عقب النجاح اللافت لروايتها quot;إعترافات للّهquot;، تصدر الروائية المغربية صفية عز الدين تجربة مأساوية لصبي يعشق الكلمات، ويحاول أن يتحول إلى معجب بوالده دون جدوى، في حضن عائلة فقيرة.

سيدني: تتمتع الكاتبة والممثلة والمخرجة السينمائية صفية عز الدين (1981، أغادير، المغرب)، بروح ساخرة. وفي روايتها الثانية quot;أبي إمرأة نظافةquot;، التي ترجمت مؤخراً إلى الإسبانية، وصدرت عن دار quot;ديميبيجquot; للنشر في مدريد، وتقع في 180 صفحة، كانت بلغت مبيعاتها في فرنسا 30.000 نسخة، وقامت بتحويل أحداثها إلى فيلم إضطلعت، هي بنفسها، بمهمة إخراجه سينمائياً، حيث تمّ عرضه في 2011.
صفية عز الدين من أم فرنسية وأب مغربي، الثالثة بين أشقائها الأربعة، ترعرعت بين أغادير وجنيف، ونالت شهرة واسعة من خلال روايتها الأولى quot;إعترافات للّهquot;، التي تناولت فيها قصة فتاة مغربية شابة تعمل راعية غنم، يدفعها قدرها لأن تمارس الدعارة. إنتقلت عز الدين، الطالبة في علم الإجتماع، والموظفة السابقة في محلات لبيع الأحذية والمجوهرات في سويسرا، إلى باريس قبل نحو سبع سنوات، واليوم تقيم في شقة صغيرة في الحي اللاتيني.
تقول صفية عز الدين أنها ترتبط بعلاقات صداقة محدودة، على الرغم من تعرّفها على صديق في غاية اللطافة، كانت أنجبت منه طفلاً.
في لقاء أجرته معها صحيفة quot;الموندوquot; الإسبانية، تحدثت صفية عز الدين عن روايتها quot;إعترافات للّهquot; وأشياء أخرى. هنا أهم ما جاء في هذا اللقاء:

لم تكن روايتك الأولى سيرة ذاتية، أليس كذلك؟
كلا، لم أكن عاهرة، ذلك بفضل الرب، ولم أكن أيضاً راعية غنم. رغم أنني لا أرى في ذلك ما يعيب، أنها مهنة شريفة.

أبداً، قلت ذلك لأنك تعيشين في أوروبا مذ كنت صغيرة جداً.
بلى، لكنني أتذكر وأنا صغيرة كنا ننام على الأرض، جميعنا معاً. الآن أشعر انني محظوظة، ولا أخشى المستقبل، وأعلم أن بإستطاعتي التكيّف مع كل الظروف. أمي فرنسية، لذلك لا ألاقي صعوبة في الإنخراط في المجتمع. ووالدي علمنل أن أرفع رأسي وأنظر في عيون الجميع، وأن لا أخاف، وأكون نفسي.

لماذا إخترت باريس؟
في جينيف، كنت أعيش في نعيم. إما كنت أن أتزوج من مصرفي أو أصحو على نفسي وأسافر. كنت أعشق الكتابة، والخيار الوحيد هناك كان العمل في المجوهرات، أو الشوكولاتة أو البنوك. وهكذا إدخرت بعض المال وجئت إلى باريس. ونصحني والدي أن أقيم في حي جيد، أو أن لا أغادر البيت. أضعت عاماً كاملاً مع صديق، وبعدها شرعت في الكتابة، وقد حالفني الحظ في ذلك. ففي ظهيرة يوم ما، في أحد المقاهي، كنت برفقة بعض الأصدقاء، عندما دنا مني رجل كبير في السن يرتدل نظارات. عرفت فيما بعد أنه شقيق مصور شهير، وأخبرته أنني كتبت quot;إعترافات للّهquot;، قال لي أنه سوف يتفرغ للكتاب أثناء الصيف، وسيقدمني لناشر كتب.

هل أنت سعيدة في باريس؟
لم أرتبط بأية صداقات طوال سبع سنوات، غير أني تعرفت على صديق رائع، ولدينا طفل. الناس في باريس ليسوا لطفاء، وأنا أعيش في محيط ضيّق، ربما يكون السبب في عدم خروجي إلى الشارع والتعرّف على الناس. لقد عملت كثيراً، وأن الكتابة تستغرق وقتاً. قال مونتين: يعجبني ما يخفيه الآخرون في قلوبهم. وأنا كذلك. لا يهمني الشكل، ولكن يعجبني أن أعرف ما وراء الأشياء، المخفي منها.

دعينا نتحدث عن أدبك. أول شئ يفاجئنا فيه حريتك، وروحك الساخرة.
ليس بمقدوري الكتابة من دون السخرية، لكن الكتابة بلغة ساخرة ليس بالأمر الهيّن. كنت دائماً الفتاة المهرجة في البيت، ووالدي أيضاً يتمتع بخفة دم. إذا كنت عاهرة، لا تملك، حينذاك، غير الضحك. أنها الطريقة الوحيدة لمواجهة ظروفك، وفي الواقع، تسمع الضحكات في المناطق الشعبية أكثر مما في شارع فوش. في العمارة التي أقيم، لا أسمع حتى قهقهة ولا مجرد صرخة. كل شئ يبدو مملاً جداً.

في روايتك quot;أبي إمرأة نظافةquot;، شخصية بولو هي عبارة عن قاتل نمطي. أمه قبيحة، ومشلولة، ولا يستطيع أن يكنّ الإعجاب لوالده.
الإنترنت والتلفزيون من أكثر الوسائل خطورة في حياتنا هذه الأيام. الأمر لم يكن كذلك في السابق. الآن بلى. لم يعد الصغار يلعبون الكرة، إنهم يجهّزون الصور للفيسبوك، ونحن في نظرهم أناس كبار في السن وبلهاء. وهذه إحدى أهم مساوئ الإنترنت. لذلك نرى بولو يقول: أنا أحب والدي، لكن يكلفني الكثير الإعجاب به. لم تعد المهن اليدوية ذات أهمية اليوم، وليس هناك من يقيّمها، وأصبحت تثير الخجل، والجميع يرغب العمل في وظائف فكرية. لدي صديق لا يفهم سوى في الأرقام، والأرقام فقط، ويعاني من إكتئاب شديد. أعتقد أن الذين أتو بكل هذا، سوف يدفعون الثمن غالياً.