ترجمة: حميد كشكولي

1
مِنْ حديدٍ هو البحرُ. القمر صامتٌ مثل الألمِ في عمق العقلِ. تُكْتسحُ جثةٌ، من هنا أو هناك، صخرةٌ كالطحالبٍ البحريّة أو مجسّاتٌ هامدةٌ، ثمرةُ رحمِ سفينةٍ حطّمتها الرياحُ، ملطخة بالدم، ومستنقعٌ ممتليٌ باللحمِ. قُصّرت الذراعُ اليُسرى، وقُطمت اليمنى من نهايةِ الزند، وعصاً متعفنةٌ تهذي وسط رئتي الماء. لم يبقَ من الفمِ الممزّق سوى جُرحٍ ينغلقُ ببطءٍ، ومن العينينِ ضوء ضبابيّ. عينان ِ بلا جفنينِ، وساقان تمتدانِ إلى الكاحل بلا قدمين- تشنّجات.

2
حُكْم البحر
أنْ تُقَيِّدَ فريسةً خفيّةً بأصفاد من تأوّهات مُحَطّمةٍ، تحت جفونٍ متكسّرةٍ لوعاءٍ يابسٍ-
أعمال نهبِ قبورِ المشاعر، ابتهالاتٌ إلى الحواس على نقطةٍ من الألحان المتداعية والمشوشة،
حممٌ بركانيةُ من الأنهار مقطوعةِ الرؤوس،
شفراتٌ من موجاتٍ قصمت الشاشةَ عميقاً،
لإبداع ساعةٍ زجاجية للأوبئة.
رؤى متباعدة لأبطالٍ يترنّحون،
عروق الضوء الثملة،
والعاصفة التي تنتهي شتاءً في الأهوار،
تُسْقِطُ اوراقَها لعودةِ جسدٍ ممزقٍ في الربيع.


3
فكوكٌ ميّتة تقضمُ تياراتٍ شتويةً،
أسنان كسرتها رجّةُ الضحية، تلك التي حفرت جذورها قبل أن تقع منحنيةً للاصطياد.
التمّتْ أفواه ناوية الابتلاع عبر الأرض
لرؤوس خاويةٍ بدأتْ تحفرُ باحثةً عن ثلمةٍ من اللحم،
تكورت الشبكة،
وانحدرت السماء.
تهمس خلالك افواج الموتى بلا توقّفٍ
في مقبرةٍ أبديةٍ
وأنتَ عاجزٌ عن الكلام.
أنتَ تغرقُ متحسّساً الآلامَ كمنافذ في الجسد الضائع.
لم تعدْ الان قادراً على المسير هناك حيث الدكنةُ أعمق
وجثة الوحشِ منخلعُ الأحشاء أرق، حيث تحتضنُ
حفنةً من العظام التي عصف بها الفراشُ، وغرقتْ في النوم.


--------------------------------------
هذه القصائد مقتبسة من الجزء الأول المعنون " الموت الأول" من ثلاثية الشاعر المعروفة باسم "بوئينا دامني",
--------------------------------------------
حياته
ولد لياكوس في أثينا وترعرع فيها حيث درس القانون. وقد عاش في الفترة بين 1988-1991 في فيينا. ثم انتقل عام 1992 إلى لندن حيث درس الفلسفة في كلية لندن الجامعية مع الفيلسوفين التحليليين (تيد هوندريش) و(تيم كرين). وكانت المادة الأساسية لدراستهم النظرية المعرفية وما وراء الطبيعية والفلسفة اليونانية القديمة. كما كان الفيلسوف ويترجينشتين زميلا له في هذه الكلية. انتقل عام 2005 إلى برلين. ويقيم حاليا في كل من برلين وأثينا.

المشوار الأدبي
استهل لياكوس عام 1992 كتابة ثلاثيته تحت العنوان الجمعي (بوئينا دامني Poena Damni ) في إشارة إلى معاناة النفوس المدانة بعقوبة الجحيم، لفقدانها المقدرة على رؤية الله.
تطورت الثلاثية بالتدريج واكتملت بعد عمل جارٍ استغرق ثلاثين عاماً. وصدر الجزء الثالث (حالة الوفاة الأولى) أولا باللغة اليونانية وترجم فيما بعد إلى الإنجليزية والاسبانية والألمانية. كما صدر الجزء الثاني تحت عنوان Nyctivoe عام 2001 باللغتين اليونانية والألمانية، وصدرت ترجمته الإنجليزية عام 2005 . وقد استبدل هذا العمل الأخير عام 2014 بنسخة جديدة تحت عنوان (مع الناس من الجسر).
وقد استعار العديد من الفنانين أعمال لياكوس في مختلف وسائل الاعلام الفنية . كما استلهم فنانون آخرون أعمال لياكوس ووظفوها في وسائل الإعلام الفنية المختلفة. وقدمتها الفنانة النمساوية سيلفي برودل في سلسلة من اللوحات عام 2002 في فيينا. كما قدم عام 2004 النحات فريتز أونيغ والمنتج في (بي بي سي) بييرز بيرتون عرضا مجسما وبالصوت في جولة أوروبية. قدمت عام 2005 فنانة البصريات النمساوية جودرون بيلز عملًا فنيًا بالفيديو مستوحى من عمله المعنون
Nyctivoe . قامت فرقة رقص مايا بأداء نسخة راقصة معاصرة من Nyctivoe في اليونان من 2006 إلى 2009. كما قدم الملحنان اليونانيان ماريا ألوبي وأندرياس ديكتيوبولوس نسخة موسيقية /مسرحية من Z213: Exit ، وبأداء فرقة داس نوي والممثل اليوناني ديميتريس ليغناديس في عام 2013.
كان ديميتريس لياكوس مع ليه موراي في 1998 ضيفا على مهرجان الشعر الدولي في (آبريستوايث)، ويلز. فأخذ ، بعد هذا التاريخ ، يقوم بقراءات من نتاجاته ويحاضر حولها في جامعات مختلفة في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك أكسفورد وتريستا وهونغ كونغ ونوتنغهام. أصبح عام 2012، كاتباً مقيماً في برنامج الكتابة الدولي، في جامعة أيوا. إنه من أحدث المؤلفين اليونانيين الذين حققوا الاعتراف الدولي، إذ تعتبر الثلاثية Poena Damni العمل الأدبي اليوناني الأكثر مراجعة على نطاق واسع في العقود الأخيرة ، وإن ( Z213: خروج ) هو الكتاب الأكثر مبيعا من الشعر اليوناني المعاصر المترجم إلى الإنجليزية. وقد دعي لياكوس ككاتب وشاعر إلى مهرجان الأدب الدولي في تبليسي في عام 2017. وفي عام 2018 مثّل اليونان في مهرجان الشعر العابر للمكان في بروكسل. وكذلك كان ضيفا على مهرجان بريشتينا الأدبي الدولي عام 2020. وجدير بالذكر أن العديد من االمحافل الأدبية قد رشحت ديميتريس لياكوس لجائزة نوبل للآداب.