تحتشِدُ الصُورَةُ مخفيّةً كَالرياءِ بينَ قوارِيرَ تحمِلنَ الوضوُحَ دُونَ عباءَاتِها مُستفيِئةً ظِلَّ الحقيِقةْ، وَ نحنُ نُدرِكُ مِنَ الآنيةِ مَا تُملأُ غثاءً مهيناً بِأدرانٍ شهيٍّة لا يَستَنكِفهُا شُعورٌ توثّبَ السُطوحَ وَ لاَ الأبجديّة، للفضَاءِ ذَاكِرةٍ يُخصِّبها مِحراثُ الشِعرْ، وَ للِزرعِ مُخيّلةٍ طمَرَتهاُ قوَادِمُ البَشريّة، وَ الأَجدَاثُ يَغترِفنَ منَ القُبورِ هوَاجِسَ رُفاتٍ أَصعدَتها أَغصَانُ الجِراحِ للستَائِرِ وَ المزهَريّة، الرُؤيَة تبدَّت فيْ حدقَةِ الصَباحِ الأعَمَى وَ البصَرُ تغطّى ضَوءهُ لُحَاف الأَبديّة، القِلاعُ المَطمورةُ فيْ طينةِ التاريِخِ تبعثُ طَلاسمهَا إِلى حيثُ تنهضُ النضَارة، تستنطِقُ الفجرَ الذيْ ينزِفُ السوَاد وَ تُتيِحُ للحُجبِ نَصبَ حِدادِهَا علَى أبوَابِ الحَضَارة.
الوَاقِعُ يَشقُّ ترَائي الغمَامة، يُمزِّقُهَا إِرباً إِرباً تتَطايَر غبَشاً وَ تتَهدّل فيْ مدَارِجِ البؤُرة، فينبِتُ الغُبار منْ لاَ حَقلٍ خَلَقتهُ ترَاكُماتِ الخيَالِ الطَافِح بالجرَاثيِم التْي تعلَو أَظافِر القَصيِدة، فَتَستَفيضُ المَطَالِعُ بِالأوبئةِ المِجهَريّة، وَ يتمخّضُ الرَصدُ عائِلةً منَ الدمعِ المُنشطِر حولَ منَامَات الحُلم، فَينطلِقُ الهوَاءُ صَدأً منْ رِئةِ الوَرقِ، وَ يَقفزُ الرومَاتيزم ثائِراً إِلى مفَاصِل القَلمْ.
أَهوَ الشِعرُ يُعانيْ قُرحَةً فيْ المَعِدة؟ أَمِ الحِبرُ ترَكَ لَيمونهُ حَامِضاً علَى حوَافِّ الكَلِمات؟
لاَ أَثرَ (للُغةِ) علَى جَوارحِ الشَاعرِ المَارِقِ بِأصدَاغِ العَابريِن، عَدَا ثقوُب استلهَمتْ خيَالهُ المنقُوش مِنْ أبخِرةِ الذِكريَات، قَالَ مرّةً:
الحِسُّ اختِراعٌ فيْ رأسِ الذَكيْ، وَ النُبوءةٌ اِنهِمارٌ مِنْ فَمِ الوَحيْ،
وَ قُلتُ مرّات:
الصيَغ المُبهمَة وَسيلَةُ الأَلواَنِ لِمُناورة تجَاعيِد الزمَنْ، وَ قُلتُ أَخيراً: ليَتفِقَ الرَائي وَ المُعتِم فيْ إِيجَاد سُبل الغِوايَة!
أَلِلحاضِر برَاحٌ وللِماضيِ عرَبةْ؟ إِفرَاغُ التَاريِخِ عمّا يندُّ عنْ فَاقتهِ مِنَ التُراب، يَحتفِظُ الزمنُ بنَصيِبه منَ الأَرديَةِ، وَ يظلُّ الوَقتُ بَريِئَاً مِنَ إِيواءِ الغُبارِ، فمَنْ يُناضِل أمسهُ البَاغي يبقَى قَريِباً منْ سُلالَة الحِكمة!
ألليل هُبوطٌ آخرُ يجيءُ مَصبوبَاً فيْ مَاءِ المعنَى؟ إِذ يُصبِحُ القَاعُ سَماءً مقلوُبةً كثيِفةَ النَوم، فيَتكَاثَفُ العدمُ حَولَ رَقبةِ الكَأسِ، وَ يَهرَعَ الضَوءُ مُهروِلاً يختَلِسُ النَظَر، فيَصدِقُ الحدَس، وَ يَكذِبُ البَصَر!
أَلِصمتِ يَقين السكوُن؟
روُحي خَاويَةً منْ الزفرَات، وَ صَدر الكَلِماتْ لاْ تَسألني ضَمّة!
* (حَرفٌ يتلّفتْ يَمنةً وَ يَسرَةْ) /
لنْ تَكونَ كلمِات الليلِ سَامِقة، وَ المعوَل يضحَك، ثمَّ يجزُّها منَ المنُتصَفْ..!

الرياض