صّرح الطبيب
-الضحية عذراء
يندلع حريق في نفسي، كيف أعيد عزيزتي؟ وهل يمكن للمقتول ظلما ان ترجع اليه الحياة، وكيف أسكت تلك النظرات المستغيثة، ولمن ألتجيء، وهل يستطيع مخلوق ان يعيد حق من اهدر دمه افكا، عشت لحظات مرعبة، سلبت مني طمأنينة النفس، ووجدتني أقف وحدي في معترك رهيب، كثيرا ما امتلكت شجاعتي في المواقف الصعبة، ولكن حين تجد نفسك وسط النيران، والجميع يتفرجون عليك، ويوجه لك سهام الاتهام، تفقد بوصلتك..
نظرات شزراء توجه سهامها، عشت مهيب الجانب محترما، أساعد الناس وأقف بجانبهم اوقات الشدة، أعين الضعيف وأساند من يحتاج الى المؤازرة وأبر من اجده يتمتع بالخصال الواجب ان نبر بصاحبها.. صدقوا بالتهمة الشنعاء، وبقيت مكذبا اياها، يأبى عقلي ان يسلك طرق تضليلهم... تهمة ظالمة أقعدتني مشلولا عاجزا عن تقديم أي عون لمحبوبتي..
لم أكن أؤمن ببعض ما يعتقد به أبناء قومي، فقد نشأت في بيئة تحترم المرأة وتحسن رعايتها، وتمنحها حقوقها في الحب والتربية وحرية الاختيار، ولقد علمت بناتي وأبنائي ان الانسان موقف، وغرست في نفوسهم القيم النبيلة واحترام ارادة الآخر وحريته في الاختلاف، والدفاع عما يراه صائبا من أمور، ونشأت ابنتي العزيزة على هذه المباديء الخيرة، كنت أراعي رأيها وأقدر ما تبديه من وجهات نظر، قد تسبب بعض الانتقادات نتيجة سوء الفهم، وأبدت سميرة تفهما لما أخبره اياها ان مجتمعنا قائم على بعض العادات والتقاليد، ليست صائبة دائما، ومن واجبنا احترامها كي نعيش مطمئنين ننعم بكرامة العيش، وسار أولادي وبناتي على طريق قويم قد ساعدتهم في انتهاجه..
تقدم ذلك الشاب الفاشل طالبا يد سميرة، وفكرت مليا، هل يمكن لمن حازت أعلى الدرجات العلمية ونالت الدكتوراه بتفوق، أن تقترن برجل لم يبد رغبة في التعليم فظل في الشهادة الثانوية، حصل عليها بالواسطة، وأنا اعرف اخي، استخدم نفوذه للضغط على أساتذة المدرسة ليمنحوه نجاح ولده المدلل..
تواصل سهام النظرات الجارحة انهمارها على رأسي، رغم عجزي، يمضني التظاهر بالهدوء، نيران تتأجج في قلبي المترع بالهزيمة، أعرف ابنتي تمام المعرفة، وأثق بحسن تصرفها، وانها لايمكن ان تقوم بما يجلب علينا اللوم والتقريع، ابن عمها لئيم خسيس، حاك مؤامرته بهدوء وترصد، كيف لابن العم الفاشل أن يعرف، هل تم الاتفاق مع زوجها؟ ادعى انه متيم، عاشق ولهان، انجلت خيوط المؤامرة التي اشتركا معا في حياكتها، يخرج الزوج الغرير ليعلن أمام الناس المتجمعين في تلك الليلة الليلاء، تهمته المفتراة، ييبس جسدي من هول ما ادعى، أفكر بعمل سريع يرد الاعتبار، لا تطاوعني قدماي، أصغى الجميع لكذبته الشنعاء، واتهمنا امام الملأ اننا خدعناه ولم نذكر له الحقيقة، بان ابنتنا مصابة، اقترفت ذلك الاثم الكبير، الذي يستحق جز الرأس، كي تكون عبرة لبنات جنسها اللعينات، وكي يغسل عارها الذي جلبته على عائلتها الكريمة ذات الحسب والنسب..
صراخ المراهقين والضجيج المنبعث من أشخاص متجمعين، أمام منزلنا يطالبون بالقصاص العادل، لم يجعلني أبتعد عن رأيي في ابنتي وحكمة تصرفاتها، ولكن جسدي المتخشب، يعجز عن تلبية ما يفكر به عقلي اليقظ، تنظر الي باستغاثة، طالبة مني التدخل لنجدتها فهي مظلومة، فأصمم على الاستعانة بالطبيب، فهو وحده القادر على الفصل بين البراءة والذنب، تمتد يدي الى الهاتف:
-سأستدعي الطبيب
أطلب الدكتور عادل وأبدأ إخباره عن نوع المشكلة التي تؤرق حياتي
يسبقني صوت رصاص يندلع وزغرودة منبعثة من زوجة أخي
التعليقات