قبيل أسابيع من اجتماعات منظمة الدول المصدرة للنفط quot;أوبكquot; في مارس المقبل، حل وزير الطاقة الأميركي الدكتور ستيفن تشو ضيفا على الرياض، والتقي العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبدالعزيز، ووزير البترول والثروة والمعدنية المهندس علي النعيمي .

الرياض: تناولت مباحثات وزير الطاقة الأميركي في الرياض وفق ما جاء في بيان سعودي الموضوعات ذات الاهتمام المشترك في مجال الطاقة والبترول والسوق الدولية وتطوراتها الحالية والمستقبلية وتقنية المحافظة على الطاقة وتقنيات خفض الانبعاثات الغازية المضرة بالبيئة .

كما استعرض الجانبان وضع السوق البترولية وتطوراتها الحالية والمستقبلية والتعاون بين البلدين في مجالات استخلاص الكربون والعلوم والتقنية والتعليم والتدريب، وتم الاتفاق على أهمية استمرارية اللقاءات الثنائية بين البلدين في مجال البترول والطاقة .

وأكد وزير البترول والثروة والمعدنية السعودي أن اجتماعه مع وزير الطاقة الأميركي يأتي ضمن التعاون والتنسيق المستمر بين البلدين في مجال البترول والطاقة باعتبار البلدين من أهم الدول ذات الارتباط بشؤون البترول والطاقة، فالولايات المتحدة تعتبر أكبر دولة مستهلكة ومستوردة للبترول، فيما تعتبر السعودية أكبر مصدر للنفط في العالم .

وأضاف وزير البترول السعودي أن الرياض وواشنطن يربطهما تعاون وثيق في هذا المجال وفي مجالات الاستثمارات البترولية والتعاون العلمي والتقني والتعاون الدولي في قضايا البترول والبيئة.

وتأتي زيارة وزير الطاقة الأميركي للسعودية في إطار جولة له في منطقة الشرق الأوسط تقوده أيضا لكل من قطر والإمارات، وهي دول تتمتع بعضوية منظمة أوبك التي ستعقد اجتماعا في 17 من مارس المقبل في فيينا لمراجعة أحوال السوق والبحث في إمكانية تغيير مستويات الإنتاج .

ويرى مراقبون أن زيارة تشو للمنطقة فرصة جيدة لإدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما لنقل الموقف الأمريكي من إنتاج المنظمة لمسئولي أوبك شخصيا في ظل ارتفاع الطلب على الوقود هذا العام مع انتعاش الاقتصاد العالمي .

وتتميز العلاقات النفطية بين السعودية والولايات المتحدة بالقوة، وهو ما كان دائما محور الروابط السياسية والدبلوماسية والاقتصادية بين الرياض وواشنطن، وأصبحت السعودية موردا موثوقا به على المدي الطويل للسوق الأميركية بدرجة أكبر من منافسين آخرين مثل فنزويلا ونيجيريا .

وهي الشراكة التي أشاد بها وزير الطاقة الأميركي خلال زيارته للرياض مؤكدا ثقته في أن الجانبين يعملان على تعزيز هذه العلاقات، وأن لديهما العديد من القضايا ذات الاهتمام المشترك وأنهما يرغبان في تنويع سلعيهما المعروضة وفي تحسين كفاءة الطاقة حتى يتسنى استخدام النفط على المستوى العالمي بأكثر السبل حكمة .

وأكد وزير الطاقة الأميركي أن بلاده ستستمر خلال الفترة المقبلة في استيراد الوقود المستخدم لوسائل النقل والذي تنتجه السعودية لتميزه بأنه ذو طاقة مكثفة وكفاءة عالية،

وأضاف أن هذا الأمر لا يعني أن الولايات المتحدة لا ترغب في تحسين منتجاتها من النفط والارتقاء بكفاءتها، أو أنها لا ترغب في تقليل وارداتها، مشددا في الوقت نفسه على أن كل ذلك لا يتعارض مع الشراكة مع السعودية .

ولكن ما يعزز من مكانة السعودية سواء لدى الولايات المتحدة أو غيرها من مستوردي النفط لم يعد يتمثل في كونها أكبر منتج ومورد للنفط في العالم، بقدر ما أصبح قدرة السعوديين على موازنة سوق النفط العالمية باعتبارها المنتج الوحيد الذي يحوز فائضا كبيرا من الطاقة الإنتاجية، ما يجعلها الملجأ الرئيسي لمعالجة أي نقص كبير ومفاجئ في الإمدادات العالمية لتلبية احتياجات السوق .

وشهد عام 2009م انخفاضا في تدفق النفط الخام السعودي إلى الولايات المتحدة، ليبلغ أقل مستوياته في 22 عاما بعد أن تسبب الكساد والركود الاقتصادي في هبوط استهلاك الوقود، ما دفع السعوديين إلى قيادة تخفيضات أوبك للإنتاج حتى يتناسب العرض مع الطلب .

ورغم انخفاض شحنات النفط إلى الولايات المتحدة فان السعودية مع ذلك قامت بتوريد أكثر من عشر الواردات الأميركية من النفط الخام العام الماضي. وحسب بيانات وكالة الطاقة الدولية فإن الطلب على النفط في الدول المتقدمة بلغ ذروته، وأن المدى الطويل سيشهد تحولا في الطلب على النفط لصالح الدول النامية التي ستستهلك نفطا أكثر من الدول الصناعية، وستحوز الاقتصادات الصاعدة 47 % من الطلب العالمي على النفط في 2010 مقارنة بـ 37% في عام 2000م

هذه التوقعات بتقلص الطلب على الطاقة في الغرب دفع السعوديين إلى الدخول بقوة إلى سوق آسيا المتنامي خاصة في الصين، بعد أن سجل الطلب على الطاقة في الصين تزايدا ملحوظا في عامي 2008 و2009 مع تراجع الطلب على النفط في الولايات المتحدة وأوروبا في الوقت نفسه، لتعزز السعودية صادراتها إلى الصين .

وحسب محللين فإنه لا يوجد منتج يستطيع منافسة السعودية في الصين في الأجل الطويل، وهي السوق التي تراها الرياض سوقا رئيسية ولا ترغب في فقد حصتها هناك لصالح روسيا وإيران، وهو توجه يدعمه إصرار السعوديين على المضي قدما في إبرام اتفاقات طويلة الأجل مع المصافي في الصين .

وقد كانت واحد من هذه الاتفاقات إمداد مصفاة فوجيان الصينية التي تملك أرامكو السعودية الحكومية 25% منها بالنفط، وتعتزم الرياض شحن 200 ألف برميل يوميا إلى المصفاة هذا العام بعد أن بدأت المصفاة عمليات التشغيل في عام 2009م ، كما تتطلع أرامكو للاستثمار في مصفاة صينية أخرى وهي محطة تعمل بطاقة 200 ألف برميل يوميا وتقع في ميناء تشينجداو في جنوب البلاد.