..... بالذكرى الـ50 لتأسيس اتحادهم

عبد الجبار العتابي من بغداد: احتفل الادباء العراقيون (الخميس/ السابع من ايار / يونيو) باليوبيل الذهبي لتأسيس اتحادهم، الذي اصبح عمره خمسين عاما، لكنهم لم يروه الا شابا راح يتهادي بينهم بحيويته وروعة (ادبه) الجم ومهارته في خلق صور ابداعية متجددة، كانت صورة الجواهري الكبير واضحة على الملصق، كمؤسس لهذا الاتحاد ورئيسه، والذي قابلها شعار الاتحاد، وحمل الملصق عنوان (50 عاما من الابداع والمهنية)، ابتدأ الاحتفال الذهبي في قاعة جمعية المهندسين وانتهى في مبنى الاتحاد، على امتداد ساعات من الصباح الى العصر، حضره جمع غفير من الادباء والاعلاميين، وكان الحفل مميزا بفقراته وقد تخللها الغناء والشعر وراحت باقات الورد والتهاني تترامى على المنصة، بعض يزجي التهنئة لبعض مثلما الاسماء العديد التي راحت تترى في الاستذكار والتي تكللت بعطر تلك الورود وزهو الحضور، كما قدمت خلال الاحتفالية اوسمة الاتحاد الى نخبة من كبار الادباء وهو: الجواهري، محمد صالح بحر العلوم، د. مهدي المخزومي، د. صلاح خالص، د، عبدالله كوران، رفيق حلمي، د. مصطفى جواد، د. علي جواد الطاهر، عبد الملك النوري، لميعة عباس عمارة، د. شاكر خصبلك، عبد الوهاب البياتي، عبد المجيد الونداوي وعبد الكريم الدجيلي.

ولكن اللافت في الاحتفالية هو غياب لوزارة الثقافة التي يبدو ان القطيعة بينها وبين الاتحاد ما زالت متواصلة، كما غابت عنه وجوه عديدة كنا نراها في اصبوحات الاتحاد، مثلما حضرت وجوه لم نكن نراها هناك الا نادرا، فيما غاب ادباء المحافظات ما عدا ادباء ديالى الذين تواجدوا باكبر عدد.

ارتقى المنصة اولا الشاعر ابراهيم الخياط ليقول: في مثل هذا اليوم المبارك حضر بشار والمتنبي والشريفان ودعبل وصفي الدين الحلي والحبوبي والسيد الحلي والبصير ومحود احمد السيد، في مثل هذا اليوم المبارك حضر العراق بكل ثقله الحضاري والثقافي وصدح صوت رمز العراق الجواهري وانبثق اتحاد الادباء العراقيين بعد اشهر معدودات من سطوع شمس الرابع عشر من تموز 1958، مبارك انت يا اتحاد الادباء، ومجيد يا قرين دجلة والفرات، يا لون وطعم وعطر العراق:

(كم هزّ دوحك من قزم يطاوله
فلم ينله، ولم تقصر ولم يطل )

بعد ذلك القيت كلمات بالمناسبة بدأها فاضل ثامر رئيس اتحاد الادباء والكتاب، اشاد فيها بدور السابقين من كبار الثقافة العراقية الذين اثمرت جهودهم عن بناء هذا الصرح الشامخ، كما اشاد بدور الاتحاد والادباء العراقيين على مختلف الازمنة ونضالهم المجيد من اجل الكلمة المبدعة، وحرية الرأي والتعبير، مباركا للجميع احتفالهم باليوبيل الذهبي ومؤكدا على ان هذا اليوم له ميزة خاصة في تاريخ الفكر والادب في العراق حيث انبثقت فيه المؤسسة الثقافية الكبرى في تاريخنا المعاصر، ثم القى الشاعر عمر السراي كلمة نادي الشعر التي قال فيها ):ليس مصادفة ان يكون اليوبيل الذهبي للاتحاد يوبيلا مكللا بقطرات مطر الشعر، وهنا اقف لكي اقول بأن قلب الاتحاد العام للادباء والكتاب في العراق قد صنع من طين الكلمات فسحة من الصفاء والامل والقصائد ليكون نادي الشعر هذا الفضاء الشاسع من الاصرار والتحدي والجذب اليانع عطرا )، ثم القت القاصة ايناس البدران كلمة منتدى نازك الملائكة قالت فيها: (ان اتحاد الادباء اصبح الدعامة الاساسية في حركة الادب والثقافة في العراق والخيمة التي تجمع المبدعين من اصحاب الاقلام التيرة وليحتضن الطاقات الابداعية عبر تجربته المديدة التي اثمرت العديد من النشاطات الثقافية والمهرجانات والجلسات الاربعائية مثلما انبثق عنه منتدى نازك الملائكة الذي الهدف الاساس من قيامه هو تسليط الضوء على المنجز الثقافي الابداعي للاديبة العراقية والتعريف بواقعها ومعاناتها واحلامها بغية كسر القواعد المتكلسة والانطلاق بها نحو فضاءات فكرية وانسانية وابداعية تتبارى مع احلام المبدعة وتوقها للتحرر من قيود افرزتها عهود طويلة من التخلف)، ثم القى جهاد مجيد كلمة نادي القصة قال فيها: ( منذ خمسين عاما وضع البناة الاول ركائز هذا الصرح، اتحاد ادباء العراق، ليكون حضنا دافئا لكل مبدعي العراق على مر العقود المنصرمة، انهم بناة الاتحاد وهم بناة الثقافة العراقية المعاصرة، تقدمهم الملهم الخلاق الجواهري الكبير والى جانبيه علي جواد الطاهر وصلاح خالص ومهدي المخزومي وعبد الوهاب البياتي وعبدالله كوران وعبد الملك نوري ووو وكلهم اعلام اعلام في الفكر والشعر والقصة والنقد وحقول التراث المختلفة، ومهما اطلنا الكلام عن منجز اولئك الاعلام الافذاذ فلن نوفيهم حقهم وحتى الاختفال بذكرى تأسيسهم الخلاق لهذه المؤسسة الثقافية الخلاقة يجيء متأخرا وغير كاف ).

