الدار البيضاء: رغم حالة الركود، التي تخيّم على قطاع العقار في المغرب، إلا أن أسعار الشقق ما زالت تحافظ على أثمنتها الخيالية، في وقت ما زال ينتظر ذوو الدخل المحدود الإعلان عن مشروع سكن اجتماعي جديد، يناسب أجورهم البسيطة.

وخلال جولة لـ quot;إيلافquot; في عدد من الأحياء وسط العاصمة الاقتصادية الدار البيضاء، تبين أن هناك سعراً موحداً متفقاً عليه، إذ إن ثمن المتر المربع يبدأ من 13 ألف درهم (1580 دولار) إلى ما فوق. أما بالنسبة إلى الشقق، التي يزيد عمرها عن 10 سنوات، فيتراوح سعر المتر المربع الواحد ما بين 10 آلاف درهم (1212 دولار) و12 ألف درهم (1455 دولار).

هذه اللائحة المرتفعة للأسعار جعلت نسبة مهمة من الأسر تجلس في قاعة الانتظار، حتى يظهر مشروع جديد للسكن الاجتماعي، وهي الخطوة نفسها المتخذة من المنعشين العقاريين، الذين يرفضون البيع بأقل من الأثمان المشار إليها.

يقول عبد اللطيف سوادي، مستخدم في إحدى الشركات المتخصة بالبيع، إن quot;هناك زبائن أكدوا لنا أن الثمن الذي يمكن أن يدفعوه في الشقة يمكن أن يصل حتى مليون درهم (121186 دولار)، لكننا لم نتمكن من العثور لهم على واحدة في وسط المدينة، خاصة أنه يطلبها أن تكون ليست قديمة، إذ يشترط أن لا يكون مر على بنائها أكثر من 3 سنواتquot;. وأوضح عبد اللطيف، في تصريح لـ quot;إيلافquot;، أن quot;ارتفاع الأسعار ليس مسجلاً فقط في وسط المدينة، بل حتى في الأحياء البعيدةquot;، مضيفاً أن quot;كثرة الطلب وقلة العرض، في ظل حالة الركود المسجلة، جعل الأثمان تستمر في الارتفاع، في وقت تتردد أنباء عن أن مسلسل الزيادات سيستمر، وسيكون أكثر مما هو عليه الآن في السنة المقبلةquot;.

ويأتي هذا، في وقت تقاطر العشرات من المواطنين، في اليومين الأخيرين، على المقر الرئيس لمجموعة الضحى في الدار البيضاء، بعد إعلان هذه الأخيرة، عن التزامها ببناء 120 ألف وحدة سكنية، على مدى خمس سنوات، بقيمة 250 ألف درهم للوحدة (أكثر من 30 ألف دولار).

وذكر بلاغ للمجموعة أن اتفاقيات حول إنجاز هذه الوحدات في طور الإعداد النهائي، وستخص في المرحلة الأولى خمس مدن كبرى هي الدار البيضاء، وأكادير، ومكناس، ومراكش، وطنجة. وأضاف المصدر عينه أن هذه الدينامية المتجددة للسكن الاجتماعي تأتي بفضل الإجراءات الضريبية الجديدة، التي جرى وضعها من طرف الدولة، في إطار قانون المالية 2010 الرامي إلى تشجيع الحصول على الملكية العقارية، وتقليص العجز في مجال السكن، ومحاربة السكن غير اللائق.

وتتيح هذه التدابير، التي دخلت حيز التنفيذ في يناير/كانون الثاني الماضي، للمنعشين العقاريين، الذين التزموا ببناء ما لا يقل عن 500 سكن اجتماعي على مدى خمس سنوات، مجموعة من الإعفاءات الضريبية وحقوق التسجيل، فيما سيستفيد المشتري من مساعدة قدرها 40 ألف درهم (حوالي 4800 دولار) من الدولة لتغطية فارق الضريبة على القيمة المضافة.

وكانت المندوبية السامية للتخطيط توقعت أن يستمر تباطؤ قطاع السكن، حتى أواخر السنة الجارية، كما تؤكد ذلك توقعات مقاولات القطاع، في ظل استمرار تقلص الطلب الموجه إليها، ما يفسر أن تداعيات الأزمة العالمية لم تؤثر على القطاع بشكل غير مباشر، إنما بصورة مباشرة، وعميقة. وحسب مندوبية التخطيط، شهد قطاع السكن، تباطؤاً ملحوظاً، ارتفعت حدته، خلال الفصل الثالث من 2009، إذ سجلت القيمة المضافة للقطاع انخفاضاً بـ 0.1 %، مقارنة مع الفترة نفسها من 2008، مقابل زيادة بـ 1 %، خلال الفصل الثاني من 2009.

وشهدت القروض الخاصة بالعقار تراجعاً في وتيرة نموها، ليصل إلى 14.5 %، في نهاية الفصل الثالث من 2009، ما يمثل أدنى معدل مسجل، منذ سنة 2004. كما انخفضت مبيعات الأسمنت بـ 0.8 %، وتراجع إنتاج الصناعات المرتبطة بالبناء بـ 5.5 %.

وكانت الفيدرالية الوطنية للمنعشين العقاريين، توقعت، أخيراً، أن ينتعش القطاع، خلال السنة الجارية، وقالت إن السكن الراقي والمتوسط يسعى إلى الخروج من quot;حالة ركودquot;، يعيشها، منذ اندلاع الأزمة العالمية في نهاية صيف 2008، خصوصاً في مراكش، ومحور الدارالبيضاء ـ الرباط.

وحسب الفيدرالية، يشهد العقار في المحور المذكور، تراجعاً، تقدر نسبته بين 10 %، و15 %، في حين يتجلى الركود بوضوح في مراكش، التي شهدت، في السنوات الأخيرة، إقبالاً كبيراً على الفيلات وquot;الرياضاتquot;، من جانب الأوروبيين، خصوصاً الفرنسيين والإنجليز والأسبان، وكذا مدينة طنجة، التي وجد فيها الفرنسيون، والأسبان، ما يرغبون فيه، بفضل انخفاض الأسعار، مقارنة مع الأسعار المرتفعة في أوروبا.