء فهم، وعطب عقلي أنتج صداماً مع حركة التاريخ، فالأصولي لم يفهم النص الديني ولا نص الواقع، بل دعني اقول- وبصراحة أسفة- أن الاصوليات الكبرى في عالمنا العربي والإسلامي، تفتقد المنهج والتأسيس الفكري والفلسفي منذ البداية، وبدأت في الغالب بشعارات تاريخية كبيرة ولكن دون ادبيات بحجمها.
ولم تتبلور لها أدبيات فيما بعد، لم يتم ذلك إلا في أتون الممارسة، كخطاب تعاليمي لجماهيرها( شأن الإخوان المسلمين- التعاليم- مذكرات الدعوة والداعية- الرسائل لحسن البنا) والبعض الآخر تم أثناء فترة السجن( سيد قطب في الظلال والجماعة الإسلامية في مصر في حتمية المواجهة وميثاق العمل الإسلامي) وتظل هذه الأفكار محلا للتساؤل فتاتي تطورات الإخوان ومراجعات الجماعة وأشكال جديدة من الإسلامية كحزب العدالة والتنمية التركي أو حزب العدالة والتنمية المغربي، لا شك انها تفارق أدبياتها الأولى مفارقة كبيرة، مما جعل كثير من الإسلاميين يعتبرونها خارجة عن النسق الأصولي المعروف والمعتاد، ولكن لم يضيفوا أنه بدون شعاراته الكبرى قد يكون لا شئ!! فليس منظومة محكمة البنية شأن الأيديولوجيات الأخرى، كما لم يتم التفريق داخله بين التأسيسي والتاريخي وبين المركزي والعارض.
-تحدثنا مرة عن quot;عبد الرحمن بدويquot; وكيف كان يملأ المكتبة الفلسفية العربية، هل تراجعت البحوث الفلسفية المصرية لصالح المغرب العربي؟
أخي العزيز لست اميل للتقسيم الجغرافي والقطري، حين الحديث عن الثقافة والفلسفة العربية، فلسنا نتحدث عن دخل قومي أو مستوى اقتصادي، فالكتابة الجيدة والإبداع المتميز فوق الحدود، وظني- مع تقديري لمن يرونه- أنه تقسيم مفتعل.. ولكن بخصوص بدوي فقد كان حالة خاصة، مشروعا موسوعيا تقوم به المؤسسات وقد تنوء به العصبة أولو القوة، اهتم فيه بعد عقد من بدايته بالنقل والترجمة بعد أن بشر به مشروعا فلسفيا بالأساس أما حالة البحث الفلسفي في مصر الآن فهو بخير، وهناك كثير من الكفاءات المبشرة والجادة، ولكن السياسة الثقافية في مصر هي المازومة في رأيي، فكثير من الباحثين في الفلسفة تعوزهم منابر النشر، وتعوزهم الرعاية..
أما أن هناك فارقا لصالح المغرب فأنا أتحفظ فإذا نظرنا إلى المغرب لن نجد سوى أسماء قليلة يمكن وصفها بالمتفلسفة، قد لا تتجاوز بحال أصابع اليدين، وهم من أجيال كبيرة وليست وسيطة او صغيرة، يوازيها ويطاولها كتل شبيهة في بلدان أخرى، ولكن الباقي ممن ينتسبون للتفلسف بعد ذلك شأنهم شأن غيرهم، مجرد دارسين للفلسفة دون أن يمارسوا إبداعا فلسفيا، بل إن كثيرا من الاسماء الفلسفية الكبيرة في المغرب تشرف على نهايتها، وتجتر كثيرا مما سبقت إليه، ووفق هذا المعيار فإن الصالح لو اردنا الدقة لن يكون للمغرب، قد يكون للبنان أو العراق أو يعود لمصر أو سوريا ولكن ليس للمغرب..
