ينتظر أن تصدر السعودية خلال العام المقبل حزمة من الأنظمة الاقتصادية لتكمل منظومة التحديث والتطوير في الأنظمة الاقتصادية بما يتواكب مع تطلعات المرحلة المقبلة، والمساعي السعودية الرامية إلى الدخول في قائمة أفضل عشرة اقتصاديات جاذبة للاستثمار. لكن الاقتصاديون يرون أن الأنظمة لا تخلق المعجزات وحدها بل تحتاج إلى توفر المناخ المناسب والجيد لنجاحها في تحقيق الأهداف التي أصدرت من أجله.


الرياض: طالب خبير اقتصادي سعودي بتوفير المناخ والبيئة المناسبة لنجاح نظام الرهن العقاري حال صدوره لافتاً إلى وجود المناخ المناسب لنجاح النظام لا يقل أهمية عن النظام نفسه ويتمثل المناخ في أن يكون هناك عقود قابلة للتنفيذ السريع في المحاكم، وأن تكون أدوار الأطراف الأخرى واضحة ومحددة ومقننة، وأن يكون هناك دور واضح لمنظومة التمويل العقاري في تكلفة التمويل، وألا فأن لن يخرج عن توثيق العقود.


وتشير معلومات اقتصادية إلى أن عام 2010 سيشهد صدور أنظمة اقتصادية جديدة في مقدمتها أنظمة الرهن العقاري والتمويل العقاري ونظام الشركات الجديد الذي لا يزال تحت قبة مجلس الشورى ( البرلمان السعودي).ويؤمل السعوديون كثيراً على نظام الرهن العقاري في توفير المسكن المناسب لهم في ظل الدراسات التي كشفت أن 55% من المواطنين السعوديين لا يستطيعون quot;تملكquot; مساكن خاصة دون مساعدة مالية، في حين أن quot;تَمَلُّكquot; المسكن المناسب ليس فقط أملا يسعى إليه كل مواطن، بل هو في الحقيقة quot;حقquot; ينبغي تضافر جميع الجهود المخلصة لتوفيره.


ويرى الخبير الاقتصادي الدكتور حسان بو حليقة في تصريح لـ quot;إيلافquot; أن أي نظام غير أنظمة التمويل والرهن العقاري ونظام الشركات يعتبر هامشي بالنسبة لهذه الأنظمة، لافتاً إلى أن نظام الشركات الجديد والذي يأتي في 226 مادة في 12 باب ليحل محل النظام القديم الصادر في 1385 هـ استفاد لمن ممارسة دامت عقود طويلة من نظام الشركات القديم، والاستفادة من تطور قطاع الأعمال السعودي، والحوكمة، والفصل بين الإدارة و الملكية كله مفاهيم حديثة. وأضاف إلى أنه يأتي تلافي نقاط الضعف في النظام القديم، والتأكيد على دور الجمعية العمومية، والارتقاء بشركات الطرف الواحد.


وتابع أن منظومة الرهن العقاري التي تقع في ثلاثة فصول و 49 مادة تشمل إنشاء الرهن وآثار الرهن وانقضاء الرهن هي المنظومة المنتظرة والمتوقع أن يكون لها دور أساسي في توفير السكن للمواطنين الأفراد، لكنه ألمح إلى أن الأنظمة لا تخلق المعجزات، مشيراً إلى أن ألهم من ذلك كله هو مناخ الاستثمار الجيد الذي يمكن أن ينفذ فيها النظام .وأوضح بوحليقه أن نظام التمويل والرهن العقاري يوازيه في الأهمية وجود مناخ يمكنها من النجاح، ويتمثل في أن يكون هناك عقود قابلة للتنفيذ السريع في المحاكم، وأن تكون أدوار الأطراف الأخرى واضحة ومحددة ومقننة، وأن يكون هناك دور واضح لمنظومة التمويل العقاري في تكلفة التمويل، وألا فأن لن يخرج عن توثيق العقود.


وكانت دارسة اقتصادية أبرزت من خلال الإحصاءات والأرقام العديد من الحقائق، حيث تؤكد الدراسات أن المملكة أقل دولة خليجية في نسبة تملك المساكن، حيث يمتلك نحو 22% من المواطنين السعوديين مساكن، في حين تصل النسبة إلى 90% في الإمارات، و86% في الكويت.وتوضح الدراسة أن 55% من السعوديين لا يستطيعون تملك منازل دون مساعدة مالية، وأن أكثر من نصفهم يقطنون مساكن مستأجرة، فيما يؤكد باحثون وخبراء أن أكثر من 75% في المجتمع من فئة الشباب الأقل من 30 عاما، الأمر الذي يستدعي التوسع في التمويل العقاري.ونبه خبراء الاقتصاد والمحللون الماليون والمستثمرون إلى مخاطر حقيقية أخرى ترتبط بهذه القضية، وهي ارتفاع نسبة فوائد قروض التمويل العقاري في البنوك السعودية مقارنة بالبنوك في السوق العالمية، الأمر الذي يكرس quot;حرمانquot; كثيرين من امتلاك مسكن خاص.


أوضحوا أن تلك النسبة تتراوح بين 4.5% و7% كفائدة تحصيلية من القرض بعد السداد حسب الفترة الزمنية المتاحة للعميل، مشددين على أن ارتفاع نسبة الفائدة يُمثّل quot;مشكلة اقتصاديةquot; لدى العملاء المستفيدين من القروض، لاضطرارهم إلى قبول سداد الفوائد باعتبار ذلك هو الحل الوحيد لتملك مسكن. وأرجعوا ارتفاع فوائد قروض التمويل العقاري إلى أسباب عديدة، منها: عدم وجود منافذ تمويلية متخصصة خلاف البنوك التجارية المعدودة، ورداءة البيئة الهيكلية للسوق.وطالبوا بالتوسع في التمويل العقاري، والعمل على خفض نسبة الفائدة، والاكتفاء بتحويل راتب العميل إلى البنك لضمان السداد دون الحاجة إلى رفع نسبة الفائدة، وذلك لتوفير مسكن لكل شاب.


بداية.
أمر آخر مهم تلفت إليه الدراسات الحديثة هو حاجة السوق إلى إيجاد شراكة حقيقية بين القطاعين العام والخاص، لتهيئة شركات التطوير العقاري لتوفير المسكن المناسب للمواطن. وكذلك حاجتها لإيجاد آليات تمويل متطورة، لتمويل المشاريع الإسكانية المقدرة بإجمالي يزيد على 2.4 تريليون ريال في السنوات العشرين المقبلة.