في كتابه "فريديريك شوبان: حياة وأوقات"، يورد آلان ووكر تفاصيل ميرة عن حياة هذا الملحن المعجزة، من دون الأساطير التي اكتنفت حياته، التي كانت بذاتها عملًا فنيًا.

إيلاف من بيروت: إنّ خطوط الحياة القصيرة والمثيرة لشوبان مألوفة لمعظم عشاق الموسيقى الكلاسيكية. ولد في عام 1810 في وارسو في عائلة من الطبقة المتوسطة، وكان طفلًا معجزة.&

أصبح عازف بيانو وملحنًا موسيقيًا شهيرًا لمقطوعات موسيقية رومنسية صغيرة، لكن رائعة، مثل البالاد والإيتود والمقطوعات المرتجلة والمازوركاس ونوكتورن والبولونيز. عاش معظم حياته في فرنسا، حيث اختلط بنخبة المجتمع الباريسي والفنون، وعزف للأرستقراطيين والملوك. وصفه الشاعر الألماني هاينريش هاين بكلّ وقار بأنه "رافائيل البيانو".

في عام 1838، هرب إلى مايوركا مع الروائية الداعمة للنساء، جورج ساند، التي صدمت المجتمع الفرنسي وأغاظته بارتدائها البنطلون وتدخينها السيجار، وبعد ذلك أقام علاقة طويلة وعاصفة معها.

سيرته عملًا فنيًا
بعدما عانى منذ المراهقة من مرض الهزال، على الأرجح مرض السل، توفي بشكل مأساوي في سنّ مبكرة، عن عمر يناهز 39 عامًا. وبحلول ذلك الوقت، كان أحد أشهر أبناء بولندا، وسيبقى. ما زالت موسيقاه تُعزف في جميع أنحاء العالم، فتبعث المتعة في آذان سامعيها.

بما أن حياته كانت عملًا فنيًا رومانسيًا في حدّ ذاته، كَثُر مؤلّفو سيرته الذاتية، ومنهم صديقه ومنافسه الملحن فرانز ليزت، الذي بدأ بالكتابة عنه فورًا بعد وفاته، وبعدها قام آخرون بتأليف سيرته الذاتية بشكل منتظم. فهل كانت هناك حاجة إلى سيرة ذاتية جديدة؟، بعدما قام آلان ووكر بإنتاج سيرة ذاتية مؤلفة من ثلاثة أجزاء عن حياة ليزت، بحث عن مصادر أساسية جديدة من وارسو إلى واشنطن، وألقى ضوءًا جديدًا على العديد من جوانب من حياة شوبان في كتابه "ف & & & ريديريك شوبان: حياة وأوقات" Fryderyk Chopin: A Life and Times (المكون من 768 صفحة، منشورار فرار، ستراوس وجيرو، 40 دولارًا)، وأزال مجموعة كبيرة من الأساطير التي اكتنفت حياته.&

كان لديه الكثير ليقوله أيضًا عن الجوانب السياسية والعسكرية والاجتماعية للعصر، بما في ذلك الثورتان، والحروب المختلفة، والأوبئة، والكوارث الطبيعية. وهو يعيد إحياء متعة صالونات باريس والحياة الريفية في فرنسا، فضلًا عن مضايقات السفر لمسافات طويلة في القرن التاسع عشر وأهوال الطب في ذاك العصر.

سؤال مثير للجدل
إلى أي مدى يمكن لدراسة حياة الملحن أن توضح الموسيقى؟... هذا سؤال قديم ومثير للجدل. يحدّد ووكر مدرستين فكريتين: الأولى هي أن الموسيقى ما كانت لتتواجد بدون الحياة، "بكل أفراحها ومآسيها"، لذا فهما متداخلتان بشكل وثيق؛ والثانية هي أنه يجب دائمًا تقويم الفن في "عزلة رائعة".

في حالة شوبان، تبدو المسألة قابلة للنقاش، إذ لا علاقة بين الحياة والموسيقى. في بعض الأحيان عندما كانت تجاربه مظلمة، كان يؤلّف مقطوعات مغمورة بالتفاؤل، والعكس صحيح.

لم يكن شوبان يقدّم مسرحيات موسيقية (النوع الذي يحاول استحضار الصور أو سرد القصص)، علمًا أن الملحنين الرومانسيين الآخرين كانوا يجدون لذّة في ذلك. فكان يسخر من بعض الملحّنين المعاصرين الذين حاولوا أن ينسبوا معاني غير موسيقية إلى مقطوعاته. يحتوي كتاب ووكر على كثير من التحليلات لأعمال محددة، لكنه يحرص على عدم اقتراح أي صلة بين الموسيقى والأحداث.

أقل غرابة
إنّ هذه السيرة الذاتية الضخمة مثيرة للاهتمام وممتعة للغاية، على الرغم من تركيزها على أدقّ التفاصيل. في الغالب، تعطي صورة جيّدة عن شوبان، وعند الفحص الدقيق تجعله يبدو أقل غرابة مما توحي به سمعته.

كان رجلًا طيبًا يتمتع بروح الدعابة. وعلى الرغم من كونه منطويًا على نفسه بعض الشيء، فقد استطاع الحفاظ على صداقات طويلة وقوية، كثير منها مع زملائه البولنديين. أثبت أنّه بارع بشكل مدهش في جذب الدعم المالي والعملي الذي يحتاجه ليتابع التأليف، من دون أن يبذل جهدًا وحتى مع تراجع صحته.

على الرغم من أنه كُرّم معظم حياته، إلا أنه لم يعتبر موهبته شيئًا مسلّمًا به، فكان يتألم مع كل مقطوعة يؤلّفها، فيشطبها، ويعيد تأليفها، ثم يشطبها من جديد. ومهما طال وقت التأليف، كان يعمل بجهد كي يجعل كل مقطوعة صحيحة تمامًا.

أعماله صغيرة نسبيًا، وذلك بسبب ميله إلى الكمال، وبالطبع، بسبب حياته القصيرة. قبل وفاته، طلب تدمير جميع مؤلّفاته الموسيقية غير المنشورة. فاعترضت شقيقته، التي أشرفت على أملاكه، فأنقذت عشرات الأعمال الإضافية، وحافظت عليها من أجل الأجيال المقبلة. ينبغي أن يكون العالم بأسره ممتنًا لها.
&
&
أعدّت إيلاف هذا التقرير نقلًا عن "إكونوميست". المادة الأصلية منشورة على الرابط:
https://www.economist.com/books-and-arts/2018/11/08/a-magisterial-account-of-chopins-life-and-times?frsc=dg%7Ce
&