طلال سلامة من روما: ثمة من يقول أن شخصية لا بل كاريزما سيلفيو برلسكوني، رئيس الوزراء الإيطالي الحالي، مرغوب تبنيها سياسياً من قبل العديد من رؤساء الدول الأوروبية، لا سيما تلك التي دخلت حديثاً عضوية الاتحاد الأوروبي. أما على الصعيد الاقتصادي، فان ما يريد برلسكوني تقليده من نظيره الفرنسي ساركوزي، في ما يتعلق بملف اعتماد الطاقة النووية للمستقبل، يصطدم بعناد بعض حكام الأقاليم الايطالية الذين يتهمون برلسكوني بالرغبة في حرق بلايين اليورو لما هو مخالف لمجرى الكرة الأرضية المستقبلية، أي احترام البيئة والتقيد ببروتوكولات وقائية خاصة. بين هؤلاء الحكام، الذين يقفون بالمرصاد لما يصفه برلسكوني بطموحات طاقوية، من شأنها الحد من تعطش ايطاليا الى الصادرات الطاقوية، نجد حاكمة إقليم quot;بيامونتيquot;، الواقع شمال غرب ايطاليا وعاصمته مدينة quot;تورينوquot;، quot;ميرشيديس بريسوquot;، التي تشرح لصحيفة quot;ايلافquot; الإلكترونية الأسباب التي تجعل شرائح سياسية وصناعية واسعة بايطاليا تخشى من مفعول طموحات برلسكوني المدمر عليها. في ما يلي نص الحوار الهاتفي الذي أجراه معها طلال سلامة، من روما:
سؤال: يبدو أن اللجنة التي أرسلتها حكومة روما الى إقليم quot;بيامونتيquot;، من أجل التخطيط لبناء محطات نووية جديدة هناك، لا تأبه بأي تحرك استشاري من قبلكم. ما هو تعليقكم؟
جواب: عادة، فإننا مستعدون للتشاور مع أي جهة محلية تطرح علينا مشاريع تدر المنافع الاقتصادية وغيرها على إقليم quot;بيامونتيquot;. بيد أن ما يحصل اليوم غير منطقي إطلاقاً. إذ سبق أن أرسلنا رأينا خطياً بالبريد الى السلطات التنظيمية المختصة بروما. نحن مستعدون لتحويل رأينا الى صراع سياسي ومالي مع الحكومة المركزية بروما تعبيراً عن رفضنا لاستقبال أي محطة توليد طاقة نووية على أراضي اقليمنا. وان كان هذا الصراع غير مجد فإننا مستعدون لاختيار أي طريق آخر لسد الأبواب أمام طموحات برلسكوني النووية.
سؤال: ما هي طبيعة تحركاتكم في الأسابيع القادمة؟
جواب: لقد قمت بتلزيم فريق من المحامين كيفية التجاوب للطعن بقرارات حكومة روما عن طريق إجراء استفتاء شعبي، خاص بإقليم quot;بيامونتيquot;، حول ملف النووي. في الآونة الأخيرة، لاحظت على غرار ما سجله غيري من حكام أقاليم ايطاليا، كما quot;نيكي فيندولاquot; حاكم إقليم quot;بولياquot; جنوب شرق ايطاليا، أن برلسكوني لا يحتسب إرادة الآلاف من الناخبين الإيطاليين. هاهو اليوم، مثلاً، يعيد إحياء وزارة السياحة، التي اقتضت نتائج الاستفتاء الشعبي قبل عام تقريباً بحذفها بالكامل. اليوم، يريد برلسكوني أن يراهن على الملف النووي من دون احتساب لا التكاليف ولا الأضرار الناجمة على البيئة والسكان معاً. صحيح أنه قد يتمكن من الادخار، بواسطة إنتاج طاقوي محلي لا يعتمد على الصادرات الطاقوية، التي تغطي 90 في المئة تقريباً من حاجات البلاد. من جانب آخر، فان هذا الادخار قد يقابله تكاليف أعلى لتغطية الأضرار البيئية والصحية.
