إيلاف من الرياض: الأزمات المالية بشكل عام هي اختبار حقيقي لثقافة الادخار والاستهلاك عند الأشخاص وخطط الإنفاق والادخار لدى الحكومات، والأزمة المالية العالمية تكاد تكون الاختبار الأكبر للدول والشعوب حيث إنها الأزمة الكبرى منذ الكساد الكبير الذي أصاب العالم قبل ثمانين عاماً.ونجحت السعودية في التصدي للأزمة بفضل سياسة الترشيد في النفقات وتكوين الاحتياطيات والتي نجحت إلى الآن في إبقاء دوران عجلة الاقتصاد، ولكن ماذا عن السعودية كأفراد؟ وتسألت صحيفة quot;الوطنquot; في تقرير نشر اليوم .

هل تمكن السعوديون من الإحساس بمدى تأزم الأوضاع وإتباع نفس السياسات التي تنتهجها الحكومة من أجل تجاوز هذه المرحلة الحرجة في التاريخ الاقتصادي المعاصر للبشرية؟ لا يوجد العديد من الإحصاءات المحلية التي تبين حقيقة الوضع ولكن لدى شركة quot;ماستركاردquot; الائتمانية تقريراً يعكس الكثير من الحقائق عن عقلية الاستهلاك والادخار في المملكة إلى جانب دول أخرى مثل الإمارات والكويت وقطر ومصر ولبنان وجنوب أفريقيا.وتظهر نتائج تقرير quot;الأزمة المالية وثقة المستهلكين وادخارهم وأولويات إنفاقهم في الشرق الأوسط وأفريقياquot; للربع الأول من هذا العام 2009 والذي أصدرته ماستركارد حديثاً أن السعوديون هم أكثر الشعوب استهلاكاً وإنفاقاً في المنطقة بالرغم من الأزمة المالية العالمية.


وأظهر تقرير ماستركارد الذي يقيس إنفاق السعوديين خلال السنة الحالية 2009 أن السعوديين هم من أعلى الشعوب في منطقة الشرق الأوسط من ناحية الإنفاق، إذ قرر ثلث السعوديين إنفاق 20% من مرتباتهم على البضائع الاستهلاكية إضافة إلى إنفاق 27% منهم نحو 20 إلى 30% من مرتباتهم. وتنفق نسبة قليلة مقدارها 14.3% ما يصل إلى 40% من مرتباتهم على البضائع والخدمات الاستهلاكية.واحتل الأكل في الخارج والترفيه المرتبة الأولى لدى المستهلكين السعوديين إذ أعتبر 91% من السعوديين الذين شملهم تقرير quot;ماستركاردquot; أن الإنفاق على الأكل في الخارج والترفيه سيكون هو الأولوية لديهم خلال العام الحالي 2009. وأظهرت البيانات أن غالبية من اعتبروا الإنفاق على الأكل في الخارج والترفيه هم من الرجال الذين تتجاوز أعمارهم الثلاثين عاماً وتصل مداخيلهم السنوية إلى 110 آلاف ريال.


وجاء الإنفاق على تعليم الأطفال في المرتبة الثانية بنسبة 70% يليها تجديد أو شراء العقار بنسبة 59%. وتعتبر هذه المعدلات مرتفعة جداً مقارنة بباقي سكان الشرق الأوسط الذين بلغ متوسط معدل إنفاقهم على الأكل في الخارج والترفيه نسبة 56.4% فيما بلغ متوسط الإنفاق على تعليم الأطفال نسبة 60.19% والإنفاق على شراء أو تجديد العقار 44.3%. وأبدت نسبة 49% من السعوديين اهتمامها بالإنفاق على شراء السيارات في العام الجاري.وبالرغم من أن السعوديين شعب محب للسفر إلا أن التقرير أوضح أن 14% منهم فقط ينوون الإنفاق على السفر. ويعلق كبير الاقتصاديين في بنك quot;سابquot; الدكتور جون إسفاكيانكيس على النتائج قائلاً: quot;نظرا لقلة الأماكن الترفيهية الموجودة في المملكة فإنه من الطبيعي جداً أن ينفق السعوديون غالبية أموالهم على الأكل في الخارج ولكنه من المفترض أن تكون الأولوية لتعليم الأطفال وليس للأكل في الخارج فتعليم الأطفال هو المستقبل الذي من المفترض أن تبني المملكة آمالها عليه.quot;


وأما فيما يتعلق بجانب الادخار فقد حقق السعوديون مستويات أعلى في معدل الادخار في المنطقة عندما يتعلق الموضوع بالادخار من أجل الاستثمار أو من أجل شراء عقار ولكن مستوى الادخار من أجل التحوط للظروف المستقبلية كان أقل المعدلات على مستوى المنطقة. وكانت نسبة السعوديين الذي يدخرون أموالهم تحسباً لما قد تحمله الأيام المقبلة في ظل الأزمة العالمية هي 55%، تمثل نسبة أقل من متوسط معدل المنطقة الذي بلغ 59.8%.


وأظهرت الأرقام أن النساء السعوديات أكثر تحوطاً من الرجال إذ إن 70.4% من ممن شملهن التقرير يدخرن أموالهن خوفاً من التقلبات الاقتصادية خلال الأيام المقبلة فيما بلغت نسبة الرجال 42.5%. ويقول إسفاكيانكيس:quot;إنه من الطبيعي جداً أن لا يقلق السعوديون كثيراً حيال الأيام القادمة بسبب إعلان المملكة عن احتياطات ضخمة وخطط إنفاق كبيرة في السنوات الخمس القادمة.quot;


وتنوي المملكة استثمار 400 مليار دولار في الأعوام الخمس المقبلة للإنفاق على بنيتها التحتية. كما أعلنت الحكومة عن خطط جريئة للإنفاق على البنية التحتية لعام 2009 من أجل الاستفادة من المواد التي أصبح ثمنها أرخص مثل الفولاذ الذي انخفض سعره بنسبة تصل إلى 70% منذ الصيف الماضي.


ويعد الادخار أهم الجوانب لمواجهة الأزمات المالية من جهة ولزيادة الإنفاق في المستقبل من جهة أخرى. ولا يدخر السعوديون أكثر من 40% من مرتباتهم ومع ذلك فهم في وضع جيد من ناحية الادخار مقارنة بمتوسط معدل المنطقة إذ إن 18.3% من السعوديين يدخرون ما بين 31-40% من مرتباتهم مقارنة بمعدل المنطقة البالغ 9.25%.