عبد الجبار العتابي من بغداد: يرقد الشاعر العراقي حسين عبد اللطيف على سرير المرض في مدينته البصرة بانتظار الامل الذي يبعد الاجل في الحفاظ على ساقه التي لا زالت في حكم المتعرضة للبتر بعد ان بث (السكري) قسوته في ارجاء منها، وقد استنجد الادباء العراقيون بالرئاسات العراقية الثلاث لاعلان رعايتها له، ولسان حال الادباء يقول: ايتها الرئاسات الثلاث، الا هل من علاج للذي اجزاؤه تبكي على اجزائه ؟ الا هل من دفء يذيب الزمهرير في نفسه المرتجفة ؟.

كأني بالشاعر حسين عبد اللطيف يتلفلف بالصمت والصبر، كما هي طبيعته، لكنه الان اكثر صمت وسكونا وقد ترك للمرض متعة ان ينتهك حرمة جسده فيما يحاول المقاومة والصمود عسى ان تسعفه قابلياته على ان تحدر المرض ويتعافى منه، لكنما المرض يمتلك قسوة يتواصل في بنائها اناء الليل واطراف النهار، في نوم الشاعر ويقظته ويستغل انهيارات هنا او هناك ليبني حكايات عن الموت ويعربد في الامكنة التي هو فيها ليزداد اتساعا، كأني به يقفل سيماء وجهه ويغمض عينيه كي لا تتراءى للاخرين قتامة حزن او علامة توجع، فهو ذلك الشاعر الانسان المنسجم مع قناعاته وخجله ودماثة خلقه، الذي لا يمد طرفه الى شيء ليس له ولا يكاد يستغيث وان شعر ان المرض هزمه سواء رقد في بيته المؤجر في (حي العباس) من ضواحي (الحيانية)، او في مستشفى (ابن البيطار) الخاص بالبصرة، وهو يستعد برباطة جأش لبتر ساقه فيما تحلق من حوله صور زملائه من الادباء الراحلين من ابناء البصرة الذين لن تسعفهم النداءات المتكررة لانقاذهم.

من البصرة.. بدأت نداءات الاستغاثة لانقاذ هذا الشاعر الجميل، لبدء محاولات للانسجام مع ترنيمات وجعه البادية في نظرات عينيه، والظاهرة على جسده المسجى وان كان يضطر الى الغفو عسى ان تنهض في نفسه قيامات الدفاع عنه كي لا يبوح فمه بالنجدة، لانه شاعر لا ينتهز الفرص ولا يكيل المديح بحثا عن ترف، وهو يشعر ان في مساحات ساقه انتشرت (عصابات الجريمة) التابعة لمرض السكري لتهدم خلاياها وتهتك جدران اللحم الحي بالعفن الذي يرى الاطباء ان البتر هو العلاج الوحيد لها، وربما نحس ان دموع حسين عبد اللطيف تتبتل وتهتز داخل مآقيه ويطلق لقريحته العنان لتشرح ما يحدث من عناءات في جسده وروحه.

اي عون من الممكن ان يمتد اليه، ليس هناك غير النداء تطلقه المؤسسات الثقافية اينما كانت لا سيما في البصرة مدينة الشاعر وبغداد التي فيها مقر اتحاد الادباء والكتاب في العراق، وتمت الاستغاثة بشكل عام وخاص، وكانت العيون تتطلع الى رئاسات الدولة الثلاث لان بيدها الحسم فضلا عن كون المستغيث بها لا يرى عيبا ولا حياء، لان هذه الرئاسات وجدت لخدمة الناس بمنافعها تحديدا، واذن.. هل من يستجيب لينقذ الشاعر الجميل حسين عبد اللطيف فالشاعر حسين عبداللطيف، لاسيما انه يعاني من مرض يتطلب (مبالغ كبيرة) ليس لديه منها شيء ولا لديه القدرة على الاستدانة، مثلما يتطلب مرضه علاجاً في خارج العراق، قبل أن يستفحل ومن يؤدي الى بتر ساقه كما تم بتر أحد اصابعه قبل أشهر !!، هل من مجيب.. قبل ان نردد بعده قوله الذي قاله في رثاء احد اصدقائه:

(من يملك وضع اليد
على كل شيء
اوصدوا الابواب
الوقت قارب...
العربة اوشكت..
ليلبث حاملو الزهور مليا
كي يغنوا لي اغنية السلوان
ويمجدوا رحيلي)..!!.