تركمانستان والبحث عن مخرج لتصدير الغاز
علي محمد مطر من اسلام اباد
يقوم بنك التنمية الآسيوي بدفع مشروع خط انابيب الغاز العابر لافغانستان إلى الأمام وبقوة، حيث أعد البنك الذي يقوم بدور الشريك القائد للمشروع في الجانبين التقني والتمويلي، أعد دراسة الجدوى الخاصة به. وقام البنك بتقديم النسخة النهائية من الدراسة الى وزراء النفط والغاز في كل من تركمانستان وافغانستان وباكستان والهند كذلك طبقا لما اورده بيان صحفي صادر عن وزارة خارجية تركمانستان. وشدد البيان الصحفي على أن العمل الفعلي في المشروع قد يبدأ في عام 2006م بعد الانتهاء من وضع القواعد القانونية للمشروع.
دراسة الجدوى المقدمة من بنك التنمية الآسيوي تفيد بأن المشروع حيويّ من الناحية الاقتصادية ويتضمن آليات فعالة لتصدير الغاز الى السوق الدولية، خط الانابيب في حالة تحققه سيقطع مسافة 1680 كيلومتراً من حقول غاز دولة اباد التركمانية مرورا بارض افغانستان الوعرة والتي يعوزها الاستقرار ويبدو انه سيظل بعيدا عنها بسبب تناحر سكانها ومنها الى تعرجات سهول واودية اقليم بنجاب باكستان، حيث سيصل الى منطقة فازلكا بباكستان وهي منطقة قريبة من الحدود الباكستانية مع الهند وبهذا سيكون بوسع الهند شراء الغاز من خط الأنابيب. وسيكون خط الانابيب بقطر 1420 ملم وهو الحجم الصناعي القياسي لتصدير كميات ضخمة من الغاز، فالتصاميم المبينة بدراسة الجدوى تؤكد قدرة الانابيب على نقل 33 بليون متر مكعب سنوياً. تكلفته النهائية ستصل الى 3,3 بليون دولار.
تركمانستان وأفغانستان وباكستان تبذل الكثير من الجهود للتوصل إلى إتفاقية لإقامة خط أنابيب بغرض نقل الطاقة من آسيا الوسطى إلى جنوب آسيا وربما إلى أبعد من ذلك. التقديرات الأولية أفادت بأن تكلفه بناء خط الأنابيب ستصل إلىمجرد 2 بليون دولار وسيكون قادراً على نقل 30 مليون متر مكعب من الغاز الطبيعي سنوياً، ولكن التاخير في البدء فيه سيزيد من التكلفة. تركمانستان ستكون المستفيد الأول من العوائد المالية من المشروع والتي تحتاجها بقوة.
إقامة خط الأنابيب هذا سيقلل من اعتماد تركمانستان على خط أنابيب الغاز الروسي في نقل موارد طاقة عاشق آباد للسوق الدولية. أفغانستان كذلك ستستفيد من أجور مرور خط الأنابيب على اراضيها وكذلك من تطوير البنى التحتية، في حين أن باكستان سوف تستلم الغاز الطبيعي لسوقها المحلية. إلا أن الخبراء يحذرون من أن مشروع الغاز يواجه عقبات كثيرة بما في ذلك المجازفات السياسية واحتمالات حدوث نقص مرحلي في تمويله. والزبون الرئيسي وطويل المدى لهذا المشروع هو الهند والتي لم تقدم حتى الآن أي رد فعل جاد بشأنه حيث يبدو انها تنتظر لحين الفروغ من بناء خط الأنابيب ومن ثم تبدأ في شراء الغاز بأسعار وصوله الى نقطة النهاية بدون أن تتكبد أي تكاليف من أي نوع في بناء المشروع. كما أن علاقات الهند المتوترة سابقاً مع باكستان تجعلها قلقة ومترددة بشأن المشاركة في المشروع الضخم، حيث أن الهند لا ترغب في أن تعتمد على باكستان في قضية حصولها على الطاقة بإعتبار أن هذا الأمر سيصبح ورقة ضغط قوية لدى باكستان في أي مفاوضات تعقد بين البلدين. وكثير من المحللين الاقتصاديين الذين يعتقدون بأن المشروع عقلاني في الكثير من جوانبه ويمكن المضي فيه من الجانب النظري على الأقل الا أن الاوضاع السياسية غير المستقرة في الدول الثلاث المعنية به تعني أن المشروع قد لا يتم البدء به في المستقبل القريب وأنه بحاجة أولاً إلى التوصل لإستقرار في الأوضاع السياسية قبل المضيّ قدماً في وضع لبنته الأولى. فالأوضاع السياسية في أفغانستان ليست مستقرة بصورة كافية حتى الآن. بل أنها تزداد سوءً مع تمكن مقاتلي حركة طالبان من لملمة صفوفهم وشن حملة من الهجمات المسلحة ضد مناوئيهم في أفغانستان. ولا يخفى على أحد أن خط الأنابيب هذا مرتبط ارتباطاً وثيقاً بمعظم المتغيرات السياسية في المنطقة.
ويعتبر خط الأنابيب العابر لأفغانستان على قدر كبير من الأهمية بالنسبة لتركمانستان التي تحاول تسويق غازها في السوق الدولية بصورة أفضل مما هي عليه الآن والتي لا تتوائم بأي شكل مع أهداف انتاجها المرتقبة؛ كما أنها تواجه تحديات اقتصادية كثيرة مثل استخدامها لمعدات انتاج قديمة ولتقنية بالية وعدم قدرتها على جذب الاستثمارات الخارجية بصورة كافية. ولهذا فإن تركمانستان تبني آمالاً عريضة على بناء خط الأنابيب العابر لأفغانستان لتعويض سنوات طويلة من انخفاض معدلات التنقيب وضعف تشغيل الحقول والآبار والبنى التحتية الخاصة بها. واضافة لذلك فإن عاشق آباد ترغب في زيادة انتاجها من الغاز الى 85 بليون متر مكعب سنوياً وتوصله الى 120 بليون متر مكعب في عام 2010م. ولكي تصل إلى هذه النتيجة فإن تركمانستان تحاول رفع مدخولاتها من بيع الغاز والنفط إلى استثمارات بقيمة 25 بليون دولار.
وهناك تساؤلات حول ما يمكن أن يقوم به أمراء الحرب المتناحرين في افغانستان في القضية الأمنية المتعلقة بمشروع خط الانابيب وخصوصاً موضوع الأمن خلال بناء المشروع وكذلك أمن المسؤولين عن الاشراف عليه والاخصائيين القائمين على ادارة شؤون الطاقة في هذا المشروع. كما ويقول الخبراء أنه لا يتم تصنيع أي جزء من مكونات خط الأنابيب في المنطقة ولهذا فإنه يجب استيرادها من اليابان أو من دول اوروباً الغربية مما سيؤدي الى زيادة ملموسة في التكلفة وفي المجازفات المالية المتعلقة بالمشروع. ج
التعليقات