أنا منكَ يا صاحبي
أنت مني
فدعني أطالعُ
عبر الضياءِ
تواريخَ وجهك
أنا أنتَ
رغم مكائدِ أعدائنا
و ظنونٍ تبلل أقوالنا
و كتائبِ حزنٍ تهشمُ أفرَاحنا
و حروبٍ تدمدمُ ما بين أكتافنا
و نوايا حشودٍ
تكدسُ أشواكََها السودَ
ما بين كفي و كفك

أنا .. أنت ..
دعني أطالع
عبر التواريخ ِ وجهك
قديماً أقام بنا وطنٌ أزلي الصدى
باركتنا التسابيح ..
جبنا قرى الريح ..
عدنا لألفة أبوابنا
و المتاهاتُ ترتجّ في كل مسلك

سوياً بنينا الطواحينَ ..
جئنا بقمحِ القرابين ..
صغنا نشيدَ الحصاد ..
و حين أطلّ الغزاةُ
تَعَانقَ فوقَ رَحى الحربِ كفي و كفك

سوياً طردنا فلولَ التتارِ ..
رفعنا مراراً صروحَ النهارِ
أمام الطغاةِ ..
زرعنا الميادين باللافتاتِ
و صوتي يصافح عبر الهتافاتِ صوتك

معاً قد قصدنا مراسي الضحى
و انتقينا لموطننا قمراً خالدا ً
و ملأنا التراتيل ضوءاً ..
ففاضت حكاياتنا بنجومٍ و ليلك

طيورُ الظلامِ تحيطُ بنا
كي تجفف فينا الأماني
و تنزعنا من خلود الأغاني
و تجرفنا لرمال السرابِ
لتمضغَ أنيابُها السودُ
لحمي و لحمك

أنا منك يا صاحبي
أنت مني ..
و لم تكُ يوماً عدوي
و لم أكُ يوماً عدوك

لنقتسم المجدَ و الضوءَ
صوتك صوتي ..
و إن عبرت للهلاكِ خُطاكَ
ستهوي خطاي إلى الموتِ بعدك

أنا أنتَ رغم حشود التتار ِ
و من يقتلونَ ضياءَ النهار
و من يقرعونَ طبولَ الدمار
و من يصرخون ..
لتفترشَ الحربُ بيتي و بيتك

أنا منك ..
فاحترس ..
السهم قد مر نحوي
كما مر نحوكَ ..
و النهرُ يبكي طويلاً
لجُرحي و جُرحك

أنا منك ..
بيني و بينكَ موجُ النداءِ ..
و وقع الغناءِ ...
و رجفةِ أبنائنا في الشتاءِ ..
و فوقي و فوقك
كل الغيومِ التي همُّها
أن تبعثرَ ظلي و ظلكْ