يواصل قطاع النسيج والجلود في الجزائر تراجعه بسبب نقص المساعدات المالية المقدمة وقصور التكوين في وقت ترتفع فيه أسعار بيع النسيج واستقرار الجلود.


يعاني قطاع النسيج في الجزائر تراجعًا، على الرغم ممّا يُحظى به من ارتفاع في الطلب على المواد المصنعة، وتفيد بيانات حصلت quot;إيلافquot; على نسخة منها، بأنّ النشاط الصناعي لقطاع النسيج والجلود يواصل تراجعه خلال الربع الثاني والثالث من السنة الجارية، وسط شكاوى متعاملين من قلة الاهتمام ونقص التمويل وقصور التكوين، في وقت ارتفعت فيهأسعار البيع بالنسبة إلى قطاع النسيج.. واستقرت بالنسبة إلى قطاع الجلود.

وبحسب استبيان حديث أجراه الديوان الجزائري للإحصائيات، فإنّ التراجع المسجّل في منظومة النسيج المحلية، يخص نوع النشاط الصناعي ووتيرته، وليس الإنتاج، طالما أنّ الأخير ارتفع استنادًا إلى تصريحات عموم رؤساء مؤسسات قطاع النسيج، وأجمع غالبية رؤساء مؤسسات قطاع النسيج، الذين شملهم التحقيق، أنهم لبوا الطلبات كافة التي تلقوها، عدا كمّ بسيط من المواد المصنعة الذي بقي مخزّنًا هناك.

وكشفت نتائج التحقيق أنّ نسبة تلبية الطلبات على المواد الأولية أقل من الطلب المعبر عنه بالنسبة إلى حوالي 61 % من مؤسسات قطاع النسيج، فيما قدّر معدّل استعمال الطاقة الإنتاجية بأكثر من 75 %، في حين عرفت 46 % من الطاقة الإنتاجية لقطاع النسيج، انقطاعات في الكهرباء ونفاذاً في المخزون، بما أدى إلى توقفات اضطرارية عن العمل، وصلت أحياناً إلى عشرة أيام، خصوصًا مع صدأ التجهيزات وتآكلها، على نحو ألقى بظلاله على 52 % من الطاقة الإنتاجية لقطاع النسيج.

ويسجل الخبير quot;أنيس بن مختارquot; أنّ وضع الخزانة quot;سيئquot; بالنسبة إلى قطاع النسيج، بسبب ارتفاع الأعباء وتمديد آجال تحصيل الديون وتباطؤ الطلب، وهي معطيات أرغمت أكثر من 85 % من المؤسسات إلى الاستنجاد بقروض بنكية، 66 % منها عانت مصاعب في سبيل الحصول عليها، علمًا أنّ عدد الموظفين في قطاع النسيج شهد انخفاضاً بحدود 20 %، وأكّد 91 % من رؤساء مؤسسات قطاع الجلود قدرتهم على تحقيق إنتاج أكبر، إذا ما استفادوا من تعداد بشري إضافي، فيما يتوقع الاختصاصي quot;فارس فتح اللهquot; ارتفاعًا في الإنتاج والطلب، مع استقرار الأسعار، بشكل سيسمح بتحسين المداخيل وإنعاش الخزانة.

وبحسب عدد من المتعاملين والمختصين، فإنّ نقص المساعدات المالية المقدمة وقصور التكوين أثّر سلباً على ترقية ميدان النسيج الذي يستوعب الآلاف من الحرفيين ومحترفي الصناعات التقليدية، ممن تهيكلوا في مؤسسات مصغّرة ومتوسطة.

وأفادت الناشطتان quot;نوارة دحمانيquot; وquot;زينب معاشquot; أنّ الأهداف المسطّرة لفتح آفاق خاصة بمنظومة النسيج، جرى تقليصها بسبب نقص التمويل، وأوضحت المسؤولتان أنّ التكوين، ولا سيما في مجال النسيج التقليدي، يحتاج إلى مساعدة الدولة والجماعات المحلية لكونه يدخل ضمن خانة الخدمة العمومية التكوينية، كما لا يمكن للمؤسسات الحديثة التشكّل ووكالات دعم تشغيل الشباب والجمعيات تحمل تكاليفه.

وبالتزامن، يعاني متعاملون صعوبات جمة في تحضير المادة الأولية للنسيج، كالخيوط بجميع ألوانها، والتي تعرف ندرة في السوق وارتفاعًا في أسعارها، حيث يباع الكيلوغرام الواحد منها بألفي دينار (في حدود 28 دولارًا)، وهي كلفة لا تقوى كثيرات ممن يمتهنّ النسيج على الوفاء به، علمًا أنّ المهنة تستقطب عشرات الآلاف من النساء من جميع الأعمار والمستويات التعليمية، بينهنّ إطارات ومدرّسات وطالبات يقمن بالحياكة في شكل تعاونيات.

وتتطلع النساء الممارسات للنسيج التقليدي إلى ترقية مهنتهنّ وترويج ما تبدعه أياديهنّ من زرابي وحنابل وغطاء الوسادات والقشابيات والبرانيس، التي لا تزال تصطدم بمشاكل التسويق، لاعتبارات عدة، بينها ارتفاع سعرها، وكذا غياب أي نشاط دعائي (ماركيتينغ) يتولى التعريف بالمنتجات المذكورة.

كما تطالب ممارسات بإنشاء دار للصناعة التقليدية حتى تكون فضاء لعرض المنتوج التقليدي عمومًا، والنسيج خصوصًا، بما يمكن من دعم التسويق، واستحداث فضاءات تخرج النسيج الجزائري من عنق الزجاجة.