إعداد عبدالاله مجيد: المعروف عن هوليوود انها شديدة التكتم والغيرة على مشاريعها السينمائية، من إبقاء السيناريوهات سرا مغلقا مرورا بتدقيق المقابلات الصحافية مع النجوم وليس انتهاء بمنع التصوير الاعلامي في مواقع التمثيل ولا سيما ان مصالح بمئات ملايين الدولارات تكون عادة الدافع وراء هذه الاحتياطات. وان زلة واحدة تكفي لتخريب فيلم، والفيلم الذي يتعرض للخراب عادة يخرب معه مستقبل بعض الفنانين.
لذا ارتاعت صناعة السينما الاميركية وهال مشاهيرها ان تظهر مجموعة من قراصنة الكومبيوتر نذرت قدراتها لهتك اسرار هوليوود وكشفها للعالم. وسرق القراصنة الذين اطلقوا على أنفسهم اسم هوليوود ليكس، سيناريوهات افلام قادمة وكشفوا صورا عارية لمشاهير ونشروا ارقام هواتفهم الشخصية وعناوين بريدهم الالكتروني على الانترنت ليراها العالم أجمع.
ومن ضحايا القرصنة نجم افلام الاكشن جيرارد باتلر والمغنية والممثلة مايلي سايروس. وسُرب سيناريو فيلم توم كروز الجديد روك اوف ايجيز الذي تمثل فيه ايضا مالين اكرمان مع جوليان هوغ وكذلك سيناريو النسخة الجديدة من فوتلوس والدراما البوليسية التي ينتظرها الجميع بشوق، غانغستر سكواد، بطولة اسماء كبيرة مثل شون بين وراين غوسلنغ.
وانبثقت مجموعة هوليوود ليكس من العالم الغامض لقرصنة الكومبيوتر الذي انجب منظمات مثل انونيموس ولالزسيك اللتين امتدت اهدافهما من وكالة المخابرات المركزية الاميركية ومجلس الشيوخ الاميركي الى بنك اوف اميركا وماستركارد. وكثيرا ما كانت هذه الغارات ذات اجندة تتعلق بحرية المعلومات مقترنة بموقف سياسي. ولكن منظمة هوليوود ليكس تبدو مختلفة. وقال محللون انها تريد ان تدمر النظام الاعلامي الذي بنته هوليود بعناية فائقة منذ اصبحت صناعة السينما ثقافة شعبية في عشرينات القرن الماضي. وتسعى منظمة هوليوود ليكس الى تقويض طريقة عمل صناعة السينما برمتها مستغلة الثغرات الكبيرة في شبكات الكومبيوتر التي تستخدمها الاستوديوهات الكبيرة. ونقلت صحيفة الاوبزرفر عن مارك روسينوفيتش الخبير في امن الانترنت ان القراصنة يستطيعون أن يسببوا ضررا فادحا ما إن يتمكنوا من اختراق المنظومة المستهدفة بهجومهم.
ويلفت المحللون الى ان مثل هذه الهجمات قد تكون ذات آثار مدمرة على صناعة السينما مشيرين على سبيل المثال الى الكشف عن حبكة أفلام مثل الحاسة السادسة أو لعبة البكاء قبل أشهر على عرض الفيلم. وقال الخبير والاستشاري في مجال العلاقات العامة ريتشارد ليرمر ان الاستوديوهات تستثمر 100 او 200 مليون دولار في الفيلم وان خسارة كهذه يمكن ان تحكم على شركة كبرى بالافلاس.
وكثيرا ما ترغم استوديوهات هوليوود الصحافيين على توقيع تعهدات صارمة بعدم الكشف حين يشاهدون بشكل خاص افلاما قادمة قبل عرضها للجمهور، وتمنع طرح اسئلة معينة وتعتبر حياة الممثلين الخاصة خطا احمر، وتتخذ اجراءات امنية مشددة لضمان عدم تسرب معلومات قبل وصول الفيلم الى صالات العرض. وحين تريد ان تلمح الى محتوى فيلم ما مثل فيلم ضخم يعتمد على المؤثرات الخاصة، فانها تفعل ذلك بصور أو كليبات تُنشر تحت رقابتها وفي الحدود التي تقررها.
هذه وغيرها من التسريبات تكون بموافقة استوديوهات هوليوود ومشيئتها وكثيرا ما تتعمد شركات العلاقات العامة تسريب معلومة ما عن نجم من النجوم الى مصور او صحافي لأغراض الدعاية والاثارة. ولكن اشاعة الفوضى بالكشف المطلق دون حدود يشكل كابوسا على صناعة السينما طالما حرصت على إدارة نشاطها بكتمان وحرص شديدين. ومن شأن رفع الغطاء عن أسرار الاستوديوهات وما يدور وراء الكواليس أن يدفع هوليوود الى الجنون، على حد تعبير أحد المحللين. وهذا على وجه التحديد ما تريده منظمة هوليوود ليكس.
خرجت المنظمة الجديدة من رحم ثقافة تحتفي بالمشاكسة الاخلاقية واشاعة الفوضى متحدية المواضعات الاجتماعية السائدة. وتدافع هذه المجموعات عن افعالها كإعلان فوضوي فيما ينظر اليها خصومها بوصفها جرائم مدفوعة بثقافة عمادها السلوك المنحرف. ودعت منظمة هوليوود ليكس اتباعها الى الاتصال بأرقام المشاهير التي نشرتها. وقالت المنظمة انها تعمل تحت شعار quot;لا ننسى ولا نغفر. توقعوناquot;.
وفي احاديث على الانترنت مع اعلاميين يجرون تحقيقات صحافية عن منظمة هوليوود ليكس امتنع ناشطون فيها عن تسليط ضوء على اجندتها البسيطة في اشاعة الفوضى مكتفين بالقول quot;اننا نفعل ما نفعله لأننا نستطيع فعله، ولأن فعله تسلية فلم لا؟quot; ولعن احد قراصنة المنظمة هوليوود متهما اياها بالجشع والطمع.
وقالت صحافية اتصلت بأعضاء في المنظمة توصلت الى قناعة بأن اجندتها لا تتعدى اللهو واثارة الشغب، وانهم ينظرون الى هتك استار هوليوود على انه عمل حميد وليس مؤذيا. وقالت الكاتبة فورسينا اوردوغ لصحيفة الاوبزرفر ان اعضاء هوليوود ليكس لا يشعرون بانهم قد يواجهون مشاكل بسبب نشاطهم هذا. ولعل هذا سذاجة من جانبهم لأن استوديوهات هوليوود تستخدم فريقا من اقوى وأغنى المحامين في العالم. ولكن ما يبدو مؤكدا ان الانترنت التي هزت صناعة الخبر والنشر والموسيقى تطرق الآن باب هوليوود بل ربما كانت تركلها لفتحها عنوة. والمفارقة ان الظاهرة تصلح فيلما من افلام هوليوود وإن كان بعض الخبراء يرون انه كان على صناعة السينما ان تتوقع مجيئه عاجلا أو آجلا الى مدينتها ولكن هوليوود كانت تظن ان ما حدث لصناعة الخبر والنشر والموسيقى لن يحدث لها.