اثينا: تشكّل كل محتويات منزل الفنان اليوناني الشهير أليكوس فاسيانوس قطعاً فنية صممها بنفسه، وهو بمثابة متحف لا يزال يعيش فيه الفنان البالغ 86 عاماً المعروف في كل أنحاء العالم بأعماله التي تتمحور على أساطير اليونان وفولكلورها، في انتظار افتتاح متحف باسمه في خريف 2022.

في شارع هادئ تصطف على جانبيه أشجار البرتقال، يقع المنزل المكون من ثلاث طبقات والذي يشبه البيوت المحيطة به، لكنّ منحوتة برونزية تمثّل وجه فاسيانوس تشير إلى أنها دارة الفنان الذي يلقب "ماتيس العصر الحديث".

تبتسم ابنته فيكتوريا قائلة "مرحباً بكم في عالم فاسيانوس". وتقول لوكالة فرانس برس "إنه منزل فنان. إنه متحف يعيش فيه" المرء. وتوضح بفخر أنه "صمم كل شيء وصنعه يدوياً، شيئاً فشيئاً مثل الجنة الصغيرة"، وهي تشير إلى قضبان الستائر ومقابض الأبواب، ومستلزمات الإضاءة وأريكة بتصميم معاصر وسواها.

النوافذ مزينة بشمس من الحديد المطاوع، والأرضيات بفسيفساء، والدرج بأوراق الخيزران المنحوتة. حتى الجدران ذات المنحنيات الناعمة تخلو من الزوايا.

في غرفة مجاورة ، يستريح أليكوس فاسيانوس الذي لا يزال يعيش في المنزل، لكن وضعه الصحي لا يسمح بالتحدث معه، على ما تشرح الشابة. فهو بلغ السادسة والثمانين في 25 تشرين الأول/أكتوبر، في اليوم نفسه لعيد ميلاد بيكاسو، لكنه اعتزل الرسم منذ عام 2019.

في الطبقة العلوية ، تقبع أوراقه الذهبية وأدوات الرسم في أحد أدراج محترفه. لكن منزله في باباغو لا يزال يزخر باللوحات والطباعة الحجرية والسيراميك والمنسوجات المعلقة أو المتكئة على الجدران، وسيكون بعضها ضمن متحف فاسيانوس المستقبلي.

وتوضح فيكتوريا أن والدها "خطط لكل شيء" يتعلق بالمتحف الذي سيفتح أبوابه في الخريف، "لكنه ترك التنفيذ لمؤرخي المستقبل". وأعاد الفنان مع صديقه المعماري كيرياكوس كروكوس تصميم المبنى القديم الذي سيضم المتحف في وسط أثينا.

من باريس إلى ميونيخ ، ومن طوكيو إلى ساو باولو ، جابت أعمال فاسيانوس العالم. لكن "الثقافة اليونانية كانت دائماً مصدر إلهامه، من الأساطير إلى اليونان المعاصرة" ، على ما تذكّر زوجته ماريزا.

أينما ذهب فاسيانوس، كان يحرص على أن يحافظ على "رؤيته" وأصوله وذكرياته.

فهو "كان يعتقد دائماً أن الفنان يجب أن يبدع بما يعرفه"، على ما تروي، وكان يقول "ما أعرفه هو اليونان. السماء زرقاء ، لذلك أرسم باللون الأزرق، أعرف الجزر اليونانية والبحر والأمواج ...".

هذا الرسام الذي اخترع ألوانه الخاصة، رسم أيضاً كثيراً بالأحمر الذي كان لون غرفة نومه طفلاً، "لإعطاء انطباع بالدفء"، أو باللون الأمغر المستوحى من الحرف اليدوية اليونانية التقليدية.

ومن بين لوحاته ورسومه المنتشرة في كل أنحاء منزله، وهي عينة من إنتاجه الغزير، واحدة تمثّل الدرّاج الذي قابله عندما كان طفلاً في طريقه إلى الشاطئ، وأخرى يظهر فيها الشعر الواقف بفعل الرياح كما ورد في الأساطير التي قرأها. وفي لوحات أخرى، اسماك جزيرته المفضلة كيا، والأمواج المستديرة كما في الأوديسة، والطائر ذو الأجنحة الممدودة وغيرها.

توزعت حياة الرسام المتعدد الموهبة بين اليونان وفرنسا حيث درس الطباعة الحجرية في المدرسة الوطنية للفنون الجميلة، وزامل الكتاب والرسامين ومنهم ماتيس وبيكاسو اللذين كان "شديد الإعجاب بهما".

في منزله في باباغو، كان فاسيانوس يعمل على الأرض أو يخربش على زاوية طاولة. وتروي زوجته أنه "كان يتلف ما لا يعجبه"، مضيفة "كنت أبكي، لكنه كان يعرف أفضل مني ما ينبغي أن يحتفظ به".