بعد ثمان سنوات عجاف في كنف الجمهوريين
تأملات بإعادة إنعاش اقتصاد أفسدته أعوام بوش في عهد أوباما الجديد

خالد الزومان من الرياض

الدقائق الأولى التي تلت ظهور نتائج صناديق الاقتراع للانتخابات الأميركية استبقت اليوم الذي يدخل فيه الرئيس الأميركي الأحدث باراك أوباما إلى البيت الأبيض من أوسع أبوابه ويقود العالم في جانبيه الاقتصادي والسياسي، وانعكست على نفسيات المستثمرين الذي أنهكتهم الأخبار السلبية، وصناع القرار الاقتصادي على الصعيد الدولي والأميركيين أنفسهم، الذين يتأملون تجاوز مرحلة الثماني سنوات العجاف التي كانت في عهد الرئيس الجمهوري جورج دبليو بوش ووصمة العار الأخيرة المتمثلة في تأجج الأزمة المالية وضربها الأسواق العالمية، في نظرات ترتجي العودة إلى مرحلة الانتعاش التي عاشوها إبان حكم الرئيس الديمقراطي السابق بيل كلينتون وتكرارها في عهد أوباما الديمقراطي الجديد.
النغمات التي ستفرضها إيقاعات العمل للرئيس الديمقراطي أوباما المنتخب اليوم تقطع دابر فكر الحروب المتوالية المرهقة حد العجوزات الظاهرة في الميزانية الأميركية، وهو مسار اختطته أيدي أركان قيادة الولايات المتحدة سواء من الرئيس الحالي بوش أو المؤثرين من حوله التابعين للحزب الجمهوري كقرارات غيرت شكل العالم سياسياً خلال أعوام بوش، لكنها في الوقت نفسه تضع الرئيس الجديد أوباما أمام تحليلات أكثر الاقتصاديين تشاؤما كونها الأقرب إلى الواقع مع تفاقم الأزمة المالية العالمية وسقوط وتد الائتمان أمام ترليونات الأسعار الفاسدة للمساكن التي تبنى وتمول وفق أنظمة التمويل بالفائدة والرهن العقاري، ومشكلات البطالة المتصاعدة، وتداعيات انهيار البنوك ومصانع السيارات، بالإضافة إلى اهتزاز الثقة في القواعد الأساسية للولايات المتحدة على المستويات الاقتصادية والسياسات المالية والنقدية وانعكاسها على الدولار المتهاوي منذ فترة طال أمدها وغيرها كثير.
ويرى المحللين المتشائمين أن مشكلة المساكن التي يملكها أميركيين ويدفعون أقساطها وهم يعتقدون أنها لا تستحق ما يدفعونه، غير مشكلة بطاقات الائتمان المتفاقمة وهاتين المشكلتين وحدهما لا تغطيهما الخطة الأميركية بـ700 مليار دولار وهو ما يهدد فعلياً عهد أوباما المنتظر الذي ورث اقتصاد هلك وأهلك القوى الاقتصادية العالمية معه وبدأ يفقد قوته أمام الشرق الآسيوي المتضخم تجارياً يوما بعد يوم، خاصة إذا كنا نتحدث في الشارع الأميركي عن شعب يرى نفسه يفقد وظيفته وتزداد مصروفاته وتحترق مدخراته في البنوك والبورصات.

ويتخوف أصحاب الثروات من مقترحات قد يقدمها أوباما لرفع الضرائب على أصحاب الدخول العليا ، التي يمكن أن يكون لها تأثير مثبط على كل من الاستثمار الخاص والنمو في الأعمال التجارية، ما سينعكس على كمية الأموال التي ستهاجر إلى ملاذات أكثر أمناً وحكومات تقدم تسهيلات أعلى، أو ستبقى في مكانها ويتحملها المواطن الأميركي في النهاية.

ويرى المراقبين أن الحلول القليلة أمام أوباما والتي يمكن ان تصل به على قارب الاقتصاد الأميركي إلى شاطئ النجاة تعتمد على دعم الكونجرس له بتغيير بعض الأنظمة الاقتصادية وربما الوصول إلى القناعة البريطانية بتأميم بعض المؤسسات الاقتصادية والمالية الكبرى المهددة وبالتالي تقليص الدور الرأسمالي في العملية الاقتصادية الأميركية وخلق بيئة تستطيع إعادة عمل عجلة الدورة الشرائية بما ينعكس على توافر السيولة والوظائف والتنمية الشاملة للولايات المتحدة، ودعم الصناعات وخاصة شركات المعادن والطاقة البديلة.

وتفاؤلا بخبر فوز أوباما صعدت الأسهم اليابانية في التعاملات المبكرة اليوم وفي مقدمتها أسهم شركات التصدير مع تراجع الين وبعد أن سجلت الأسهم الأميركية أكبر مكاسب على الإطلاق. وقفز مؤشر نيكي لأسهم الشركات اليابانية الكبرى 229.35 نقطة أي بنسبة 2.52 في المئة إلي 9343.95 نقطة في الدقائق الثلاث عشرة الأولى للتعاملات ببورصة طوكيو بعد ان أغلق يوم الثلاثاء على مكاسب بلغت 6.3 في المئة مسجلا أعلى مستوى إغلاق في أسبوعين، وارتفع مؤشر توبكس الأوسع نطاقا 3.06 في المئة إلى 938.57 نقطة.
كما ارتفعت الأسهم الأميركية أمس مع تطلع المستثمرين إلى انتهاء حالة عدم التيقن التي تحف المنافسة الطويلة على البيت الأبيض في حين اقتدت أسهم شركات الطاقة صعوداً بأسعار النفط التي ارتفعت 10 في المئة مع إنباء تخفيضات إنتاجيه عالمية قبل ان تفقد دولارا واحداً عند الافتتاح في الجلسة التالية في التعاملات الآسيوية مع إحجام المتعاملين عن القيام بتحركات كبيرة قبل إعلان نتيجة انتخابات الرئاسة الأميركية.
وصعد مؤشر داو جونز الصناعي لأسهم الشركات الكبرى 305.45 نقطة أي ما يعادل 3.28 في المئة ليغلق عند 9625.28 نقطة، وقفز مؤشر ستاندرد اند بورز 500 الأوسع نطاقا 39.43 نقطة أو 4.08 في المئة مسجلا 1005.73 نقطة وتقدم مؤشر ناسداك المجمع الذي تغلب عليه أسهم شركات التكنولوجيا 53.79 نقطة أو 3.12 في المئة إلى 1780.12 نقطة.