سعيد القحطاني من الرياض
شهدت المملكة العربية السعودية في الآونة الأخيرة ظهور المرأة السعودية بشكل رسمي، وباتت المرأة السعودية تشكل الصدارة في الظهور على جميع الأصعدة، سواء على الصعيد الاقتصادي أم الثقافي أم التعليمي، وبهذا ولعدة سنوات قادمة يتوقع أن يتم تسليمها أماكن أكثر حساسية. حيث تنادي الكثير من الأكاديميات وسيدات الأعمال السعوديات إلى أن يكونوا ضمن متخذي القرار في الوزارات والهيئات الحكومية ومجلس الشورى السعودي، ويرى المتتبع لنشاط سيدات الأعمال السعوديات في المملكة العربية السعودية خلال السنوات القليلة الماضية مدى الإقبال المتزايد منهن على الاستثمار في مختلف النشاطات الاقتصادية، حيث تشير دراسة أعدتها وزارة التجارة والصناعة لعام 2005 م إلى أن عدد السجلات التجارية المملوكة لأسماء نسائية تزيد عن 22.5 ألف سجل تجاري تمثل نحو 4.7% من عدد المنشآت المسجلة في الغرف التجارية الصناعية في المملكة، وتغطي هذه السجلات أنواعاً متعددة من النشاطات الاقتصادية بما فيها نشاطات كانت حكراً على الرجال في أوقات سابقة كنشاط المقاولات والبناء، وتشمل هذه السجلات أيضاً نشاطات صناعية وزراعية، وفي المدة الأخيرة تشير أيضاً بيانات وزارة التجارة والصناعة إلى أنه خلال العام 2004م تم قيد 1565 سجلاً تجارياً نسائياً في نشاطات تجارية متنوعة على مستوى المملكة.
وتمثل هذه السجلات منشآت صغيرة ومتوسطة الحجم وهي من المشاريع المفضلة كقنوات استثمارية لسيدات الأعمال السعوديات، ويلاحظ أن تجارة الجملة والتجزئة، والمواد الغذائية، والملابس الجاهزة والأقمشة، تشكل معاً ما يقارب 80% من السجلات التجارية المقيدة، وهو ما يتفق والحركة التجارية النشطة في السوق السعودي.
ومن القضايا والتحديات المتعلقة بتنويع المشاركة الاقتصادية للنساء وتوسيعها quot;مستقبل المشاركة في النشاط الاقتصاديquot;، إضافة إلى quot;التمركز القطاعي والمهني للإناثquot; والتي تتضح عند مراجعة أنماط توزيع العمالة حسب النشاط القطاعي والمهني تبعات التوجهات التخصصية للإناث في التعليم العالي وتمركزها في التربية والتعليم والعلوم الإنسانية. حيث تتركز المشتغلات السعوديات وبشكل حاد في قطاع التعليم وتحديدا الوظائف التعليمية والإدارية والذي بلغت حصته 85.8% من مجموع المشتغلات، يلي ذلك قطاع الصحة والعمل الاجتماعي 6.1%، والإدارة العامة 4.4%.
وتشير الدراسة إلى أن الصورة المهنية للإناث لا تختلف في تركزها بمجموعة مهنية واحدة دون غيرها عن الأنماط التخصصية الأكاديمية أو القطاعية، حيث إن واقع التوزيع القطاعي والمهني للمشتغلات يؤكد حالة من التمركز في مجموعة مهنية واحدة ونشاط قطاعي واحد وهذا وضع غير سليم ويشير إلى حالة من الخلل في التركيبة المهنية للعمالة.
ويمثل اهتمام خطة التنمية السعودية الثامنة منعطفاً بارزاً في جهود تطوير أوضاع المرأة وضمان تمكينها من المشاركة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية للمملكة، حيث اعتمدت الخطة إطاراً مرجعياً أوسع من سابقيه يؤكد على منظور تكاملي لتطوير أوضاع المرأة بدلاً من حصره بقضايا المشاركة بقوة العمل.
وذكرت الدراسة أن الأساس الاستراتيجي الثاني للخطة الثامنة للتنمية حدد الاهتمام بشؤون المرأة وتطوير قدراتها، وإزالة المعوقات أمام مشاركتها في النشاطات التنموية في إطار ما تقضي به القيم والتعاليم الإسلاميةquot;، كما تضمن أيضاً أهدافاً وسياسات تعالج قضايا تطوير أوضاع المرأة في مجالات متنوعة كالتعليم والصحة والرعاية الاجتماعية والقوى العاملة.
