قبول الهاجري من الرياض: دعا خبير إقتصادي سعودي ومصرفي سابق، البنك المركزي في بلده إلى توضيح رؤيته المستقبلية بشأن استثمار عائدات النفط المرتفعة. وقال محمد العمران إن الأرقام تشير إلى نحو ترليون ريال كرصيد للبنك المركزي السعودي، والأرقام قابلة للارتفاع مع عدم وجود تقارير صريحة، وتستثمر هذه الأموال في ودائع في بنوك خارجية أو شراء أوراق مالية خارجية أو الاستثمار في سندات الخزينة الأميركية المتدنية العائدة.

وأضاف أن الفرق الكبير بين أسعار النفط الحالية وتقديرات سعر النفط التي تبنى عليها الميزانية في دول الخليج، قد أسفر عن فوائض كبيرة، تزايدت معها المطالبات بتأسيس صناديق سيادية. وتابع قائلاً إن بعض الاقتصاديين العالميين يحاولون الضغط على البنوك المركزية للإستفادة من أرصدتها في دول استثمارية كبرىquot;.

وتناول العمران تجارب دول خليجية مجاورة استفادت من تنمية عوائدها من النفط، عبر إعادة النظر في إستراتيجية الاستثمار في دول أوروبية. وقد استرشد باستثمار دولة قطر بمبالغ تتراوح بين 10-15 مليار دولار خلال العامين المقبلين لشراء حصص في بنوك، طمعًا في تنويع البنية الاقتصادية بعيدًا عن النفط والغاز الطبيعي.

وقال إن دول الخليج لديها احتياطي كبير لكن اقتصادها صغير وناشئ، quot;مستغربًا بذلك مقارنة كبير الاقتصاديين في جولدمان ساكس جيم أونيل، على هامش فعاليات منتدى جدة الاقتصادي، والذي قارن بين تدفقات السيولة النقدية في البنوك المركزية في دول الخليج بسبب ارتفاع أسعار النفط مع دول غير نفطية مثل سنغافورة والصين، واصفًا إيّاها quot;بالأقلquot;. وقال العمران: quot;ربما أونيل يملك أرقامًا ويستند إلى تقارير غير معلنة، أو ربما يرتكز في رأيه على رؤية معينةquot;.

وعلى صعيد متصل، أوضح لـ quot;إيلافquot; عابد الزيرة الرئيس التنفيذي في بنك الاستثمار الدولي في البحرين، أن التدفقات المالية في دول الخليج هي بسبب الطفرة النفطية وارتفاع أسعار النفط عالميًا، وأن التدفقات المالية يتم تدويرها في الاقتصاد لتأسيس البنية التحتية لاقتصاد لا يعتمد على النفط. وأضاف أن السيولة لا يتم وضعها quot;كاملةquot; في البنوك المركزية، بل إن الاحتياطي المـوجود في البنوك المركزية ليس إلا جزءًا من السيولة.

وكان منتدى الرياض الاقتصادي في دورته الأخيرة، ديسمبر الماضي، قد أفرد محورًا لتطوير إدارة الفوائض المالية وأساليب توظيفها. وقد ارتكزت الدراسة التي قدمها الفريق الأكاديمي على سمة اقتصاد السعودية واعتمادها شبه المطلق على الإيرادات النفطية، في تمويل إنفاقها الجاري وبرامجها الاستثمارية. وكانت السعودية قد حققت خلال السنوات التي تلت 2003 فوائض مالية كبيرة، نتيجة للزيادة الكبيرة في أسعار النفط العالمية، الأمر الذي يوجب البحث عن أفضل السبل لتنمية هذه الفوائض، ويتطلب ذلك تحديد رؤية مستقبلة واضحة لكيفية توظيفها وتحديد المجالات التي يجب استثمارها فيها، وكذلك إعادة النظر في الجهات العامة المكلفة حاليًا بتوظيف هذه الفوائض وتقييمها وهيكلة مهامها، والسعي للاستفادة في هذه المجالات من تجارب الدول الأخرى بما يتلاءم مع ظروفالمملكة واحتياجاتها، لتحقيق مزيد من الكفاءة في استخدام هذه الفوائض وبما يخدم بشكل أفضل تتطور الاقتصاد والمجتمع في المملكة.


وكان من أهم السلبيات التي توصلت إليها الدراسة غياب المفهوم المحدد للفوائض المالية،عدم وجود أي طريقة محددة لاحتساب أو تقدير الفائض، قيام وزارة المالية بتوظيف الجانب الأعظم من هذه الفوائض عن طريق البنك المركزي وصندوق الاستثمارات ليقوما باستثمارها، استثمار معظم الفوائض المالية المتاحة والموضوعة تحت تصرف مؤسسة النقد في ودائع في بنوك خارجية أو شراء أوراق مالية خارجية ذات آثار إيجابية ضعيفة.


وبناء على ذلك، طالبت الدراسة بألا يقوم البنك المركزي بالعمل كذراع استثماري للدولة، ولا تقوم الإدارات أو المنظمات التي تدار بالأسلوب الحكومي بإدارة هذه الاستثمارات. والنموذج الأكثر تطبيقًا هو تأسيس شركات وفق للنظام السائد في البلد على أن تعمل مثل باقي الشركات الأخرى باستثناء تملك الدولة لكامل الأسهم، لتقوم بدور الجهاز الاستثماري للدولة والقوة الموجهة للاستثمار، على أن تخضع للعلنية والشفافية وحوكمة الشركات وتدقيق الحسابات الخارجية وإدارة الاستثمار وفق قواعد الاستثمار التجاري البحت.