80% من آبارها تذهب لسقي القات
الأمم المتحدة تبحث إنقاذ اليمن من كارثة المياه القادمة

محمد الخامري من صنعاء

طالب وزير المياه والبيئة الدكتور عبد الرحمن الإرياني الحكومة برسم خارطة طريق واضحة لما يجب عمله لمواجهة أزمة المياه التي تعاني منها العديد من مناطق اليمن وبشكل خطير كمحافظة تعز التي لا تصلها المياه إلا مرة واحدة كل 20 يوماً ، مؤكداً أن اليمن تجاوزت مرحلة ندرة المياه إلى أزمة المياه ، مشيراً إلى أن وزارته فشلت في السيطرة على 150 حفارا يعمل في حفر الآبار الارتوازية للمياه بشكل عشوائي ، موضحاً أن هذا العدد ليس إجمالي الحفارات التي تعمل في مختلف المحافظات اليمنية والتي قال أنها تصل إلى أكثر من 950 حفاراً ، مشدداً على عدم وجود إرادة سياسية لتطبيق قانون المياه.


وأضاف الدكتور الإرياني أن اليمن من أقل الدول كفاءة في استخدام المياه إلى جانب كونها أكثر دول العالم فقراً في الموارد المائية quot;بدلاً من أن يدفعها فقر الموارد لأن تكون الأفضل في استخدام مياه الشرب والريquot; موضحاً أنها تتعرض لمشاكل التلوث والاستنزاف العشوائي بسبب ما اسماه بالإدارة السيئة التي قال أنها السبب والمشكلة في آن معاً.


من جانبها quot;فلافيا بانسيريquot; الممثل المقيم للبرنامج الإنمائي للأمم المتحدة في صنعاء وصفت مشكلة المياه في اليمن بالحرجة ، موضحة أن 80% من الآبار التي تم حفرها مؤخراً في المرتفعات الجبلية لليمن تستخدم في إنتاج القات الذي وصفته بعديم القيمة والفائدة الغذائية ويعمل على مزاحمة المحاصيل الغذائية الهامة.


وقالت بانسيري إن اليمن واحدة من أكثر الدول التي تعاني من ندرة المياه ، مشيرة إلى البطء النسبي في معدل تطور اليمن في جدول التنمية البشرية وأنها أصبحت أعلى بمرتبة واحدة فقط عما كانت عليه في العام الماضي والذي يقع في المرتبة 150 من أصل 177 دولة.


أما نائب وزير التخطيط والتعاون الدولي الدكتور يحي المتوكل فقال في الفعالية التي نظمتها الهيئة العامة للموارد المائية بمناسبة تدشين تقرير التنمية البشرية لعام 2006م الصادر عن البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة والذي يتزامن مع الاحتفال باليوم العالمي للمياه أن اليمن تعاني من فجوة بين سحب واستهلاك المياه مع مخزون المياه الجوفية ، مؤكداً حديث الوزير الإرياني عن وجود ضعف في الإدارة وعدم اتخاذ الجهات ذات العلاقة إجراءات قانونية ضد عمليات الحفر للاستنزاف العشوائي وتطبيقها السليم والصحيح لقانون المياه.


وكان تقرير حديث أصدرته منظمة الأغذية والزراعة العالمية الفاو قال أن متوسط حصّة الفرد في اليمن من المياه المتجددة تبلغ حوالي 125 مترا مكعبا في السنة فقط ، مشيرة إلى أن هذه الحصة لا تمثل سوى 10% مما يحصل عليه الفرد في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا والبالغة 1250 مترا مكعبا و20% من المتوسط العالمي لحصة الفرد من المياه والبالغة 7500 متر مكعب.


وأضافت الدراسة أن اليمن من بين أفقر 10 بلدان في العالم في مسألة المياه ، وان مساحة الأرض التي يمكن زراعتها في اليمن تقدر بحوالي 3.6 مليون هكتار أي حوالي 6.5% من مساحة اليمن إلا انه وبسبب النقص الحاد في المياه فان إجمالي المساحة المزروعة في اليمن لا تتجاوز 1.6 مليون هكتار أي حوالي 2.9% من إجمالي مساحة اليمن.


