عبد الجبار العتابي من بغداد: صدر للشاعر والكاتب العراقي فاضل عباس الكعبي كتابه الجديد الذي يحمل عنوان (الكيان الثقافي للطفل) عن مؤسسة العروة الوثقى، يقع الكتاب في 290 صفحة من الحجم الكبير بغلاف سميك، ويتضمن ثلاثة اقسام، حيث خصص القسم الاول للمقالات، والثاني للشهادات والثالث للحوارات، وضمت الحوارات الصحفية التي اجريت معه عن ثقافة الطفل، ويعد الكعبي واحدا من ابرز المهتمين بثقافة الطفل وشؤونه الادبية فكتب له الشعر والقصة والمسرحية ونشر العديد من البحوث والدراسات عن كل ما يخص ثقافة الطفل.

وقد جاء في المقدمة التي كتبها المؤلف: تعد الثقافة بكل اتجاهاتها مظهرا اساسيا من مظاهر حياة الانسان على نحو عام، والطفل على نحو خاص، كونها تشكل جانبا مهما وجوهريا في شخصيته، بل انها تعد سمته البارزة التي تظهر جليا في وعيه وفي سلوكه وفي تحكمه الغرائزي والانفعالي وفي مجمل ضوابطه الاخلاقية والوجدانية والاجتماعية وفي انشطته وفي فعالياته الاخرى، اذ اننا لا يمكن ان نفهم الطفل ونتعامل معه دونها، كونها تدخل في صميم التنشئة والتربية والتعليم والتوجيه والاكتساب والتدريب والتجربة والتهذيب وما الى غير ذلك.

واضاف: والثقافة الى جانب فاعلياتها وتمظهراتها في حياة الطفل السلوكية والفكرية والاجتماعية تعد مقوما مهما من مقومات وجوده وعاملا من عوامل تطوره وتغييره، لاسيما اذا فهمنا الثقافة فهما شاملا بابعادها المتعددة وأخذنا بهذه الابعاد في نظرتنا الى الطفل وسبل التعامل معه متخذين من الثقافة طريقة شاملة للحياة، يمكن لها ان تعكس لنا حقيقة الطفل وتكشف عن اعماقه لتوصلنا الى النتيجة التي تدلل على سلامة منظومته العقلية والنفسية والفكرية والوجدانية والاخلاقية والسلوكية اذا ما اخضعت هذه المنظومة بشكل متناسق وسليم الى مقومات الثقافة الايجابية ومؤثراتها وأشيعت حاجاتها الاساسية منذ خطواته الاولى، وهذا الفهم الذي ينطلق من مفهوم الثقافة ومن ادراك آلياتها ومؤثراتها واساسياتها وضروراتها واهمية اعتمادها في المنطلقات الفكرية الصحيحة للتعامل مع الطفل ومع اساليب تنشئته الايجابية يشكل مرتكزا اساسيا للقاعدة العلمية التي يمكن من خلالها الانطلاق لبناء الكيان الثقافي للطفل، على ان تكون الخطوة الاساسية في هذا الانطلاق هي الاستجابة الواعية والدقيقة لمتطلبات حاجاته المتعددة ومنها بشكل اساسي حاجته الثقافية التي لايمكن التغاضي عنها او التباطؤ ازائها عند الاستجابة للحاجات الاخرى في رعاية الطفل واعانته على تنامي قدراته وتوسيع مداركه وتعديل سلوكه وضبطه بالاتجاه الذي يجعله سويا.

يقول الكعبي: جاءت تسمية الكتاب بـ (الكيان الثقافي للطفل) لانه اعتمد على جملة من القضايا والمواضيع الاساسية في ثقافة الاطفال والتي تدعم البناء الصحيح للكيان الثقافي للطفل وتعمل على تعزيز تربيته وتعليمه بشكل سليم ولا يتقاطع مع الصواب في طريق الخير الذي ينشد القيم العليا في اتجاهات الحياة التي لا تسير بشكل صحيح ما لم نرعى بذرة الطفولة ونسقيها بماء طاهر يجعلها تنمو وتنشأ نشأة سوية تنطلق في بناء المستقبل المشرق،وجهدنا هذا اسهامة في هذا الاتجاه.

واضاف: ضم الكتاب مجموعة من الكتابات المتفرقة التي كتبت في مراحل مختلفة ونشرت هنا وهناك في صحف ومجلات محلية وعربية خلال اعوام مضت، خلال السبعينيات والثمانينيات والتسعينيات، وما بعد ذلك بعد ان وجدت من المناسب جمعها وتصنيفها، وكلها قد تعرضت بالبحث والمناقشة والتحليل لشتى المواضيع التي تتعلق بأدب الاطفال ومسرح الاطفال وسينما الاطفال وكتب الاطفال وقراءات الاطفال وغيرها من المواضيع التي تتعلق بتربية الاطفال وسبل النهوض بواقعهم الثقافي وان اختلفت هذه المواضيع واتجاهاتها، الا انها لا تختلف عن الالتقاء في محور واحد يشكل محورها الاساسي ذلك هو محور (ثقافة الاطفال).

وتابع الكعبي:هذه الكتابات التي ضمها الكتاب هي الجزء اليسير الذي بقي لدينا محفوظا في ركام المكتبة والارشيف بعد فقدان الكثير من الكتابات المنشورة الاخرى في غفلة مني، اذ لم افكر سابقا في جمع هذه الكتابات في يوم ما ونشرها في كتاب موحد، آمل ان اكون قد اسهمت في البناء الثقافي للطفل وعززت من كيانه الثقافي بشكله المشرق ومضمونه الهادف الذي يشكل قاعدة انطلاق الثقافة المتقدمة في المجتمع.

ويستطرد في حديثه قائلا: الكتابة للاطفال هي حلقة التواصل مع المعارف والاجيال، وامتلاك ناصيتها يعني امتلاك القدرة على استنطاق قدرات الانسان الخفية والوصول الى منشأ المعارف والامكانات وترجمة اللغات الحسية والذهنية في المخيلة الانسانية واستنطاق مفرداتها في الواقع الحي، ومن هنا ارى الكتابة للاطفال مهمة صعبة ومغامرة تحفها المخاطر، الا انها ارقى محاولة لارقى فنون الكتابة واكثرها اهمية،مع ان الشهرة فيها شيء نسبي، بل تكاد تكون مفقودة، لان متلقي الكتابة لايهمه من يقف خلفها او من ابدعها بقدر ما يهمه نتاجها وتأثيره فيه ومقدرة هذا النتاج الابداعي في الاستحواذ على اهتماماته والنفاذ الى مخيلته وحواسه، وفي ذلك لا يهم الكاتب المخلص لقضية الطفولة مسألة الشهرة اكثر من الوصول الى اعماق الطفل والانطلاق منها الى استشراف المستقبل وبناء كينونة (الطفل- الانسان) من خلال الكتابة.