عبد الجبار العتابي من بغداد: يسعى مجموعة من الشباب العراقي الى اقامة اكبر تجمع لتشجيع القراءة حمل عنوان (انا عراقي.. أنا اقرأ)، في يوم السبت التاسع والعشرين من الشهر الحالي، بالقرب من تمثال شهريار وشهرزاد في شارع ابو نؤاس، بعد ان اطلقوا تباشير المبادرة عنه قبل اشهر، واجتهدوا كثيرا في تحويله من مجرد حلم الى حقيقة، مؤكدين في حملاتهم ان أهمية مبادرة (انا اقرأ) تأتي كحملة تسويقية للثقافة المدنية وترويج للعادات القرائية لمواجهة مروجي ثقافية التخلف وناشري الملوثات الثقافية، وموضحين انهم متطوعون، ليس لديهم هيكل تنظيمي، وانهم يعون جيدا ان الفكرة هذه لن تكون حيوية وقابلة للنمو إلا في حال حفاظهم على الرغبة بزيادة رقعة المتلقين الشباب خارج إطار النخبة.
وقام هؤلاء الشباب في الايام الكثيرة من تكثيف حملتهم، بحيث جعلوا اغلب شوارع بغداد ومنتدياتها وملتقياتها تتحدث عن الموعد الذي تم تحديده لاقامة هذا التجمع، وصار من السهل مشاعدة البوسترات واللافتات التي تشير الى هذا، بكلمات مثل : مبادرة quot;أنا عراقي.. أنا اقرأquot;، وليكن أكبر مهرجان للقراءة، او : انا ذاهب يوم السبت الى بغداد لحضور مبادرة انا عراقي انا اقرأ، من سيأتي معي، او طريق الحياة يبدأ بكتاب، او تبرع بكتاب كي نقرأ انا وانت، بل ان الامر تعدى الى انتشار الشباب لتوزيع دعوات لحضور المهرجان على الناس في مختلف الامكنة.
وجاء هذا السعي بعد ان تحدثت تقارير محلية وعالمية عن تدني مستوى القراءة واشارت الى الاهمال الذي يتعرض له الكتاب في ظل تفشي الجهل والامية والتخلف الثقافي كآفات خطيرة تهدد تطور المجتمعات وتقدمها، واجتهد هؤلاء الشباب على ان يكون التجمع نشاطاً لافتاً من إعلانه الأول الذي رفعوه في مساحات مختلفة من بغداد : (كتب وقراءة في الهواء الطلق على حدائق شارع أبي نؤاس)،وبدأ هؤلاء الشباب حملتهم قبل اشهر عبر (الفيس بوك) اولا، ثم ترجموها على الارض من خلال نشر الاعلانات في العديد من مناطق بغداد المهمة، ولا سيما في شارع المتنبي الذي يعد شارع الثقافة والكتب، وقد تشجعوا في تأكيد رسالتهم من خلال فتح باب التبرعات بالكتب من خلال صناديق هنا وهناك، وكانوا هم السباقين بالتبرع بما استطاعوا من الكتب، ثُم يعلنونَ عن أمكنة للقراءة، كالحدائقِ والمتنزهات العامة، والأهم من هذا نجاح الخلية في جذب المستهدفين للمشروع : قراء شباب، بل انهم وجدوا افكارا جميلة للحفاظ على قيمة المشروع وديمومته من خلال تشكيل فرق جوالة في شوارعِ بغداد الرئيسية والمكتظة بالناس، يوزعون الكتب على سيارات التاكسي، والمارة، ويضعون علباً خاصةً بالمبادرة، في كُل منها كتاب.
يقول الكاتب احمد سعداوي : بدون القراءة لن تقوم لنا قائمة، ليس مهماً الكتاب الذي تقرأه، إقرأ ما تشاء وتحب، ولكن من الضروري أن لا تضع حاجزاً إزاء أي كتاب. كن سائحاً حراً بين الكتب، وحينها ستصل الى حرية الإرادة والعقل، سترى أنك أكبر مما كنت تتصور. وأن الحياة أوسع بكثير مما تراه بعينيك كل يوم. أو مما يخبرك به الآخرون.
واضاف : لنعمل على إنجاح مبادرة الشباب في اقامة اكبر تجمع مدني للقراءة يوم السبت المقبل على حدائق ابي نؤاس بجوار تمثال شهرزاد وشهريار، لتكن هذه المبادرة أكبر تظاهرة مدنية في بغداد من اجل الجمال والمعرفة والتنمية البشرية.
فيما يقول الكاتب شمخي جبر : laquo;أنا عراقي... أنا أقرأraquo; مبادرة أطلقها شباب عراقيون لاستعادة تقاليد القراءة في بلادهم، ومواجهة القطيعة مع الكتاب، وتــعتمد المبادرة على أفكــــار مختلفة لتشجيع الشباب على مصالحة الكتاب، والتوصل إلى قارئ عصري يمكنه التعاطي مع فكرة القراءة بأساليب مجددة، ومن تلك الأفكار ما يستثمر مواقع التواصل الاجتماعي. إذ أطلق القائمون على المبادرة موقعاً على laquo;فايسبوكraquo; يحمل اسمها، ويتولى الموقع، الذي تمكن في أقل من شهرين من استقطاب نحو 3000 عضو - قارئ، نشر كتب إلكترونية بصيغة laquo;بي دي أفraquo;، وتقديم إعلانات عن إصدارات حديثة لمطبوعات عربية وأجنبية، ويمكن من يلج الموقع العثور على قوائم مطولة من عناوين أدبية وتاريخية وعلمية. ويُسهل للعضو فيها الوصول لأشهر المكتبات العالمية، ويطلُ الموقع من نافذة إلكترونية تعرف المبادرة بأنها laquo;تجمّع للقراءة في بغداد... مهمته تعريف العالم بقدرتنا في البدء من جديد... يمكنك المشاركة بأفكار الكتب التي قرأتها، أو اقتباس فقرة من كتاب تحمل فكرة مميزة في نظركraquo;، ويتفاعل أعضاء المبادرة في صفحتها الإلكترونية بعناية ونشاط فائقين، ومنذ صدورها يقومون بنشر مواقع كتب مختلفة، ويضعون عنوان كتاب ما يطلبون من بقية الأعضاء توفيره على الموقع، وسرعان ما يلبي أحدهم الطلب، ولاحقاً يخوض الجميع في نقاش حول مادته وما جاء فيه.
يذكر.. ان تقرير التنمية البشرية لسنة 2010 كان قد أشار الى بعض الحقائق الخطيرة التي تحتاج الوقوف عندها وتأملها،اذ يقول التقرير ان المواطن العربي يقرأ 6 دقائق والغربي 200 ساعة سنويا، و يقرأ سنويا 4 صفحات فقط، في حين يقرأ الأمريكي 11 كتابا، والأوروبي أكثر من 30 كتابا وأن العالم العربي بدوله الـ 22 ينشر حوالي 1700 عنوان في السنة، بينما أمريكا وحدها تنشر خمسة وثمانين ألف كتاب في السنة، وعدد الكتب التي تترجم في العالم العربي سنويا لا يتجاوز 330، وهو خمس ما يترجم في اليونان، هذه الحقائق المفزعة وغيرها الكثير تبين الهوة الكبيرة التي تفصلنا عن العالم وتضعنا امام مسؤولية كبيرة لمواجهتها.