إيلاف من الرياض: يعود الأديب السعودي عبدالله بن بخيت للكتابة الروائية بوراية جديدة عنونها بـ ( الدحو) ، ويبدو أن بن بخيت يريد إعادة نجاح تجربته المهمة ( شارع العطايف ) سواء باختيار العنوان أو الفترة الزمنية للرواية .

الرياض في الستينات

بعد خمسين سنة عاشها بين الأوغاد والمجرمين يخرج ناصر يبحث عن أبنائه وأصدقاءها وماضيه الذي نسيه وعن حبيبة تركها في يوم الفاجعة.

لحظة أقرها القدر نقلت ناصر من اسعد إنسان إلى أتعس إنسان لتمضي معه التعاسة كل يوم على مدى خمسين عاما قضاها في السجن مقيدا بجريمة لم يرتكبها. لم يشعر أن قرار حبسه كان ظالما فدليل براءته كان دائما بين يديه، ولكنه رفض البوح به ومضى في طريق العذاب حتى جاءت نهايته بعد أن بلغ التاسعة والسبعين من العمر. الدحو قصة إنسان غادر الرياض في عام 1969 ليعود إليها عام 2018 يبحث عن أقارب وأصدقاء وعن سكك الرياض القديمة وأحياءها التي جابها في شبابه. من بقي ومن مات من أهله وأقاربه وأصدقاءه ومن سيجد؟! اصغرهم سيكون في الخمسين من العمر، حتى حبيبته نوف (سعادته وتعاسته) إذا كانت على قيد الحياة ستكون تجاوزت الثمانين من العمر.

من يبحث عن عواجيز في مدينة ترامت أطرافها. أخبره مشاري ضابط السجن أن الرياض التي يعرفها اختفت وتبعثر أهلها وما بقي منها صار كومة من الخرائب وبيوت متداعية يسكنها غرباء. لم يكن مشاري يدرك أن ناصر لم يعد ليعيش ولكن ليرى ما تبقى من حبيبته أي كان مآلها. تعرف ناصر على نوف عندما كان في الخامسة عشر من عمره وانتزعه القدر منها وهو على مشارف الثلاثين. عاش في حضنها أجمل أيام العمر. محضها حبا توج أشواق مراهقته واسعد شبابه ثم شاء القدر أن ينتهي ذلك الحب بخمسين سنة سجن بجريمة قتل لا يقترفها إلا إنسان خسيس. الوحيد في هذا العالم الذي يعرف أنه برئ من تلك الجريمة هي نوف. لا تستطيع نوف أن تأتي وتشهد على براءته ولا يستطيع أن يستدعيها للشهادة فكان الخيار الوحيد أن يضحى بحياته لكيلا تتلطخ سمعة حبيبته بالعار.

رغم جمال زوجته إلا أن سوء حظها أوقعها في رجل اكتملت في قلبه كل دواعي الحب والحاجة للأنثى. طوال وجوده في السجن بقيت زوجته على هامش ذاكرته على امل أن يرى ماذا فعل الزمن بأبنه محمد وابنتيه. لا يعرف هل يبحث عنهم أم ينساهم. تركهم أطفالا والآن أصبحوا كبارا والكبار لا حاجة لهم في أب,، وكيف سيستقبلون هذا الأب الذي أورثهم العار الكبير الذي دفعهم إلى تغيير اسم العائلة والهروب من الرياض كلها.

قراءة رواية الدحو ستمنحك طيفا واسع للرياض في الستينات. كيف كانوا يعيشون وكيف يحبون وكيف يمرحون وعلى أي وجه يقررون حيواتهم. ستجد نفسك تتفرج على أفلام السينما المصرية في منزل الشاب الملقب ب(ياواد يا تقيل) وفي المقهى تدخن جراك باعشن وتشرب شاي منعنش وبقية الخدمات التي يقدمها بخشة اليماني أو تستمتع بحفلات السامري وتشاهد الشاب الملقب بفول يتراقص في حفلات الزيران ولن تنجو من صراع الهلال مع أهلي الرياض. فعود سعيدا لمدينة صغيرة اسمها الرياض مازالت بقياها خرائب أو جمالا لم يعد يوجد إلا في ذاكرات شاخت.

عبدالله بن بخيت مابين الأدب والفن

بن بخيت روائي وناقد ادبي وكاتب اجتماعي وسيناريست سعودي كتب في العديد من الصحف ولسنوات كان مقاله الأهم والأكثر إثارة للجدل ودعوة للتنوير وتمرد على التيار الديني .

صدرت له العديد من الروايات مثل مذكرات منسية وشارع العطايف والتابوت النبيل .

الناقد السعودي محمد العباس وصف روايته شارع العطايف بأنها علامة من علامات الرواية في السعودية وسينصفها التاريخ .

رواية ( الدحو) صدرت عن دار جداول وستكون متواجدة في معرض الكتاب القادم في الرياض في الأول من أكتوبر .