نيويورك: افتتح حاكم مصرف لبنان رياض سلامة بورصة نيويورك اليوم، حيث قرع جرس الإعلان عن بدء المداولات ليوم الإثنين في الساعة التاسعة والنصف صباحاً، الرابعة والنصف بتوقيت بيروت.

وكان الحاكم والوفد المرافق بدأ نهاره الثامنة صباحاً بتوقيت نيويورك، بالتوجه إلى مبنى البورصة كضيف شرف على مائدة الفطور التي دعا إليها رئيس وأعضاء مجلس ادارة البورصة الأميركية.

وكان للوفد اللبناني والشركات الداعية لقاءات حوارية حول الأوضاع المالية السائدة في لبنان، وإمكانات الاستثمار في مشروعات معينة. وتحدث في هذه اللقاءات رئيس الغرفة الأميركية اللبنانية سليم الزعني، وديفيد غريسون عن شركة أويرباخ غريسون، ومحمود سالم عن quot;بنك أوف نيويورك - ميلونquot;.

تلا هذه اللقاءات، مداخلات لرئيس بورصة بيروت الأمين العام لاتحاد البورصات العربية فادي خلف، ورئيس لجنة الرقابة على المصارف وليد علم الدين، وممثلون لشركة سوليدير، وطيران الشرق الاوسط quot;الميدل إيستquot;، وبنك لبنان والمهجر، وبيبلوس بنك وبنك عودة.

ثم كان غداء رسمي على شرف الحاكم والوفد اللبناني بدعوة من شركة quot;Financial Fund Advisorsquot;، تحدث خلاله سلامة، فقال quot;اندلعت الأزمة المالية العالمية بسبب عمليات خفض الإستدانة التي باتت ضرورية بعد تعثر أدوات القرض العقاري العالية المخاطر (subprime). والواقع أن هذا التعثر تسبب بخسائر كبيرة تكبدتها المصارف والمؤسسات المالية في كل أنحاء العالم.

نتيجة لذلك، تراجعت الثقة بالنظام المالي فحملت المودعين على سحب أموالهم من المصارف والمصارف على رفض التعامل فيما بينها، مما أدى بدوره إلى تعليق القروض وهبوط في الطلب.
أما صندوق النقد الدولي فيتوقع أن تشهد سنة 2009 ركوداً عالمياً.

والجدير بالذكر أن النموذج المالي اللبناني، كما تم تصميمه على مر السنين، لا يجيز أي تجاوزات في الاستدانة أو في اكتساب quot;مشتقات سامةquot;. وبالتالي، سيبقى لبنان في منأى عن هذه الأزمة، طالما أن الأوضاع السياسية والأمنية فيه تتسم بالاستقرار.

وأشار سلامة إلى أن الاستقرار الذي نشهده ليس وليد الصدفة، بل ثمرة المثابرة والعمل الدؤوب بهدف بناء نموذج يوحي بالثقة.

وقد اختبرت الأسواق هذا النموذج عقب اغتيال رئيس الوزراء رفيق الحريري واغتيال أو محاولة اغتيال شخصيات لبنانية، وبعد التفجيرات ضد مراكز اقتصادية وحرب 2006 والأزمة الداخلية الحادة التي عاشها لبنان عامي 2007 و2008 والمصحوبة بحرب شوارع، وأخيراً بعد الأزمة المالية التي عصفت بالعالم.

ويقوم هذا النموذج على ركائز عدة، بحسب سلامة، منها، رفض كل ما يتسبب بتعثر أو إفلاس المصارف، أو بتكبد مودع أو مراسل لأي خسائر في مصرف لبناني. وفي هذا السياق، توقف 33 مصرفاً عن العمل في السنوات الـ15 الأخيرة من دون تسجيل أي حادث شبيه بما لحق بـquot;ليمان براذرزquot;.

ثانياً، احترام توجهات السوق بشأن تحديد معدلات الفائدة ورفض مستمر لتخفيض هذه المعدلات لصالح أي جهة كالقطاع العام أو الخاص. وغني عن القول إن هذا الموقف منع المضاربة، لا سيما في مجالي العقارات والبورصة.

ثالثاً، الضوابط التنظيمية التي شملت التسليف والاستثمار والتي ترمي إلى إبقاء سيولة وافرة في القطاع المصرفي وإلى الحد من التوظيفات في الأدوات المركبة، بل منعها في القروض العقارية العالية المخاطر.

رابعاً، استقرار سعر صرف الليرة مقابل الدولار، مما أوجد مركز ثقة وحد من التضخم، ومن ثم المبادرة الهادفة إلى تسوية الديون المشكوك في تحصيلها، وذلك بإبرام اتفاقات بين المصرف والزبون المعني.

وبموجب هذه الاتفاقات، تمكن الزبون من تسديد كامل دينه أو جزء منه عبر تقديم مساهمات بشكل عقارات أو أسهم ومن ثم جدولة الجزء المتبقي من الدين. والواقع أن هذه الاتفاقات قد غطت 10% من محفظة قروض المصارف وحالت دون تسجيل أي تراجع في ميزانياتها.

وأخيراً، منع المصارف من إقراض أكثر من 70% من ودائعها، علماً أن المحافظة على سيولة بنسبة 30% وتطبيق معايير اتفاقية بازل 2 بشكل صارم قد أسهما في تمتين الثقة.

وأكد حاكم مصرف لبنان أن القطاع المالي اللبناني سيظل متيناً، شرط أن تحافظ الأوضاع السياسية والمالية على استقرارها. لافتاً إلى أن هناك فرصة لبناء اقتصاد حديث ودينامي كفيل بخلق فرص عمل جديدة وبتحسين القدرة الشرائية. إلا أن الأمر يتطلب سلسلة إصلاحات ووجود إرادة سياسية.

وأجرى الحاكم جولة أفق عن الاوضاع المالية والاقتصادية في لبنان والمنطقة والعالم، مع مراسلي quot;وول ستريت جورنالquot;، وquot;دي جي نيوزquot;، وquot;رويترزquot;، وquot;بلوم بورغquot;، وفوربسquot;، وquot;فايننشال تايمزquot;.

يذكر أن يوم أسواق رأس المال اللبنانية في نيويورك جاء بتنظيم من غرفة التجارة الأميركية - اللبنانية وبنك أوف نيويورك- ميلون، من أجل تسويق لبنان كوجهة استثمارية، من خلال التعريف بالشركات والمصارف اللبنانية، وإبراز مناعة النظام المالي والمصرفي اللبناني، خصوصاً بعد الأزمة المالية العالمية.