لا لانتيخويلا : تعلّم نيكولاس مونتينيغرو تصميم الأزياء في ميلانو واستقطبت تصاميمه نجمات كثيرات بينهن بيونسيه... غير أن الجائحة أرغمت مصمم الأزياء الإسباني الواعد على العودة إلى قريته في إسبانيا لإطلاق علامته التجارية.

في بلدة لا لانتيخويلا التي يقتصر عدد سكانها على 3800 نسمة وتقع بالقرب من إشبيلية (جنوب إسبانيا)، بعيداً من عواصم الموضة، التقت وكالة فرانس برس مصمم الأزياء البالغ 31 عاماً الذي اكتسب خبرته من عمله مع "دولتشه إي غابانا".

الطاولة التي يعمل عليها تعجّ برسوم التصاميم وعينات الأقمشة، كالكريب والمخمل والتفتا. أما المشغل، فيمتلئ بفساتين الزفاف وبكرات الخيوط الملونة المصنوعة محلياً، وصور عائلية. تنكبّ الموظفات الثلاث لديه، وهنّ من سكان القرية، على تقطيع الأقمشة وصنع أنماط.

يرى المصمم الشاب أن "لا داعي ليكون للمصمم حضور جسدي في مدينة كبيرة"، إذ أن التقنيات الحديثة تُغني عن ذلك.

بعد فترة قضاها في "إنستيتوتو مارانغوني" المرموق في ميلانو، أمضى مونتينيغرو أربع سنوات في "دولتشه إي غابانا"، صمم خلالها أزياء لأهم النجمات كمادونا وبيونسيه وكايلي مينوغ ومونيكا بيلوتشي وحتى ميلانيا ترامب.

ولدى عودته إلى إسبانيا عام 2018 ، عمل في برشلونة لحساب علامة "يولانكريس" وصمم فستان التول الوردي المذهل الذي ارتدته نجمة البوب الإسبانية روزاليا في احتفال جوائز "غرامي" اللاتينية.

لكن كل شيء تغير في مارس الفائت بسبب جائحة كوفيد-19 والتدابير الرامية إلى احتوائها.

وبعدما أمضى 14 عاماً بعيداً من مسقطه لا لانتيخويلا، عاد المصمم إلى بلدته لتمضية المزيد من الوقت بالقرب من والده الذي أصيب بعد ذلك بالسرطان ثم توفي بسبب فيروس كورونا في نوفمبر.

و"بتشجيع" من والده، وهو رجل أعمال من أصول متواضعة، قرر نيكولاس مونتينيغرو أخيراً البقاء وإطلاق علامته التجارية من القرية، وتصميم أول مجموعة من فساتين الزفاف سمّاها "أبريل ". وتضم هذه التشكيلة فساتين أنيقة رصينة، يباع الواحد منها بـ 2500 يورو في إسبانيا وبريطانيا واليونان.

ويعمل نيكولاس راهناً على إعداد مجموعة للخريف والشتاء من الملابس الجاهزة النسائية بشكل أساسي، مستوحاة من السجادات المزينة بالغزلان والنمور والطاووس التي أحضرها والده عام 1971 من المستعمرة الإسبانية السابقة في الصحراء الغربية حيث أدى خدمته العسكرية.

وستُطلَق هذه المجموعة في مارس المقبل في مدريد وخصوصاً عبر الإنترنت ، بسبب الوباء، ما يراه المصمم الشاب أمراً إيجابياً ومفيداً.

ويقول "في عروض الأزياء، يحصل كل شيء بسرعة كبيرة - شانيل ، ديور ، وما إلى ذلك - بحيث لا يكون للمشاهد وقت للاستمتاع بالعرض قبل أن ينسى الجميع".

ويضيف "أطلقت مجموعة فساتين الزفاف عبر الإنترنت، وخصصت مقطع فيديو ترويجياً للعرض ككل، إضافة إلى مقطع فيديو ترويجي لكل فستان على حدة".

ويرى مونتينيغرو أن هذا الخيار "عملي" أكثر، وهو يراهن على أزياء النساء، على عكس المصممين الإسبان الآخرين ، مثل أرتورو أوبيهيرو وآرتشي أليد مارتينيز أو ماركة "أوتيثا" التي عرضت خلال أسبوع الموضة في باريس قطعاً رجالية أو "غير محددة الجنس".

ساهمت إقامة مونتينيغرو مشغله في القرية في تعزيز اقتصادها الذي أنهكه الوباء كما في كل مكان آخر، وهي بلدة لديها أصلاً تاريخ عريق في الخياطة، إذا تناوبت فيها أجيال عدة من الخيّاطات الخبيرات في فساتين الفلامنكو أو ملابس الأطفال.

وتقول استيفانيا بونسي، وهي أم تبلغ 38 عاماً، إن عملها في المشغل يساعدها كثيراً "في ظل الوضع الراهن"، إذ "لا يوجد شيء آخر" في القرية .

وفلسفة نيكولاس مونتينيغرو هي نفسها فلسفة المصمم الشاب أليخاندرو بالومو (28 عاماً) الذي يترأس علامة "بالومو سباين" التجارية، إذ افتتح الأخير مشغله في مسقطه بوساداس ، على بعد 75 كم من لا لانتيخويلا.

ويقول "نفقد هويتنا من دون القرية" ، مشيداً بعمل زميله، وهو مزيج ناجح من التقاليد الإسبانية والحداثة جعل اسبانيا تستقطب مجدداً أنظار عالم الموضة .