لم يكن الألمان من قتل يهود إيطاليا في الحرب العالمية الثانية، إنما كان الإيطاليون هم الجلادون الذين أبادوا مواطنيهم في معسكرات الاعتقال.

إيلاف: يقول تقرير الشرطة إن "الطفلة المرعوبة إيما كالو (6 سنوات) تشبثت بملابس البواب باكية... وأن مستر ومسز بيرنا توسلا المسؤول ألا يفعل ما ينويه، ولكنه كان مصرًّا".&

حدث هذا المشهد المؤثر في روما في عام 1944. والمسؤول الذي يتحدث عنه التقرير نازي، كان يشارك في حملة الاعتقالات التي استهدفت اليهود، بعد انسحاب إيطاليا من الحرب العالمية الثانية، وتحوّل الألمان من حلفاء للإيطاليين إلى محتلين لإيطاليا.&

كان إيطاليًا
لكن المسؤول لم يكن ألمانيًا، بل إيطالي. وكما يقول سايمون ليفيز سالام في كتابه "الجلادون الإيطاليون: إبادة يهود إيطاليا" The Italian Executioners: The Genocide of the Jews of Italy (المكون من 208 صفحات، منشورات جامعة برنستون، 27 دولارًا)، فإن كثيرين دافعوا عن اليهود، لكن كثيرين آخرين لم يدافعوا عنهم، بل أدار البعض وجوههم في الاتجاه الآخر، وشارك البعض الآخر مشاركة نشيطة، وحتى متحمسة، في ملاحقة وترحيل 6746 يهوديًا أُرسلوا من إيطاليا إلى معسكرات الإبادة الألمانية. يصح هذا الموقف بصفة خاصة على "الجمهورية الاجتماعية الإيطالية" كما كانت تُسمّى الدولة التي أقامها الفاشيون في شمال إيطاليا.
&
يكتب ليفيز سالام أن شخصيات إيطالية متنفذة سعت إلى كسب ود الحلفاء الذين خرجوا منتصرين من الحرب بامتداح دور المدافعين عن اليهود والتقليل من دور جلاديهم. ورغم اختفاء الكثير من الأدلة الوثائقية فإن كتابه القصير يحاول تسليط الضوء على حجم دور هؤلاء الأخيرين الحقيقي.&

تحذير الضحايا
تلاحظ مجلة "إكونوميست" في مراجعتها لكتاب سالام مدى رسوخ الرواية المقبولة للأحداث وانتشارها، حتى إن قادة اليهود الناجين من المحرقة أنفسهم اعتمدوها. وأعلن رئيس اتحاد الطوائف اليهودية في عام 1956 أن الجميع حرصوا على تحذير الضحايا المحكوم عليهم بالهلاك، جميع الأصدقاء والمعارف والجيران كانوا مستعدين لإيوائهم، ومساعدتهم.&

دخلت هذه القصة كتب التاريخ المقررة في المدارس، واحتضنها حتى متحف ياد فاشيم لإحياء ذكرى ضحايا المحرقة في إسرائيل. تقول إحدى مطبوعات المتحف أن الإيطاليين رفضوا معاداة السامية بوصفها غريبة عن التقاليد الإيطالية.&

لكن دبلوماسيًا ألمانيًا أوضح في مذكرة كتبها إلى برلين حين بدأت تسفيرات اليهود في أواخر عام 1943 أنه من المتعذر "بما لدينا من قوات في أيطاليا أن نمشط جميع المدن". وبالتالي، فإن إيطاليين شاركوا في اعتقال 2210 شخصًا، 1898 منهم اعتقلهم إيطاليون بمفردهم. ثم كان هناك المخبرون الذين خانوا معارفهم اليهود، وإيطاليون تطوّعوا للعمل في أجهزة، مثل المفتشية العامة للأعراق، وفي معسكر الاعتقال، الذي نادرًا ما يُذكر في فوسولي قرب مودينا.&

ظروف مزرية
في أوائل عام 1944، ناشد السجناء أحبار الكنيسة الكاثوليكية المساعدة على التخفيف من "ظروفهم المزرية" وتقديم "العون الذي يلتمسه المسنون والنساء والأطفال والمرضى من التضامن الإنساني".&

على الرغم من تركيز المؤلف على القسوة التي تعرّض لها اليهود، فإنه يعترف بأن القصة متعددة الأوجه. عندما ضُبط يهودي ووالدته يحاولان الهرب إلى سويسرا، أفرج عنهما المسؤول الفاشي المحلي، وأعاد إليهما ممتلكاتهما المصادَرة.&

لاقت محاولات بيرنا وزوجته إنقاذ الطفلة إيما كالو تعاطفًا ضمنيًا من شرطي كان يرافق المسؤول الإيطالي. لكن هذه المحاولات لم تنقذ الفتاة الصغيرة التي ماتت في معسكر آوشفيتز بعد أشهر. صدر حكم ببراءة المسؤول من كل التهم الموجّهة إليه بعد الحرب، "بفضل نشاطات زعم أنه قام بها في خدمة المقاومة".&

أعدت "إيلاف" هذا التقرير بتصرف عن "إكونوميست". الأصل منشور على الرابط:
https://www.economist.com/books-and-arts/2018/10/27/the-real-story-of-what-happened-to-italys-jews


&