بعد ذلك ارتقى المنصة الشاعر الكبير محمد حسين آل ياسين ليقرأ قصيدته التي حملت عنوان (زأرة الليث) التي جاء فيها:

احنّ والليل في روحي وفي فكري
الى سناه، حنين النجم للقمر
من لي بثالث نهريّ عزة وعلا
عشقت شاطئه وردا بلا صدر
وصبّ دجلة ساقاتي بأكؤسها
حتى صحوت على ذكراه من خدري
وابن الفرات تسامى بره فغدا
ابا الفرات لسر غير مستتر
من طوله انه في غير قامته
ابان للناس معنى الطول والقصر

ثم جاء دور الموسيقى والغناء، مع فرقة (شبعاد) التراثية التي قدمت مع آلات القانون والجوزة والسنطور ترانيم لأغان من التراث البغدادي الأصيل، وهي فرقة فنية نسوية- تقدم اغاني من الفولكلور العراقي الاصيل من خلال آلات موسيقية تراثية بأشراف الملحن جمال عبد العزيز، من (على شواطي دجلة مر ) الى (نخل السماوة)

ثم انتقل المحتفلون الى مبنى الاتحاد الذي فيه استكملت فقرات الاحتفال التي بدأت مع الفنان عزيز خيون الذي قدم قصائد ممسرحة داخل القاعة، وانتهت في الهواء الطلق مع مجموعة من الاغنيات التي قدمها كريم الرسام والمغنية سما مع حضور المقام العراقي.

سألت الدكتورة خيال الجواهري ابنة الشاعر الجواهري عن الاحتفال فقالت: انا سعيدة بحضوري احتفال اليوبيل الذهبي لاتحاد الادباء، وكنت شاهد عيان على اول اجتماع عقد في الشهر التاسع من عام 1958، كنت صغيرة ولكن ما زلت اتذكر بيتنا في محلة الشيوخ بالاعظمية الذي استأجره ابي، فالحديقة كبيرة ومطلة على نهر دجلة، كانت الجلسة دائرية، اذكر بعض الاسماء المعروفة منهم: مهدي المخزومي وفيصل السامر وذنون ايوب ونازك الملائكة ولميعة عباس عمارة ونعمان ماهر وصلاح خالص ومحمد صالح بحر العلوم، وانهم التقوا عبد الكريم قاسم وقال لهم يعتبر اتحاد الادباء مؤسسا بهذه التشكيلة، كما اتذكر النشاطات التي كانت تقام كل يوم اربعاء، وكان ابي حينها مشغولا بنقابة الصحفيين كونه نقيبا لها ايضا، واذكر ايضا الاستقبال الحافل لابي عندما عاد من براغ عام 1968 ومن ثم تم انتخابه رئيسا للاتحاد، واضافت: في سنوات الغربة الاخيرة كان الجواهري يتابع نشاطات الادباء في الداخل ويحزن للظروف التي يعيشونها وكان يقول: كيف يمكنهم التعبير عن ارائهم والحرية غير موجودة، كما ان عدد من الادباء الذين كانوا يزورونه في غربته يبثونه همومهم وكان يقول انه يشعر بمشاكلهم ويتألم للحال الذي صار عليه اتحاد الادباء وكان يستغرب ان يصبح رئيسا للادباء شخص ليس شاعرا ولا اديبا ولا مثقفا.