كامل الشيرازي من الجزائر: بعد طول تعثر لنظام التحويلات المالية الفورية في الجزائر، تعتزم الأخيرة تطبيق النظام المذكور بنهاية العام الجاري، وعلمت quot;إيلافquot; إنّ نظام المدفوعات الجديد سيمكن الشركات والأفراد وسائر البنوك من انجاز العمليات المالية بسرعة، بما يكفل تقليص زمن إتمام التحويلات المالية من 60 يوما إلى خمسة أيام فحسب، وهو من شأنه إزالة عقبة كبيرة ظلت تعترض سبيل النمو الاقتصادي وتقلق المتعاملين في الجزائر.

وكشف بن عبد الرحمن بن خالفة رئيس الجمعية الجزائرية للبنوك والمؤسسات المالية، في تصريح لـquot;إيلافquot;، أنّ البنوك المملوكة للحكومة في بلاده ستطلق في غضون السنوات الخمس المقبلة، نظاما الكترونيا لتسوية الشيكات عن طريق مضاعفة ماكينات الصرف الآلي التي ما تزال نادرة في الجزائر ، علما إنّه في الوقت الراهن تمر كل المدفوعات بين البنوك فضلا عن تسوية الشيكات والتحويلات الخارجية عبر البنك المركزي حيث تنفذ التحويلات حاليا مرة واحدة فقط كل 24 ساعة.

كما أورد بن خالفة إن الجزائر سيكون لديها بنهاية هذا العام نظام سداد الكتروني للشيكات فضلا عن نظام لتسوية المدفوعات بين البنوك لتطوير القطاع المصرفي، الذي لا يزال يمثل ضعفا تقنيا ومصدر إزعاج وتكاليف إضافية للشركات والأفراد على حد سواء، موضحا:quot;إنّ تسعة بين كل عشرة أشخاص خارج النظام المصرفي اختاروا أن يكونوا خارجه لكسب الوقت مضيفا أن البنوك الحكومية ستقيم عشرات الآلاف من ماكينات الصرف الآلي، مضيفا أنّ الجزائر لديها الآن أقل من 350 ألفا من مستخدمي بطاقات الصرف الآلي وأقل من 1000 منفذ للصرف الآلي في أرجاء البلاد.

وتوقع بن خالفة، إقامة 30 إلى 40 ألف ماكينة للصرف الآلي في السنوات الخمس المقبلة، متوقعا أن يصل عدد مالكي البطاقات الالكترونية إلى 2.5 مليون خلال تلك الفترة، مع الإشارة أنّه يوجد في الجزائر حاليا 1250 فرعا مصرفيا فقط، تابعة لستة بنوك تسيطر على 90 في المئة من إجمالي أصول وقروض القطاع المصرفي إضافة إلى حفنة من البنوك الخاصة الصغيرة التي تركز على تمويل الواردات.

من جانبها، أعلنت إدارة بنك الجزائر عن شروعها سميا في العمل بنظام التحويل السريع للعمليات المالية الكبرى ذات الطابع الاستعجالي، وقال البنك في بيان له تلقت quot;إيلافquot; نسخة منه، إنّ النظام الجديدquot; الأس أم أسquot; وضع بدعم من البنك الدولي وفق القواعد العالمية المتعارف عليها، على نحو يضمن ضوابط المصداقية والفعالية، وتأمين التحويلات بين المؤسسات المالية.

ويكفل النظام الجديد وهو الأول من نوعه في شمال إفريقيا، سرعة التحويلات بين عموم المصارف في الجزائر، وهو نظام للدفع الآلي يمكّن بموجبه من تحويل أموال من أرصدة مؤسسة مالية إلى أخرى في الحين، وسيتولى تحسين تسيير أرصدة المؤسسات البنكية وإعطاء فعالية اكبر في إدارة السياسة النقدية، ناهيك عن مراقبة ومتابعة مختلف مسارات العمليات المالية للنظام الجديد الذي يدار وفق القوانين التي ينص عليها مجلس القرض والنقد الجزائري.
ويساهم النظام المستحدث في مكافحة تبييض الأموال بصفة فعالية وجعل النظام البنكي أكثر جاذبية من خلال ضمان العمليات وسرعتها.

