رانيا تادرس من عمان: استبقت الحكومة الأردنية في الأيام الماضية الارتفاع الحاد الذي سيطال أسعار المشتقات النفطية والسلع الأساسية بحملة احتواء ، لامتصاص الكلفة الاجتماعية لارتفاع غلاء المعيشة، وجال رئيس الوزراء نادر الذهبي على محافظات عديدة في البلاد ، في مسعى لاستيعاب أية تعبيرات محتملة في الشارع الأردني الذي شهد في السنوات الماضية اضطرابات عنيفة ، احتجاجا على رفع الأسعار ، ولا سيما في مناطق في جنوب الأردن .

وسترفع الحكومة الدعم كليّا عن المشتقات النفطية ، ما يُضاعف أسعارها في السوق المحلية ، ويساهم في ارتفاع معدلات التضخم ، في ظل تآكل الأجور في السنوات الماضية ، وأعلنت الحكومة أنها ستلجأ بعد تحرير أسعار المحروقات إلى توجيه الدعم للفرد ، وليس للسلعة ، بحيث يستفيد ذوي الدخول المحدودة والمتقاعدون من الجهازين العسكري والمدني من الدعم .

وأكد الذهبي في لقاءاته الفعاليات الشعبية في المحافظات quot;قدرة الاقتصاد الأردني على تخطي جميع التحديات التي تواجهه بسبب ارتفاع أسعار المشتقات النفطية والسلع الغذائية عالمياquot; داعيا إلى quot;تعاون مؤسسات المجتمع في هذه المرحلة التي تحتاج من الجميع واجهتها وتجاوز صعوباتهاquot;.

وقال إن الحكومة ستدعم المواطن الأردني quot;إذ سيوجه الدعم بالدرجة الأولى للمواطن الفقير، إضافة إلى اتخاذ تدابير حكومية تضمن توزيعا عادلا لمكتسبات التنميةquot;.

وخصصت الحكومة في موازنة العام الحالي نحو 500 مليون دينار (700 مليون دولار) لمشروع أطلقت عليه حزمة الأمان الاجتماعي، وسترفع بموجبه رواتب العاملين في القطاع العام، وتقدم معونات شهرية للعائلات التي يقلّ دخلها عن 1000 دينار (1500 دولار).

ولفت الذهبي إلى أن القطاع الخاص quot;تجاوب مع الحكومة لرفع رواتب العاملين فيه بشكل يماثل القطاع العام، ويتناسب مع ارتفاع أسعار المشتقات النفطيةquot;.

ويحاول الذهبي في لقاءاته مع الفعاليات المحلية امتصاص الاحتقان الشعبي على ارتفاع الأسعار، خوفا من تعبيرات في الشارع، تشبه الاحتجاجات العنيفة التي اندلعت في مدن الجنوب الأردني العام 1989 بعدما ارتفعت أسعار المشتقات النفطية بحدة، وكذلك في العام 1997، حينما تضاعفت أسعار الخبز والمواد الغذائية الأساسية.
غير أن التعبيرات بدأت في الأوساط الحزبية منذ أيام، ما اضطر قوات الأمن أول من أمس إلى تفريق تظاهرة نظمها حزا الشيوعي الأردني والشغيلة الأردني أمام مجلس النواب، احتجاجا على رفع الأسعار.

ورأى محللون أن على quot;الحكومة أن تُراعي الظروف الاجتماعية الحساسة التي ستخلفها مضاعفات ارتفاع أكلاف المعيشية، من خلال إطلاق حرية التعبير، والتوصل إلى تفاهمات مع أحزاب المعارضة ومؤسسات المجتمع المدني، تجنّب البلاد احتجاجات عنيفةquot;.

وترى أحزاب المعارضة أن تحرير أسعار المشتقات النفطية والمواد الأساسية يمثل تخليا عن دور الدولة الاجتماعي، وقال الحزب الشيوعي في بيان أمس إن quot;تقليص أو حتى إنهاء دور الدولة في الحياة الاقتصادية من أهم أسباب فوضى الأسعارquot; معتبرا أن quot;التلاعب بالأسعار أصبح من سمات السوق المحلي في ظل غياب الحكومة عن حماية المستهلكينquot; وطالب بـquot;إعادة النظر في الإنفاق العام والعمل على تقليصهquot;.

وأكد الذهبي أن quot;الحكومة ستعمل على تسريع عملية اتخاذ القرارات المتعلقة بتنفيذ المشاريع التنموية والخدمية التي تنعكس على حياة المواطن، وتحسن من ظروفه المعيشية سواء كانت مشاريع تنموية أو صحية وتعليميةquot; مشيرا إلى أن quot;حزمة الأمان الاجتماعي ستعمل على إحداث نقلة نوعية في مستوى معيشة المواطن ومستوى الخدمات المقدمة في قطاعات الصحة والتعليم والبنى التحتيةquot;.

وانتقدت أحزاب المعارضة والنقابات المهنية تأخر الحكومة في إعلان خطة وطنية للتقشف، تضبط بموجبها انفاق الوزراء وكبار المسؤولين، بما يخفف الأعباء عن الموازنة التي أثقلتها الديون الخارجية، وارتفاع انفاق القطاع العام.