وقال التقرير إن مشكلة المياه في اليمن من اخطر الكوارث التي تهدد البلد كونها من أهم أسباب الفقر لتسببها بحرمان أعداد هائلة من الأيدي العاملة من المشاركة في القطاع الزراعي الذي هو الحرفة الأساسية للمجتمع اليمني.


وكان مصدر مسؤول في وزارة المياه والبيئة أكد في تصريحات سابقة أن وزارته تبذل جهوداً حثيثة للتواصل مع بعض الأطراف الدولية المهتمة بهذه القضية ، مشيراً إلى أن إجمالي المساعدات المقدمة من الدول المانحة لدعم جهود الحكومة اليمنية لمواجهة مشكلة نضوب المياه والحد من الاستنزاف العشوائي للآبار الجوفية وصلت إلى أكثر من 16 مليون و680 ألف يورو خلال العام الماضي 2004م ، مؤكداً أن الدول المانحة والاتحاد الأوروبي وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي واليابان جميعها جهات دولية تبذل جهوداً حثيثة في مساعدة اليمن في الحد من تفاقم مشكلة المياه.


وكانت الحكومة اليمنية ممثلة بنائب رئيس الوزراء وزير التخطيط والتعاون الدولي ، ووزير المياه والبيئة قد بحثت بداية أيار (مايو) الماضي مع الجانب الهولندي ممثلاً بمنظمة (RNF) التوجهات والخطط التي تعتزم اليمن تنفيذها خلال المرحلة القادمة فيما يتعلق بقطاع المياه في إطار تنفيذ مخرجات البرنامج الاستثماري الخاص بهذا القطاع الحيوي الهام ، إضافة إلى مناقشة الوثيقة الخاصة بإشراك المانحين في دعم هذه التوجهات , والتشاور معهم وخاصة الذين ابدوا اهتماماً كبيراً بمواصلة تقديم الدعم لقطاع المياه في اليمن كالحكومة الهولندية وبعض المنظمات العاملة في هذا المجال.

يذكر أن حوض صنعاء المائي يواجه خطرًا مثله مثل حوض تعز في الجنوب وصعده في الشمال ، والاستثناء الوحيد هو حوض حضرموت المائي بالشرق، حيث يوجد 10 مليارات متر مكعب من المياه تمثل أضخم مخزون من المياه في البلاد والتي لم تعانِ حتى الآن من الاستخدام العشوائي الذي بدّد موارد مائية أخرى.


وذكر خبراء أن ما يصل لنحو 60% من المياه المستهلكة في اليمن تستخدم لري محصول القات ، محذرين من خطر التلوث نتيجة المياه المستخدمة في ضخ النفط الخام من 15 بئرًا في المنطقة ، ولا تتوفر مياه صالحة للشرب إلا لنصف السكان فقط.


وتظهر الإحصاءات الرسمية أن 50% فقط من سكان صنعاء البالغ عددهم 1.7 مليون نسمة لديهم مياه جارية في منازلهم، بينما تصل المياه الصالحة للشرب في المدن الأخرى لعدد أقل من السكان، في حين لا توجد هذه الخدمة أصلاً في كثير من بلدات الريف وقراه.


ورغم الأمطار الموسمية التي تسبب فيضانات أحيانًا ببعض مناطق اليمن يصنف البنك الدولي البلاد على أنها أحد أفقر دول العالم من حيث الموارد المائية.
ولا توجد أي أنهار في اليمن، وتعتمد البلاد كلية تقريبًا على نحو 45 ألف بئر تنفد مياهها سريعًا ، بسبب سوء الإدارة وطرق الري التي تهدر كميات كبيرة من المياه.
ويقول البنك الدولي : إن مياه الأمطار والموارد الأخرى تعوض أقل من ثلاثة أرباع المياه الجوفية التي تستخدم سنويًّا في اليمن ، ويبلغ نصيب الفرد سنويًّا من المياه في اليمن نحو 150 مترًا مكعبًا مقارنة بمتوسط استهلاك المياه للفرد في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا البالغ 1250 مترًا مكعبًا و7 آلاف متر مكعب في العالم وفقًا لتقديرات البنك الدولي الذي قال في تقرير أصدره مؤخرا : quot;اليمن من أكثر دول العالم التي تعاني من ندرة المياهquot;.