د. فهد أحمد عرب
في كل عام تواجه القطاعين العام والخاص مع بداية تنفيذ المشاريع الحكومية العديد من المعوقات التي قد تصبح مؤرقة إلى حد وقف التنفيذ, ففيما يتأخر القطاع العام في صرف المستحقات المالية لأسباب عديدة جدا, وتتذبذب قرارات السعودة ومنح التأشيرات. تتفاوت الجهات الحكومية في تجاوبها مع المقاولين في وضع العقود قديمها وجديدها, إضافة إلى تفاوت تطبيق برنامج الحكومة الإكترونية, نجد أن القطاع الخاص نفسه لديه مشكلات عدة في: ضعف هيكلة وتنظيم قطاع المقاولات وبالتالي ضعف الميزة التنافسية, تذبذب مستوى جودة أداء وعدم وجود معايير واضحة لقياس مستوى الأداء الذي يسهم إلى حد كبير في تصنيف المؤسسة أو الشركة, وعدم اكتمال برامج تأهيل طالبي العمل في البرامج المهنية أو الفنية مع ضآلة المتوافر من المؤهلين أمام الزيادة الكبيرة في أعداد وإحجام المشاريع إضافة إلى عدم قيام القطاع ببعض التضحيات التي تعود عليه على المدى الطويل. لا شك أن جميع القطاعات ستحاول الاستفادة من قرارات مجلس الوزراء التي صدرت في عام 2007م ومن ثم تركز اهتماماتها في كيفية تحسين وضع تنفيذ المشاريع والصرف عليها, ولكن المشكلة أن زيادة الأسعار المتتالية للمواد الخام ستكون عقبة جديدة أمام تنفيذ العقود التي وقعت ورصدت لها مبالغ قد تقل عن قيمة السوق الحالية بنسب كبيرة وبالذات في أسعار مواد البناء والإنشاء. من ناحية أخرى لو سلطنا الضوء على قطاع التشغيل والصيانة، حيث يعد أكبر قطاع يعمل به ويستوعب أعدادا كبيرة من القوى العاملة لانتشار المشاريع بأنواعها المختلفة في جميع أنحاء مناطق المملكة, لوجدنا أن القضية تحتاج إلى تآلف وتكامل أجهزة عديدة ومختلفة أيضا لإقناعنا بنتيجة برامج تنمية الموارد البشرية خلال العامين الماضيين. قد لا تتدخل زيادة أسعار المواد الخام في هذا الشأن بشكل مباشر, ولكن العوائق مازالت تطفو كل عام بشكل جديد والمشكلة الأساسية هي تنسيق الجهات المختلفة لحل إشكال طال وتعقدت أوضاعه. فالتوظيف ndash; مثلا - عبارة عن أداء تختص به وزارة العمل ألا أنها غير مرتبطة بوزارة الخدمة المدنية ووزارة المالية والغرف التجارية بنظام موحد أو على الأقل بقواعد بيانات مشتركة تساعد على سرعة إجراء منح التأشيرات وتحديد مواطن النقص وتقليص مدد الانتظار والبت في الطلبات بآلية محدثة وخلافه. أما عملية الصرف على المشاريع, فإن ما تجيزه الجهة الطالبة قد يخضع لمراجعة طويلة من قبل وزارة المالية غير المرتبطة تماما ببعض الجهات التي قد تعيد المعاملة إلى نقطة البداية مع أن هناك قرارا يقضي بعدم تجاوز مدة 30 يوما بعد موافقة المراقب المالي، ولكن تظل هذه الفترة في حد ذاتها طويلة جدا في ظل توافر أنظمة آلية وبرنامج الحكومة الإلكترونية الذي لم يبدأ فعليا!.
أستطيع القول إن كتابات المتخصصين وكتاب الأعمدة الذين ينقلون نبض المواطن للمسؤولين ويضعون خلاصة الحلول لم تثمر بعد ولا يلتفت إليها بشكل إيجابي, فما زلنا لا نستفيد من تجارب الآخرين من الشركات الضخمة أو تبني نظام الإعارة المعمول به بين الجامعات والقطاع العام أو الخاص. نحن إذا كان بيننا 18 جامعة وشركات مثل quot;أرامكوquot; وquot;سابكquot; وهيئة الجبيل وينبع, وغيرها فلابد أن يعني ذلك التمسك بمبدأ التنسيق والتعاون التكاملي على الأقل على مدى السنوات الثماني المقبلة، حيث سيكون عام 2015م عاما للتقييم والمحاسبة وهذا هدف لابد من الإعداد له من الآن. أما إن كانت مشكلة البطالة تقع في الخريجين غير المؤهلين لما يحتاج إليه السوق من تخصصات غير مرغوبة ولا يستفيد منها صاحب العمل مثل خريجي بعض التخصصات النظرية، أو ضعف مستوى التأهيل في التخصصات المرغوبة فهذا لأننا لم نكرس الجهود ونوحد الاهتمامات وننظم العمل على أن نستخدم التقنية ونشرع في إعادة تأهيل خريجي تخصصات مختلفة ضمن المنافسات الحكومية المرساة فنستفيد من تنفيذ العقد بتأهيل الكوادر. ثم لابد أن نهتم بالدورات التدريبية التأهيلية فأي مهنة ليست فقط مهام وحقوق وواجبات بل هي أيضا سلوكيات وأخلاقيات ولابد من تسريع عملية تخريج شباب منتج ويملك القدرة على التميز.
مع إطلالة العام الجديد وزخم المشاريع التنموية اعتقد أننا أمام قضية مركبة تحتاج إلى جهود أبناء هذا الوطن كافة, فلو فعل نظام تدوير القوى العاملة المؤهلة والمشاركة في الموارد, ولو استفاد القطاع الخاص وبالذات المقاولين من قرارات مجلس الوزراء الأخيرة التي وجهت القطاعات العامة المعنية بتسهيل إجراءاتهم وتذليل الصعوبات أمامهم لبادلتهم الجهات الحكومية بتكثيف التنسيق ولكانت وزارات العمل، الخدمة المدنية، التجارة والصناعة، المالية ووزارة التعليم العالي أو الجامعات كمؤسسات تعليمية توجيهية لها كينونتها, والمؤسسة العامة للتعليم الفني والتدريب المهني والغرف التجارية في كل منطقة إدارية في المملكة تتخاطب عبر نظم للموارد البشرية والمحاسبة ودعم القرار من خلال برنامج الحكومة الإلكترونية. القضية باتت تحتاج إلى تدخل المناطق الإدارية لتكثيف متابعة تنفيذ المشاريع الجديدة مع محاولة الانتهاء من العقود الممددة والقديمة لإعداد مسودة الخطة المقبلة وتقديمها للوزارات من المنطقة لا العكس, لأن الخسارة الحقيقية هي في استمرار تعطيل إنجاز المشاريع وتأجيلها أو ترحيلها عاما بعد آخر مع توافر التمويل الكافي في هذه المرحلة الاقتصادية المهمة, والأدهى من ذلك أن التأثير سيمتد إلى الأجيال المقبلة التي هي شريكة لنا في هذه الطفرة إن لم تكن المستفيد الحقيقي منها. ليتنا نحرص في عامنا الجديد على دفع العجلة فيكفينا quot;عَطَلَةquot;. والله المستعان.
- آخر تحديث :
التعليقات