المخرج اللبناني ديغول عيد
إلى أمي سعاد. إلى أبي زيدان. إلى أختي سهام. إلى كل عائلتي... هكذا أهدى المخرج ديغول عيد فيلمه quot;شو صارquot; الذي تولى المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي انتاجه التنفيذي، جاذبًا إليه النقاد كافة لجرأته وذهابه مباشرة الى الهدف كونه أراد أن يدل شخصيًّا على قتلة أفراد عائلته الثلاثة عشر يوم التاسع من كانون الأوّل (ديسمبر) عام 1980.

quot;شو صار؟quot;... يعكس رحلة البحث عن الحقيقة والرغبة في معرفتها مهما كانت موجعة ومؤلمة، على الرغم من اختلاف الأسباب بين شخص وآخر. فبعضهم يبتغي المعرفة فقط من خلال البحث عن الحقيقة، بينما يذهب آخرون الى تحميل رحلة البحث اهدافًا اخرى مثل تحقيق العدالة أو التصالح مع الذات.

ديغول عيد يبحث في فيلمه quot;شو صارquot; عن الحقيقة ليتصالح مع نفسه، وليتجاوز تجربة شخصيّة قاسية استوطنت في ذاكرته طيلة ثلاثين عامًا.

quot;شو صارquot; سؤال يطارد المخرج عيد ويحمله في رحلة من الريف الفرنسي الى الشمال اللبناني، ليغوص في عمق الجرح والفاجعة، وليقف في النهاية وجهًا لوجه مع القاتل. استطاع عيد فعلاً الوصول الى القاتل وواجهه بالكاميرا سائلاً إياه quot;هل عرفتني؟quot;. ردَّ القاتل quot;لاquot;، ليبادره المخرج عيد: أنا ابن سعاد التي قتلتهاquot; وهنا دخل الرجل القاتل في حالة من الموت الدماغي ولم يرد بأي كلمة أو أي حركة.

إيلاف التقت ديغول عيد خلال وجوده في لبنان مع زوجته الكورسيكية وطفلته وكان هذا الحوار:

-ديغول، لماذا أردت انجاز هذا الفيلم؟
لأنني أريد أن أتصالح مع نفسي وتوجيه تحية الى أرواح الضحايا من أفراد عائلتي الذين قتلوا غدرًا وبدم بارد.

-عرفنا أن مدير التصوير الذي كان معك في بيروت انطفأت كاميرته وهو يصور القاتل في ساحة البلدة!
صحيح، لم يصدق أنني اقتربت من قاتل أمي وأبي وعائلتي وواجهته.

-ألم تخف من امكانية ايذائك؟
اطلاقًا.

-أتيت من كورسيكا الى لبنان لكي تكشف القاتل؟ وبعد ذلك؟
منذ عشرين عامًا وأنا أنتظر هذه الفرصة، لأنني أريد كشف الحقائق.

-الدولة اللبنانية أطلقت عفوًا عامًا عن كل الجرائم التي ارتكبت خلال الحرب المنصرمة.
ما يحصل في قلبي لا أحد يعرف حرقته.

-التقاك المخرج فيليب عرقتنجي وطلب منك مشهدًا من الفيلم، لماذا؟
لأنه يريد اضافته الى شريطه الذي يحضره عن ضرورة معاقبة مجرمي الحرب أيًّا كانوا.

-وما الذي تعمل عليه حاليًّا؟
لن تصدق! أعمل على موضوع كوميدي.

-لماذا؟ أليست مفارقة؟
أبدًا، أنا انسان طبيعي، ولأنني فنان علي أن أكون شاملاً، أجيد الدمعة كما الضحكة، وموعدي المقبل مع الكوميديا.

-كانت لك علاقة مهنية مع المخرج يوسف شاهين، كيف تصفها؟
لقد تعارفنا في باريس، وسرعان ما باتت بيننا صداقة وطيدة، وكان أن دعاني لمساعدته فعملت معه مساعدًا في فيلمين: quot;المصيرquot; وquot;اسكندرية نيو يوركquot;.

ملصق فيلمه: quot;شو صارquot;..
-ما الذي تعلمته منه؟
من الأستاذ شاهين يتعلم المرء كل شيء، التركيز أوّلاً ثم التعاطي النبيل مع الأخرين، وصولاً الى الثقافة التي ينبغي توفرها لكي يستطيع الفرد أن يتواصل مع محيطه بشكل نموذجي، وأكثر ما أعتقد أنه انحفر في أعماقي هو ظرفه وسرعة الطرفة على لسانه.

-وفنّيًا؟
الدقة والانتباه ومعرفة الهدف الذي يريده المخرج وبالتالي التصرف بناء على ذلك.

-وماذا عن العمل على موضوع محلي وأنت تعيش في الخارج؟
أنا ما زلت لبنانيًّا ولا شيء يتغير.

-كان لافتًا أن المخرج مشهراوي شارك في الانتاج، تم هذا تحت أي صفة؟
أنه عربي وأحب الموضوع فقرر دعمه. هذا كل ما في الأمر. وأمر جيد أن يتبنى مخرج كبير فكرة لي.

-لطالما قيل ان السينمائيين العرب العاملين بانتاج غربي يخضعون لشروط تكون أحيانًا مذلة؟
أنا اعيش وأعمل فى أوروبا منذ ثمانية عشر عامًا ولم يحصل أن عرفت بمثل هذه الشروط، وأعتقد أن الفنان هو الذي يحدد كيفية التعامل معه. فالمخرج صاحب الموقف يحصل على ما يريده.

-ديغول. اسمك كم خدمك في يومياتك الفرنسية؟
خدم نعم. لكن اسم ديغول في فرنسا هو اسم العائلة وليس الاسم الأول كما هي الحال معي لذا يفاجأ الجميع بذلك. لكن عمومًا الاسم محترم.

-ألم تفكر في تصوير فيلم لبناني بالكامل؟
بلى. وعندي نص جاهز وملائم للواقع الذي يعيشه لبنان.

-وهل أنت مهتم بأمر التمثيل كونك ظهرت في فيلم quot;شو صارquot;؟
لا، لست مهتمًّا كثيرًا. لكن حين يقتضي الأمر فإنني أستطيع ذلك؟

-وبماذا تختتم الحوار؟
بالشكر الجزيل.