إعداد عبدالاله مجيد: قررت قاضية في نيويورك منع كتاب جرى ترويجه على اساس انه متابعة أو تتمة sequel لرواية quot;الحارس في حقل الشوفانquot; لأنه، طبقا لقرار المنع، يستعير بإفراط من عمل جيروم ديفيد سالنجر الشهير دون أن يتضمن نقدا كافيا أو بارودي parody (محاكاة ساخرة).
متابعة الكاتب السويدي فريدريك كولتنغ لعمل سالنجر الذي يروي هواجس فتى في سن المراهقة تصوُّر quot;مستر سيquot; في السادسة والسبعين من العمر هاربا من دار للمسنين في نيويورك، يذرع شوارع المدينة مثلما فعل الى حد بعيد البطل الأصلي هولدن كولفيلد الذي كان على الأرجح سينظر الى عودته شيخا بوصفها quot;اكذوبة لعينةquot;، احدى عباراته المفضلة في quot;الحارس في حقل الشوفانquot;.
وتقول صحيفة quot;الغارديانquot; ان الكاتب السويدي كولتنغ ابلغها بنفسه في ايار/مايو ان روايته quot;تشبه الى حد بعيد الكتاب الأول في كونه (البطل) يهيم في المدينة، داخل نفسه وماضيه. انه يبقى هولدن كولفيد نفسه وله نظرته الخاصة الى الأشياء. من الجائز ان يكون مرهَقا، ويشعر بخيبة أمل في هذا العالم اللعينquot;. وكان كولتنغ نشر الكتاب باسم مستعار هو quot;جي. دي. كاليفورنياquot;. واعرب في حينه عن الأمل بأن سالنجر quot;سيفرحquot; بالكتاب، وهو أمل كان محكوما عليه بالخيبة من البداية إزاء الحقيقة الماثلة في ان سالنجر الذي يعيش في عزلة تامة أجهض كل المحاولات التي بُذلت في السابق لنشر أي من اعماله التي كتبها حتى عام 1965. وقال كولتنغ انه لا يريد إخراج سالنجر من صومعته أو التعدي على حياته الخاصة لكنه يتلهف على معرفة رأيه وما إذا كان سعيدا بتصوير بطل روايته هولدن كولفيد في سن الشيخوخة وما آلت اليه حياته.
سالنجر استجاب لرغبة الكاتب السويدي في معرفة رأيه بالرواية التي تستوحي عمله. فقد استشاط سالنجر غضبا حتى انه رفع دعوى قانونية ضد المؤلف السويدي وضد ناشر كتابه ودار توزيعه في الولايات المتحدة وطلب اصدار قرار قضائي يمنع نشر ما سماه في الدعوى القانونية quot;غشا خالصا وبكل بساطةquot;.
محامي كولتنغ دافع قائلا ان رواية موكله quot;باروديquot; ونقد أدبي للرواية الأصلية. ولكن القاضية ديبرا باتس رفضت هذه المحاجَّة واصدرت قرارا في 37 صفحة جاء فيه ان السرد الذي يتضمنه الكتاب quot;يعكس سرد الحارس في حقل الشوفان وانه استعار من الاصل، سواء من حيث المضمون أو الاسلوب، أكثر مما هو ضروري للغرض المزعوم في نقفد سالنجر ومواقفه وسلوكهquot;. كما اشار القرار الى ان quot;مستر سيquot; يحمل quot;افكارا وذكريات وصفات شخصية مماثلة أو متطابقة لأفكار وذكريات وصفات هولدن كولفيلد مستخدما في احيان كثيرة اللغة نفسها تماما أو معدلة بدرجة طفيفة لا أكثرquot;. ولفتتت القاضية الى حقيقة ان الشخصيتين شغوفتان باستخدام ذات العبارات في التعبير عن الاحباط والغضب.
وقررت القاضية باتس في حكمها ان quot;إدعاء الكاتب السويدي كولتنغ بأن هدفه من كتابة العمل كان دراسة شخصية هولدن دراسة نقدية ونقد تمثيله في رواية quot;الحارسquot; على انه شخصية صادقة ومثار اعجاب (بل ربما حتى شخصيةً بطولية)، إدعاء إشكالي وتعوزه المصادقيةquot;. اما إدعاء البارودي فان المحكمة ترى انه جاء من باب التبرير بعد رفع الدعوى. ولاحظت القاضية باتس ان المدعى عليه لم يصدر عنه حتى اقامة الدعوى عليه ما يشير الى ان الكتاب بارودي أو نقد لرواية quot;الحارس في حقل الشوفانquot;.
اصدرت القاضية أمرا اوليا يمنع نشر عمل الكاتب السويدي أو الاعلان عنه أو تسويقه أو توزيعه في الولايات المتحدة حتى إشعار آخر. وقالت القاضية في قراراها ان سالنجر سيتعرض الى quot;أضرار لا تُعوضquot; إذا نُشر الكتاب في الولايات المتحدة ولكنها اضافت ان أمر المنع مؤقت وسيبقى ساريا الى حين استجلاء الحقائق كاملة في محاكمة لاحقة. ويحق للمدعى عليه ان يعترض على القرار المؤقت لدى محكمة الاستئناف الفيدرالية في مانهاتن.
تجدر الاشارة الى ان الكتاب في هذه الأثناء نُشر في بريطانيا.
صدرت رواية سالنجر quot;الحارس في حقل الشوفانquot; عام 1951 وسرعان ما أصبحت جزء من المناهج الدراسية في المرحلتين الثانوية والجامعية في عموم البلدان الناطقة بالانجليزية. كما تُرجمت الى كل لغات العالم الرئيسية تقريبا. وما زال يباع من الرواية نحو 250 الف نسخة كل عام وزاد اجمالي ما بيع منها حتى الآن على 65 مليون نسخة. وأصبح اللا بطل أو الضد بطل anti-hero هولدن كولفيلد رمزا لتمرد الشباب وتحديهم. ترجم الرواية الى العربية الكاتب الراحل غالب هلسا.