كيغالي: عرف ماثيو روغامبا أنّ علامته التجارية الرواندية وصلت إلى العالمية عندما حضر جونيور نيونغو، شقيق الممثلة لوبيتا نيونغو الحائزة جائزة أوسكار، ببزة من تصميمه خلال العرض العالمي الأول لفيلم "بلاك بانثر".

بعد ساعات من الحدث المبهر في لوس أنجليس، شهد الموقع الالكتروني الخاص بعلامة روغامبا التجارية "هاوس أوف تايو" إقبالاً كثيفاً، مع تدفّق الاستفسارات من جميع أنحاء العالم حول تصاميمه الراقية.

ويقول روغامبا (32 عاماً) لوكالة فرانس برس "ما حدث غيّر مسار الأمور في حياتي"، وهو لا يزال مندهشاً من التحوّل الذي دفع بعلامته التجارية "المصنوعة في رواندا" إلى السجادة الحمراء في هوليوود.

ويضيف المصمّم الذي يحمل الجنسيتين الرواندية والبريطانية "أمضينا سنوات ونحن نؤكّد للناس أنّ أزياءنا جيّدة... لكن في بعض الأحيان تحتاج إلى لحظات كهذه لتنقل عملك إلى مرحلة أهم".

لم تصل كيغالي بعد إلى أهمية لاغوس، مركز الموضة الإفريقية، في عالم الأزياء، لكن عاصمة الدولة الصغيرة غير الساحلية البالغ عدد سكانها 13 مليون نسمة تستضيف أسبوع الموضة الخاص بها وتجتذب زبائن مخلصين، من السكان المحليين الأثرياء والأجانب المقيمين في البلاد والروانديين المغتربين والسياح.

ويقول إيمانويل سفاري، وهو محامٍ وزائر دائم لمتجر "هاوس أوف تايو" الواقع في حي راق في كيغالي "تعجبني الطريقة التي يصمّمون ويخيّطون بها ملابسهم، وأحبّ كذلك بساطة التصاميم".

ويتابع "تشعر بالارتياح عندما ترتدي هذه الثياب!".

حتى أن بعض العلامات التجارية الرواندية جذبت انتباه الرئيس بول كاغامي، الذي التُقطت صورة تظهره مرتدياً قميصاً من ماركة "موشنز" المحلية.

لكن ما هو "أسلوب كيغالي" في تصميم الملابس؟

يقول جان فيكتور برون (50 عاماً)، وهو أميركي من أصل هاييتي قدم إلى رواندا لتطوير مشاريع حول تكنولوجيات جديدة "إنّه ملفت للنظر لكن ليس فاقعا".

وتعتبر صاحبة ماركة "رواندا كلوثينغ" جوسلين أمتونيواسه أنّ أسلوب كيغالي في خياطة الملابس "حديث وإتني ومتجذّر في هوية بلدنا".

وتدخل الهوية الرواندية في جوهر عدد كبير من العلامات التجارية المحلية التي تتفوّق في إنتاج الملابس المفصّلة حسب الطلب، بالاعتماد على تقليد الخياطة الذي يعود إلى عقود.

على سبيل المثال، تُدخل أوموتونيواسه في تصاميمها خصائص التصاميم الهندسية لفنّ إيميغونغو، وهو أسلوب رواندي في الرسم تُستخدم فيه روث البقر وصباغات طبيعية.

كذلك، يُضاف الخرز المُستخدم عادةً في القبعات الملكية وغيرها من القطع التقليدية، إلى طيات السترات، بينما تعتمد علامة الأحذية الرواندية " أوزوري كاي أند واي" تقاليد الحياكة الرواندية في صنع صنادل بأشرطة مجدولة.

وتوضح الشريكة المؤسِسة للعلامة التجارية إيسولده شيموه أنّ المصمّمين الشباب مثلها كانوا حريصين على تغيير صورة رواندا، بعد حوالى ثلاثة عقود على الإبادة الجماعية التي حصلت عام 1994 وقُتل فيها أكثر من 800 ألف شخص معظمهم من شعب التوتسي.

وتقول لوكالة فرانس برس "قبل عشر سنوات، عندما كنت تكتب رواندا في محرك البحث غوغل كنت ترى فقط السواطير، ومشاهد لأشخاص يقتلون بعضهم البعض ولأطفال جياع في الشوارع".

وتضيف "نحن كمصممين في رواندا نساهم كذلك في تحسين صورة البلاد ونظرة الآخرين إليها، لأنّ رواندا لا تقتصر فقط على خلفياتها التاريخية، نحن أفضل من ذلك".

مدّت الحكومة يد العون لمهنة تصميم الأزياء في رواندا، إذ زادت في 2016-2017 بشكل كبير الضرائب على الملابس المستعملة المستوردة بشكل أساسي من الولايات المتحدة وأوروبا، لتشجيع المصمّمين المحليين.

وفرضت هذه الخطوة التي شهدت زيادة في الرسوم تخطّت العشرة أضعاف، توقفاً طوعياً للتجارة التي تعتمد على بيع الملابس المستعملة المستوردة من الغرب بأسعار منخفضة في شرق إفريقيا.

في الوقت نفسه، أعفت الحكومة المصمّمين من دفع الضرائب على استيراد النسيج، ما أعطى دفعة للصناعة الناشئة، وفق أوموتونيواسه.

لكن مع وجود أكثر من 80 في المئة من الروانديين في المناطق الريفية، وفقاً للبنك الدولي، لا يستطيع الكثير منهم تكبد ثمن شراء ملابس العلامات التجارية المحلية.

وتقول أوموتونيواسه التي تتراوح أسعار تصاميمها بين 70 دولاراً للقميص و80 دولاراً للفستان "إنّ صغر حجم السوق يمثّل تحديات كبيرة".

بالإضافة إلى ذلك، ساهم الدمار الذي أحدثته الإبادة الجماعية في نقص هائل للمهارات في رواندا، وفق شيموه.

وتوضح "قبل ثماني سنوات عندما أردنا إطلاق علامة تجارية لصناعة الأحذية، كنّا بحاجة إلى عمّال ليس بالضرورة ماهرين، ولم نتمكّن من العثور على أي شخص لديه خبرة أو مهارة في صناعة الأحذية".

وفي إشارة إلى آفاق نمو هذا المجال، تشير شيموه إلى أنّ نحو 1100 موظف درّبتهم بنفسها انطلقوا لتأسيس علاماتهم التجارية الخاصة.

وتقول "إنّها دورة رائعة تمكنّا من إحداثها".