وكانت quot;فتيحة منتوريquot; الوزيرة الجزائرية المنتدبة للإصلاح المالي، إنّ منح أنظمة الدفع أكثر قدر من السرعة والمرونة، سيعين على دفع عجلة الإصلاح المالي الذي لا يزال مراوحا لمكانه، بجانب إعادة هيكلة الخارطة المصرفية المحلية، عبر إخضاعها لأطر قانونية وتنظيمية أكثر فعالية.
وقد وجّه خبراء جزائريون ودوليون، انتقادات لاذعة للنظام المصرفي الجزائري واعتبروه العائق الرئيسي لتطوير الاستثمارات الأجنبية المباشرة في الجزائر خلال الأعوام الأخيرة، وألّح هؤلاء في ندوة نظمتها quot;إيلافquot; مؤخرا بالجزائر، على quot;انعدام فعاليةquot; النظام المصرفي المحلي، وضرورة مراجعته ليصبح أساس الاستثمار الوطني والأجنبي، كما ذكر مختصون، أنّ صندوق النقد الدولي وبسبب العائق المصرفي، أشار في تقرير له أنّ الجزائر تعاني من مشاكل نوعية بشأن المؤسسات المالية ويتعلق الأمر خصوصا بقدرة جلب والحفاظ على تدفقات الاستثمار.
في سياق ذي صلة، أفاد التقرير السنوي الصادر عن بنك الجزائر المركزي بأنّ الأمن المالي في الجزائر يشهد تحسنا ملحوظا، وهذا بالتزامن مع تحسن أداء المؤشرات الرئيسية للاقتصاد الكلي وكذا القطاع المالي والنقدي، الشيء الذي أدى إلى استقرار الأمن المالي للبلاد بصورة ملموسة.
وذكر بنك الجزائر المركزي في تقريره حول quot;التطور الاقتصادي والنقدي في الجزائرquot; أنّ المقومات الأساسية للاقتصاد الجزائري شهدت تعزيزا هاما مع بروز التوازن النقدي وتخفيض الديون الخارجية وكذا الوضع المالي الخارجي الصافي القوي.
وأشار البنك إلى تأثير تراكم احتياطات النقد الأجنبي البالغة 110.7 مليار دولار حالياً عزّز استقرار سعر الصرف الفعلي الحقيقي للدينار الجزائري، كما أكد التقرير أنّ عوامل الأمن المالي قد ترافقت مع سياق انفتاح الاقتصاد الوطني الذي أصبح هيكليا مع دخول اتفاق الشراكة مع الاتحاد الأوروبي حيز التنفيذ.
وبحسب الأرقام التي ساقها التقرير فإنّ دين الجزائر الخارجي تراجع إلى 3.16 مليار دولار في شباط/فبراير الماضي، وينتظر نزولها إلى أقل من ذلك بلوغها سقف 6,5 مليارات دولار أواخر العام الجاري، كنتيجة للفوائض الهامة في ميزان المدفوعات منذ سنة 2000، مع تسجيل نسبة قصوى تمثل 2,21 بالمئة من الناتج الداخلي الخامmiddot; وأشار بنك الجزائر إلى تراجع نسبة الديون الخارجية بالمقارنة مع الناتج الداخلي الخام إلى 16,2 بالمئة العام الماضي مقابل 58,9 بالمائة سنة 1999، في حين أنّ النسبة بين احتياطات الصرف والديون الخارجية ارتفعت بشكل متسارع إلى 3,4 في المئة العام الماضي، بينما لم تتجاوز 0,47 بالمئة سنة 2000، لتصبح بحدود 5,1 في المئة، وأرجع هذه النسبة الإيجابية إلى سياسته في مجال سعر الصرف من حيث التحويل التجاري التام للدينار الجزائري.

وتجسد تعزيز وضع المال العام سنة 2007 من خلال تحسن الفائض الإجمالي للخزينة بنسبة 14,7 بالمئة من الناتج الداخلي الخام مقابل فائض الحساب الجاري الخارجي الذي بلغ 21,2 بالمئة من الناتج الداخلي الخام، كما أعرب بنك الجزائر عن ارتياحه لكون الخزانة العامة نجحت في تحقيق ثلثي سيولة النظام المالي، في وقت انخفض معدل الدين العمومي بالنسبة للناتج الداخلي الخام إلى 25,5 في المئة، ما يدل على ديمومة المالية العمومية على المدى المتوسط.

وتحدث التقرير عن بروز quot;ظاهرة نقدية إيجابية جديدةquot; جعلت من المداخيل الخارجية الصافية تفوق التراكم النقدي (النقد الائتماني والإيداع البنكي عند الطلب والإيداع الآجل بالدينار الجزائري والعملة الصعبة)، في حين زادت نسبة الأرصدة الخارجية الصافية بالنسبة للناتج الداخلي الخام إلى 55,6 في المئة، وبجانب استقرار الدينار هناك انخفاض نسبة السيولة النقدية المتداولة إلى 55 في المئة، وكذا quot;نسبة التضخم المنخفضةquot; إلى 1,6 في المئة كمتوسط سنوي، وكذا تراجع نمو الكتلة النقدية إلى 10,9 بالمئة، سجلت القروض الخاصة بالاقتصاد quot;انتعاشا ملموساquot; بنمو بلغ 15,8 في المئة بالقيم الحقيقية، مقابل 11,2 في المئة قبل سنتين، وعزّز هذا النمو من قابلية السداد العامة للبنوك، ومكّن من تسيير جيد لأخطار القروض.

وخلص التقرير إلى أنّ مواصلة الحكومة الجزائرية تطبيق القرار الاستراتيجي بالتسديد المسبق للدين العمومي الخارجي، سيتيح فرصة تقويم إطار الاقتصاد الكلي على المدى المتوسط في ظل ديمومة ميزان المدفوعات المعزز على المدى المتوسط واستقرار نقدي على المدى الطويل.