تنتقد مسرحية الجزيرة طريقة معاملة السجناء، وهي تقدم على خشبة مسرح الحرية في جنين، وكان الحياة في فلسطين غريبة عن أهوال الاعتقال، لكن الدعابة والسخرية طريقان يبعدان الناس عن الأسى واليأس.


لميس فرحات من بيروت: على مسرح جنين زنزانة يقبع بين قضبانها سجينان، في سيناريو مقتبس من مسرحية الجزيرة، لأثول فوغارد، بالاشتراك مع جون كاني وونستون نتشونا، استوحياها في العام 1972 من نص للشاعر الإغريقي سوفوكليس.

ومسرحية الجزيرة كانت محظورة في جنوب أفريقيا أيام الفصل العنصري، لأنها تنتقد طريقة معاملة السجناء السياسيين ونظام الحكم السابق في بريتوريا. اليوم، أعيد كتابة نص فوجارد لتدور أحداث المسرحية في المناطق الفلسطينية، وتصور معاملة الأسرى الفلسطينيين في سجون إسرائيل، وممارسات الحكومة الإسرائيلية مع الفلسطينيين.

من الأسى إلى الدعابة

بالرغم من أن بيئة النص انتقلت إلى موقع آخر، إلا أن مضمونها ما زال صالحً. فلكل فلسطيني في الضفة الغربية تقريبًا أب أو أخ أو أبن أو زوج تعتقله السلطات الإسرائيلية. وحاليًا، يقبع 4500 فلسطيني وراء القضبان، معظمهم من مدينة جنين.

ومسرح الحرية في جنين يجسد المقاومة والصبر والمعاناة التي يكابدها الأسرى في السجون الإسرائيلية، وهدف إعادة كتابة مسرحية الجزيرة هو نقل أحداثها من أفريقيا إلى فلسطين وإسرائيل، لتركز على الانتهاكات الإسرائيلية بحق السجناء السياسيين الفلسطينيين.

يمثل أحمد رخ في المسرحية، وهو اعتقل للمرة الأولى عندنا كان في الرابعة عشرة. يقول أن مخيم اللاجئين في جنين كان خزانًا للمقاومين خلال الانتفاضة الثانية، التي استمرت من العام 2000 إلى العام 2005.

وبعد ما يقرب من عقد من الزمان، يحاول أحمد التعافي باللجوء إلى الدعابة. فبعد أن كان يعاني وراء القضبان، أصبح ممثلًا يروي اليوم قصته للجمهور الذي يضحك من سخرية السجين السابق.

أكثر بطولة

شهد مسرح الحرية في جنين بعض الاضطرابات، أهمها قبل عامين عندما قتل مؤسسه، جوليانو خميس، وهو نصف فلسطيني ونصف يهودي، في ظروف غامضة. وأعيد فتح مسرح الحرية لتعليم الدراما بعد توقف لأكثر من عام.

وبالرغم من أن عدد السجناء السياسيين الفلسطينيين انخفض إلى النصف منذ الانتفاضة الثانية، إلا انه لا يزال ضعف ما كان عليه قبل اثني عشر عامًا. والمعتقلون وراء القضبان يضمون مئات رماة الحجارة، و15 عضوًا من البرلمان الفلسطيني و170 شخصًا محتجزًا من دون محاكمة بموجب الاعتقال الإداري.

عندما قدمت هذه المسرحية بإنتاج إسرائيلي في مسرح حاسميتا في يافا قبل ثلاث سنوات، غادر بعض المشاهدين بعقلية مختلفة عن التي دخلوا بها، كما يقول منتج المسرحية ألون تيران، مشيرًا إلى أنه لم يكن ليطلب أكثر من ذلك.

أما في جنين، فكانت ردود الفعل أكثر وضوحًا. quot;كلنا مقاومونquot;، يقول أحمد جبارة، المعروف بـquot;أبو سكرquot;، الذي حضر افتتاح المسرحية. اضاف: quot;كلما وصفنا الظالم بالاجرام صرنا أكثر بطولةquot;. وأبو سكر سجن 27 عامًا لدوره في تفجير في القدس في العام 1975 تسبب بقتل 15 شخصًا.