- سارتر، بول ريكور، جاك دريدا، يورغن هابرماس، زاروا مصر، لكن جاك دريدا لمز quot;قراءة المثقف المصريquot; حينما ضاق ذرعاً بالأسئلة المكررة وهتف بالمفكرين والمثقفين الحاضرين قائلاً quot;رجاءً أعيدوا قراءة كتبيquot; هل من خطب quot;ثقافيquot; جذري؟
صحيح تحفظ دريدا هذا وظني ان مرجعه يكمن في quot; كوليرا التسييسquot; في العالم العربي الآن، وهي أوضح ما تكون في مصر، والتسييس شقيق الخطابة والتكرار، وضد النقد الجذري، لذا أدعو لإعادة الفصل بين المعرفي من جهة وبين السياسي من جهة اخرى، أو عدم تغلب الثاني دائما..
من العجب أنه صار صعبا على مثقف عربي أو مصري الآن أن يتكلم في حوار الحضارات أو صدامها دون أن يلح على جورج بوش المنتهية ولايته فعليا، وهانتيجتون ودانييل بايبز ووفاء سلطان وأن يبكي صدام حسين حتى لوكان من شانئيه السابقين..
لقد نسي المثقف العربي أن وظيفته ليست هي الوقوف على الأطلال شأن الشاعر القديم، ولكن وظيفته بالأساس هي إحداث نقلات نوعية في عالم الأفكار.. النزول من الهيولي إلى الماهية، النزول من الينبغيات إلى المسائل الماثلة بتعبير ليوتار..
-بينما تطرح في فرنسا فكرة quot;نهاية الفلسفةquot; بعد الصدمات العلمية، تطرح في العالم العربي ضرورة quot;بداية الفلسفةquot; مفارقة أليس كذلك؟
هذا مناسب لمنطق النهايات السائد في عالم ما بعد الحداثة، وهو منطق لا يقصد به نهاية الفلسفة كفعل فلسفي، ولكن كفعل وصاية ومقولات حاسمة، بمعنى نهاية الحسم العقلي، والمقولات الايديولوجية الكبرى، من أجل مزيد من النسبية اللانهائية وانفتاح الدلالات، ولكن علينا أن نعي أن تيار النهايات لا زال تيارا هامشيا في الجسد الثقافي الغربي وليس تيار غالبا، وظني لن يغلب، لأنه ينطلق من منطق نهاية اللانهاية، فلا بد أن تستقر في النهاية حقيقة عقلانية ما، ولكن ليس للأبد.
أما نحن في العالم العربي فلا زلنا نصارع من أجل الحداثة منذ مائتي عام، ولم نتجاوزها بعد، فبداية الفلسفة عندنا هي دعوة لإحياء التفكير العقلي بعيدا عن التفكير التقديسي الكلي الديني أو الأيديولوجي، في فضاء نسبي وتاريخاني، كان و لا زال يقف من الفلسفة والعقلانية موقفا متهما ومشتبها!
-الفلسفة والدين، تقابل quot;الزندقة، والإيمانquot; على قاعدة من تمنطق تزندق، لأن الفلسفة تجب الإجابات القديمة، وتضع إجابات أخرى ذات نزيف سؤالي، لماذا لا نشهد حوارات بين الباحثين في الفلسفة وبين علماء الدين عربياً، على غرار الحوار الشهير بين البابا الحالي حينما كان كاردينالاً وبين quot;يورغن هابرماسquot; هل الفلسفة سيئة السمعة؟
الفلسفة ليست سيئة السمعة.. ولكن هناك أزمة في الفكر الديني السائد عندنا الآن، الذي يسير في كبوات متتالية للإصلاح، لم يعد لدينا محمد عبده كي يراسل تولستوي ولا كي يرثي شبلي شميل بعد أن طردته الكنيسة ولا جمال الدين الأفغاني كي يصادق أديب إسحاق ويرافقه الأخير فترة غير قليلة.
وليس لدينا محمد فريد وجدي كي يكتبquot; لماذا أنا مؤمنquot; رادا على إسماعيل أدهم وبحثهquot; لماذا أنا ملحد؟quot; فالثقافة غير الثقافة والرجال غير الرجال والنفوس غير النفوس.. اللهم إلا رجلا فهم حوار النبي محمد صلي الله عليه وسلم مع نصارى نجران في قصة المباهلة الشهيرة كما ترويها كتب الحديث، أو موقفه من قوم طئ حين اتوه أسرى فأطلق سراحهم إكراما لحاتم!!
وهؤلاء يا سيدي لا زالوا كما أظن قليلون.
التعليقات