إعداد عبدالاله مجيد: حين كتب الموسيقار البريطاني غوستاف ثيودور هولست (1874 1934) متتالية quot;الكواكبquot;، أشهر اعماله، في 1914 1916 كان يمارس هواية التنجيم ايضا. واستوحى اسماء الكواكب الاسطورية واصطفافاتها التنجيمية في تصويرها موسيقيا. ولم يشمل هولست كوكب الأرض بعمله لأن المتتالية تدور حول ما تعنيه الكواكب السبعة الأخرى (كتب هولست المتتالية قبل اكتشاف بلوتو) لأهل الأرض. ولم يكن هولست معنيا بطبيعة الكواكب نفسها.

كوكب جوبيتر لهولست

عندما قدمت فرقة هوستن السيمفونية متتالية هولست بقيادة المايسترو النمساوي هانز غراف في نيويورك الاسبوع الماضي استعانت بتكنولوجيا المؤثرات الخاصة في أدائها باسم quot;الكواكب اوديسا شديدة الوضوحquot;. وُعزفت المتتالية على مسرح ذي انارة خافتة وشاشة في الخلفية تعرض فيلما لكواكب هولست جُمعت مادته من استكشافات المنظومة الشمسية خلال السنوات الخمس وثلاثين الماضية، غالبيتها مستعارة من مشاريع وكالة الفضاء الأميركية. ويصف الناقد انتوني توماسيني في صحيفة نيويورك تايمز مشاهد الفيلم الذي أخرجه دنكان كوب بالمذهلة. إذ تعانقت صور المركبات الفضائية والأقمار الاصطناعية مع غرافيكس الكومبيوتر لخلق أجواء توحي للجمهور بدورانهم في افلاك كواكب منفردة واحيانا بالتحليق فوق تضاريسها الأخاذة. ولكن لقطات الفيلم الساحرة كادت تطغي على متتالية هولست البالغ طولها نحو ستين دقيقية، كما يلاحظ توماسيني.
توظيف الصورة في الأعمال الموسيقية ليس جديدا بطبيعة الحال والفارق هو مستوى التكنولوجيا المتطورة التي استُخدمت في أداء متتالية هولست.
كتب المايسترو سايمون راتل عندما سُجلت متتالية quot;الكواكبquot; من الحفلة التي قدمتها فرقة برلين السيمفونية في عام 2006 ان كتّاب موسيقى الأفلام كانوا يسرقون من عمل هولست بلا حياء. والآن إذ لم يعد عمله مشمولا بحقوق النقل quot;فانهم لا يكلفون أنفسهم حتى تغيير النوطةquot;.
يرصد عشاق الموسيقى الكلاسيكية في متتاالية quot;الكواكبquot; اصداء من اشيل كلود ديبوسي وحتى من اعمال ارنولد شونبرغ الأولى. ورغم فاعلية الموسيقى في استحضار الأساطير التي ارتبطت بكواكب منظومتنا الشمسية فان هناك نكهة بريطانية محببة في المتتالية، لا سيما quot;المشتري، جالب الحبورquot; في حين ان quot;عطارد، الرسول المجنحquot; يوحي بقطعة سيمفونية أو سوناتية ذات تلاوين اوركسترالية مستعارة من ديبوسي لكنها مطرزة بأوتار أشبه المطارق العملاقة.
في مقدمة سينمائية للأداء السيمفوني تضمنت مقتطفات من احاديث عاملين في وكالة الفضاء الأميركية قال احد العلماء ان فكرة هولست عن الزهرة في عمله الفخم لا تمت بصلة الى حقيقة هذا الكوكب الجهنمية. وبصرف النظر عن الحقائق العلمية الصلبة فان قطعة quot;الزهرة، جالبة السلامquot; في متتالية هولست الانطباعية هارمونيا موسيقى ساحرة لا شك في استحضارها مخيلة الانسان في تصوير كوكب الزهرة عندما ينظر اليه من الأرض.
يختتم العمل بانتشاء مع quot;نبتون، الروحانيquot; الذي يقفل بمصاحبة جوقة نسائية من خارج المسرح.
يا تُرى ماذا سيكون حكم هولست لو تسنى له ان يرى عمله يُقدَّم تحت خيمة التكنولوجيا متزاوجا مع اجناس فنية أخرى مثل الفيديو والسينما.