ولم تقتصر توجهات الدولة في تطوير مشاركة المرأة في النشاط الاقتصادي على الأهداف الاستراتيجية والسياسات، بل تناولت بشكل مباشر بلورة آليات تنفيذية لتوسيع هذه المشاركة وتعميقها، وتبين المؤشرات على مدى العقود الثلاثة الماضية حصول تقدم مرموق في أوضاع المرأة التعليمية والتشغيلية، مما أدى إلى تحقيق قفزة نوعية في أوضاع المرأة السعودية في هذه المجالات.
ونوهت الدراسة إلى أن التقدم الحاصل في المملكة في مجالات تمكين المرأة تعليمياً وصحياً سيؤدي بالتأكيد ليس إلى دعم دور المرأة السعودية كفرد فاعل في البناء المجتمعي فقط، بل كذلك إلى تمكينها من التمتع بحقها في التعليم والصحة. وإذا كان التعليم والصحة يمثلان ركيزتين أساسيتين في الحياة المجتمعية، فإن الركيزة الثالثة هي التشغيل.
وتابعت الدراسة quot; بدأ إسهام المرأة في سوق العمل السعودي بالارتفاع التدريجي مـع تطـور مراحـل التنميـة وانعكاس جهودها على أوضاع المرأة، حيث ارتفعت هذه النسبة في عام 2003م إلى 10.3%، وبلغت نسبة الإناث 14% من قوة العمل، وتبين هذه النسبة محدودية مشاركة الإناث في قوة العمل، خاصة عند مقارنتها مع مثيلاتها في العديد من الدول العربية والإسلاميةquot;.
وعن مؤهلات العاملات السعوديات في السوق أشارت الدراسة إلى أن غالبيتهن من المتعلمات بعكس الذكور، ويغلب على المتعلمات المشتغلات أنهن من حملة الشهادات الثانوية فما فوق، وهذا يعني أمرين على جانب كبير من الأهمية، الأول: أن دخولهن لسوق العمل حديث نسبياً وهو ناتج إلى حد كبير من المشاركة الواسعة للإناث في النظام التعليمي، والثاني: أن التعليم هو مفتاح التشغيل الأساس للإنـاث، حيـث ينتـج عنه التهيئة الواسعة لخريجات المراحل التعليمية للدخول إلى سوق العمل.
والسمة الأخرى للمشتغلات السعوديات هي غلبة فئات الأعمار الفتية من 25-29 عاماً و30-34 عاماً، حيث تشكل 54% من مجموع المشتغلات، بما يؤشر حداثة دخول المرأة إلى سوق العمل، وما يتطلبه هذا الوضع من ضرورة توفير التدريب بمختلف أنواعه لتمكين المرأة من تطوير الأداء المهني للتعويض عن محدودية الخبرة الوظيفية أو المهنية المتأتية من حداثة المشاركة، وبالتالي تمكينها من تبوء المواقع المهنية التي تنسجم مع إمكاناتها ومؤهلاتها من جهـة، وتطلعاتها للمشاركة في البناء التنموي من جهة أخرى.
وأوضحت أحدث البيانات الخاصة بالمشتغلين السعوديين (15 سنة فأكثر) حسب الحالة الاجتماعية أن 69% من مجموع المشتغلات متزوجات، ومع أن هذه النسبة أقل من النسبة المتحققة للمشتغلين من الذكور، حيث بلغت للذكور نحو 77%، إلا أنه يتضح من الحجم الكبير نسبياً للمشتغلات من المتزوجات أنه كان ولا يزال ممكناً المواءمة بين النشاط الاقتصادي والمهمات المتعلقة بالأسرة. وتشير هذه النسبة إلى أمر آخر على جانب كبير من الأهمية، وهو الحاجة لقيام الأجهزة الرسمية بدور فاعل في دعم مشاركة المرأة المتزوجة بالنشاط الاقتصادي من خلال بعض الإجراءات والتسهيلات المتنوعة كتوفير دور الحضانة أو إجازات الولادة والأمومة أو الانقطاع المؤقت عن العمل وغيرها من الإجراءات التي تتبعها الدول على اختلاف أنظمتها وسياساتها من أجل دعم الدور الأسري للمرأة المتزوجة واستدامتهquot;.
- آخر تحديث :
التعليقات