صلاح عباس: على مدى تاريخ الرسم في العراق انشغل الكثير من الفنانين برسم ملامح من البيئة في الريف والمدينة، محققين لوحات فنية على درجة عالية من الاتقان وذات خصوصية متفردة ذلك ان الطبيعة العراقية غناء وتسمح بالتنوع ووجود وحدات صورية كثيرة كما تتضمن تراكيب لونية مبهره ولذا فأن سحر الطبيعة العراقية اكد مغزاه الابعد والفنانة زبيدة اطيمش مواليد بغداد 1992 / رسمت للبيئة العراقية لوحات مائية لافتة للأنتباة وتتصف بالمهارات الادائية المتقدمة تخطيطاً وتلويناً وبرؤية انتقائية تشع بالحياة وتتألق بالجمالية.
لعلنا لا نغالي في وضع الحكم على القيمة الفنية لمرسومات شابة واعدة في مقتبل العمر فليس غريباً ان نجد الكثير من الطاقات الشبابية الخلاقة في مختلف ضروب الاداب والفنون والثقافة بشكل عام تتفتح مثل الازاهير في ارض مابين النهرين فالعراق منجم للأبداع والتجدد وزبيدة اطيمش تحث خطاها سائرة على هدى اساطين الرسم المائي في العراق مستثمرة ابداعها الجميل لتجسد ملامح من ارض البلاد وحياة الناس وجمال النخل والاشجار والبيوت الطينية، انها ترسم الامل والاشراق.
نتسأل بأستمرار عن الجدوى من الفنون كما نتسأل عن المواهب الواعدة التي تستطيع ان تشق طريق وصولها لا لشيء الا لأننا واثقون من حدسنا وتوقعنا المستند على قواعد الفهم لطبيعة هذة المواهب ليس من باب النبوءة او التبشير بل ومن خلال الحقائق الملموسة والمدهش حقاً انها استطاعت ان تصوغ ملامح الحياة العراقية بأجمل حله فما هي السمات المميزة في رسوماتها؟
لقد رسمت الفنانة مواضيع متنوعة عن البيئة والمحيط ورصدت حياة الناس في عملهم وضفت على الملمح شذرات من عاطفتها وروحها فألية العمل على الرسم المائي تتطلب مهارات عالية في مجالي التخطيط وتلوين بيد ان الالوان تكتسب اهميتها من اللمسة الواثقة الاولى ولأن تقنيتها لا تحتمل الالوان الغطائية فخصائص الرسم المائي تكمن في شفافيتها بحيث امكن الفنانة زبيدة ان تطرق باب الرسم المائي ليس مغامرة ولا ادعاءاً بل انها وبحوافز الحب لهذا الضرب من الرسم استطاعت ان ترسم مباهجها وتعبر عما يجيش في خاطرها من ملامح الشعور المرهف والحس الراقي فلحظة الرسم تعني الامساك بقيم الموضوعات المتواشجة مع الحياة العراقية كرسم المناظر الطبيعية والحياة الصامتة وكذلك الخوض في رسم التأملات والمواضيع التي تشبه (الموتيفات) أي التعليق الصوري على النصوص الادبيه ففي مجال رسم المنظر الطبيعي فأنها عملت على تحقيق اعلى قدر من المشابهة في بنية الشكل وبمعنى اخر انها رددت وبشكل امين سياقات الانساق والاشكال في الخارج وطبعتها على سطح الورقة وفي هذة الحالة فأنها اولت عناية بقيم المنظور ومساقط الضياء وأنكسارات الظلال وهذا نمط معتاد الرسم الواقعي غير ان خصائص هذة الرسامة تكمن في ممكنات تطويع المادة اللونية الخام وتوظيفها لصالح الرسم فأذا قال الفنان وليد شيت (بأن رسام المائية يجب ان يتحسس مقدار الماء المتداخل بين شعيرات فرشاة الرسم ) وضمن هذا السياق فأن الفنانة زبيدة وبدوافع الموهبة ادركت هذا المغزى وفق تلقائيتها ومهاراتها المميزة وكأنها جبلت كي تكون رسامة مائية من نمط خاص، الوان تبرز جمال تحولات السماء، وأخرى تتغلغل في اهداب الطبيعة.
يقول الفنان ( لييجه ) بأن لحظة الشعور بالصدق والحرية تؤمن الفنان حقاً في خوض الفن على نحو صحيح وانني اقول بأن زبيدة اطيمش استطاعت ان تحقق خلاصاتها المبدعة عبر ذات صافية وتحسس دقيق بالاشكال التي تنتمي اليها فالمبدأ في جماليات الحب لطبيعة العراقية الدافئة والدافقة بالحياة والحافلة بالتجدد ولأنها ترسم بالصدق وتحلل الالوان بأدمعها فأن افاق المستقبل مفتوح امامها ولعلها ستكون رسامة الغد اليس كذلك؟

كاتب المقال هو رئيس تحرير مجلة تشكيل
[email protected]