بعد مئة عام من مجزرة أمريستار الهندية، المطلوب اعتذار بريطاني رسمي عن مقتل 379 مدني هندي وجرح مئات آخرين، حين تخيل ضابط بريطاني أن هؤلاء متمردون يريدون الانقضاض عليه.

إيلاف: بعد ظهر 13 أبريل 1919، قاد الجنرال البريطاني ريجينالد داير قوة من الجنود والعربات المدرعة عبر شوارع أمريتسار، مدينة السيخ الهندية المقدسة، وكانت وجهتهم حديقة جاليانوالا باغ العامة التي ينتصب فيها نصب تذكاري للسيخ.&

عندما لم يتمكن داير من تمرير عرباته ورشاشاته الثقيلة عبر المدخل الضيق، اقتحم المكان بالجنود وحدهم، وكان أمامهم نحو 15 الفًا من الهنود المسالمين العزل، من الرجال والنساء والأطفال، يستمعون بهدوء إلى خطابات سياسية، حضر كثير منهم بدافع الفضول.&

لا نظير لبشاعته

لكن الجنرال داير رأى شيئًا مختلفًا جدًا: "غوغاء وقحون ومجرمون"، على حد تعبير كيم واغنر في كتابه "أمريتسار 1919: امبراطورية الخوف وصناعة مجزرة" Amritsar 1919: Empire of Fear and the Making of a Massacre (المكون من 360 صفحة، مشورات جامعة يال، 33 دولارًا)، لا سيما أن "هؤلاء الغوغاء أنفسهم عربدوا في أمريتسار قبل أيام، وما زالت أيديهم ملطخة بدماء رجال إنكليز".

بلا تردد، أمر داير بفتح النار على المحتشدين في الحديقة العامة. وبعد 10 دقائق و1650 رصاصة، سقط 379 هنديًا في الأقل صرعى، وأُصيب مئات آخرون بجروح. امتنع الجنرال البريطاني عن إسعاف الجرحى، وبعدما&أدى واجبه غادر المكان مسرعًا.

في مراجعتها كتاب واغنر، تصف مجلة إكونوميست مجزرة أمريتسار بأنها "على الأرجح أبشع فعل همجي منفرد في تاريخ الإمبراطورية البريطانية"، مشيرة إلى أن الحقائق لا يتطرق إليها الشك، لكن معنى ما حدث ما زال موضع جدل ساخن. &

كان مسؤولون بريطانيون زاروا أمريتسار لتقديم آيات الاحترام، لكن على الرغم من المطالبات الكثيرة، لم تقدم بريطانيا اعتذارًا رسميًا، حتى إن هذه المجزرة لم تكن بنظر المدافعين عن الامبراطورية سوى استثناء يشذ عن القاعدة. وعلق ونستون تشرتشل في حينه قائلًا إن المجزرة ربما كانت "حدثًا مر وعًا"، لكنها كانت أيضًا حدثًا لا نظير لبشاعته "في التاريخ الحديث للامبراطورية البريطانية.... حدثًا يقف منعزلًا بتميزه وخبثه"، على حد تعبير واغنر الذي اتخذ مؤرخون حديثون موقفًا مماثلًا لموقفه مما جرى.&

سكنهم الخوف

يهدف كتاب واغنر إلى أن يبيّن إلى أي حد كان تأويل تشرتشل مضللًا. وبرأي المؤلف، تصرف الجنرال داير بوصفه خادمًا مخلصًا لإدارة استعمارية قائمة على الإرهاب والعنف، لا سيما في السنوات التي أعقبت ما كان البريطانيون يسمونه "العصيان الهندي"، والهنود يسمونها "حرب الاستقلال الأولى" في عام 1857.&

بوحشية قصوى، سُحقت تلك الانتفاضة الهندية التي قُتل فيها نساء وأطفال أوروبيون. وأصبح الراج البريطاني بعدها مصابًا بعقدة الخوف والارتياب من اندلاع ثورة مماثلة، وكان ضباطه، ومنهم داير، يستخدمون كثيرًا أساليب غير ملائمة، بدافع الخوف أساسًا.&

هذا ما حدث في أمريتسار في عام 1919، بحسب مجلة إكونوميست، مستعرضة الحوادث التي سبقت المجزرة، مثل طرد اثنين من القادة المحليين، والاضطرابات التي شهدتها المدينة قبل ثلاثة أيام على الواقعة.

لم يكن هناك ما يشير إلى أن هذه الحوادث كانت تمهيدًا لانتفاضة أوسع، لكن هذا على وجه التحديد ما رآه داير وضباط آخرون سكنهم الخوف من انتفاضة عام 1857.&

عندما وصل داير إلى حديقة جاليانوالا باغ، اعتبر الحشد المتجمع هناك مركز الانتفاضة وبؤرتها، وأراد أن ينتقم قبل أن ينقض عليه وعلى جنوده متمردون وهميون لم يكونوا موجودين إلا في مخيلته.

الاعتذار مطلوب

يعيد المؤلف واغنر تذكير القارئ بأن هذا هو السبب في نظر غالبية الإنكليز الذين كانوا في الهند، ونظر كثير في بريطانيا إلى داير بوصفه بطلًا.&

وفي حين قتل داير مئات المدنيين بالرصاص، فإن ضباطًا آخرين فكروا في قصف أمريتسار بالمدفعية أيضًا. ولدرء حدوث تمرد جديد، فانه أنقذ حكم الراج البريطاني في الهند. وجمعت له صحيفة صادرة في لندن 26 ألف جنيه إسترليني، وهذا مبلغ ضخم وقتذاك. ورفض بعض الهنود لاحقًا المبالغ الضئيلة نسبيًا التي قُدمت تعويضًا إلى الضحايا. &

يطرح واغنر وجهة نظره بطلاقة ودقة صارمة في كتابه الذي تصفه مجلة إكونوميست بالممتاز. وستكون الذكرى المئوية لتلك المجزرة في عام 2019 مناسبة سانحة لاعتذار بريطانيا عمّا ارتكبته في أمريتسار.

ويرى واغنر أن مثل هذا الاعتذار يمكن أن يُقدَّم عن أفعال أخرى من القسوة والعنف ارتكبتها الامبراطورية البريطانية بحق رعاياها.&

أعدت "إيلاف" هذا التقرير عن "إكونوميست". الأصل منشور على الرابط:
https://www.economist.com/books-and-arts/2019/02/16/the-amritsar-massacre-was-a-shameful-atrocity