سؤال: هل تريدون إضافة أي شيء آخر على تعليقكم؟
جواب: نعم. ان ما يحصل اليوم يشير الى أن حكومة برلسكوني هي الأفقر في تاريخ ايطاليا، من حيث ترويج النظام الفيدرالي. بدلاً من التنسيق مع الأقاليم الايطالية، يسعى برلسكوني وخبرائه الى فرض المشاريع من دون أن يأبهوا بأي شيء. وعندما تتخبط حكومة برلسكوني بالمجهول، فان أول ما يخطر في بالها استخدام الجيش لتفعيل المشاريع بالقوة. أنا أذكر هنا بناء خط سكك الحديد ذات السرعة الفائقة(لغاية 420 كيلومتراً في الساعة)، لتوطيد ربط فرنسا بدول أوروبا الشرقية تجارياً مما يدر أرباح هائلة على ايطاليا، أين لجأ برلسكوني الى الجيش لإسكات عشرات المظاهرات، التي نظمها سكان المدن والقرى التي تقطعها سكك الحديد هذه.
سؤال: بين المناطق المؤهلة لاستقبال محطة توليد نووية جديدة، هناك فكرة إنشاء محطة بالقرب من مدينة quot;نوفاراquot; كونها غير زلزالية ولا تعاني من خطر الطوفان النهري. هل ستعارضون إنشاء هذه المحطة كذلك؟
جواب: إنها خطة جنونية. فهذه المنطقة بالتحديد تحلق فوقها الطائرات المقلعة أم القادمة من والى مطار quot;مالبينساquot; الدولي. صحيح أن هذه المحطة بعيدة عن خط الزلازل وغير قادرة عل تلويث مياه الشرب. إنما تنقلب المشكلة هنا، رأساً على عقب، كي تمثل خطراً على سلامة الطائرات ومسافريها. نحن كإقليم quot;بيامونتيquot; دفعنا ثمن العديد من الأخطاء، التي ارتكبتها حكومة روما عمداً. وأنا لن أتأخر عن الإقرار بقوانين إقليمية خانقة لن تترك مجالاً لأي عملية خرق quot;نوويةquot; من جانب حكومة برلسكوني. في أي حال، فان الأحداث القادمة ستريكم من هو المنتصر!
سؤال: أنتم معروفون للجميع بكراهيتكم إزاء الملف النووي. هل ان تشبث برلسكوني بهذا الملف قضية تهدفون الى استغلالها لأهداف ترويجية أم سياسية أم غيرها؟
جواب: أنا لست ضد النووي. لكن النووي الذي يريد برلسكوني تأسيسه هنا غير مجد وخطر وله تكاليف تتخطى 11 بليون يورو. ليتنا ننظر الى البحث عن أنواع أخرى من الطاقة النووية، أقل خطراً وأكثر منفعة علينا. نحن مستعدون للتعاون مع أي جهة كانت، وطنية أم أجنبية، للقيام بأبحاث خاصة حولها. علاوة على ذلك، فإنني مقتنعة أن التمسك بالنووي سيُبعد الاهتمام عن الطاقات البديلة المتجددة، التي هي المستقبل. أوروبياً، قد تجد ايطاليا نفسها الأخيرة من حيث استعمال الطاقة البديلة، المتأتية، كما تعلم، من أشعة الشمس والماء والرياح.
سؤال: هل ستكون عدوانيتكم مع برلسكوني، حول الملف النووي، دائمة؟
جواب: نعم. أنا مقتنعة أنه برغم من تشجع برلسكوني بيد أنه لن يستطيع تأسيس أي شيء هنا، في النهاية. قبل كل شيء، فانه، سوية مع وزير الاقتصاد، يصطدمان بتكاليف تعادل مناورة اقتصادية سنوية مجموعها ما لا يقل عن 10 الى 15 بليون يورو. كما تحتاج الحكومة لأربع سنوات لاحياء برنامج الطاقة النووية. تصور، لغاية الآن، فان حكومة برلسكوني وخبرائها لم تنجح في تحديد أي موقع جغرافي أين يمكن خزن النفايات النووية!