دبي، بغداد: أدت السرعة التي وقّعت بها الحكومة العراقية صفقات النفط التي أبرمتها العام الماضي إلى طمأنة شركات النفط الكبرى بشأن تصوراتها لحجم المخاطر التي تمثلها الانتخابات العراقية على العقود التي لم يجف مدادها بعد. لكن محللين يقولون إن الشراك السياسية لا تزال تكمن في الانتخابات، ولا يجب التهوين من شأنها، أو من شأن التحديات الكبيرة للبينة التحتية في قطاع النفط.

وبعدما احتشد ممثلو شركات النفط العالمية العملاقة في بغداد في يناير/ كانون الثاني لتوقيع الصفقات التي يمكن أن ترفع طاقة إنتاج النفط العراقي إلى المستويات السعودية، التي تصل الى 12 مليون برميل يومياً، توقّعوا أن تمثل الانتخابات البرلمانية التي تحل في السابع من مارس/ آذار قدراً أقل من التهديدات.

وقبل بضعة أشهر فقط كانت الشركات تخشى من أن يتأجل التوقيع النهائي على الصفقات، فيما تستعد بغداد للانتخابات. وقال مدير تنفيذي في شركة نفط وقّعت عقداً مع العراق طلب عدم نشر اسمه quot;السرعة التي تمت بها العملية أعطت الانطباع أن العراق سيفي بما وعد. وبالتالي لم تعد الانتخابات تمثل المخاطر الرئيسة في العمليةquot;. ومع ذلك لا تزال هناك الكثير من العقبات المحتملة أمام تلك الشركات.

وأوضح رعد القاديري رئيس وحدة المخاطر العالمية في مؤسسة بي.اف.سي أنرجي لاستشارات الطاقة، ومقرها واشنطن، quot;أعتقد أنه من الحماقة تبني وجهة نظر معتدلة حيال السياسة العراقية عند تقييم المخاطر، التي تواجه هذه العقودquot;. وأضاف quot;المخاطر ليست كثيرة إلى حد إلغاء العقود، إنها تتمثل في إجراء تنقيح أو مراجعةquot;. وشروط العقود تجعلها حساسة للتأجيل. ومن الممكن أن تؤدي فترة من المشاحنات بعد الانتخابات حول تشكيل الحكومة الجديدة إلى هذا.

وتعد عودة الشركات الأجنبية إلى قطاع النفط العراقي بعد سبع سنوات من الغزو الأميركي قضية مثيرة للعواطف في بلد طرد شركات النفط الكبرى منذ أكثر من ثلاثة عقود. ومما يزاد من مخاطر مراجعة العقود الافتقار لقوانين نفط جديدة، مما يجعل العقود عرضة للتعديل، ولا تخضع الحكومات المستقبلية لأي التزام قانوني يفرض عليها احترام هذه العقود. وقال محمود الجبوري مستشار النفط الذي يعمل مع شركة نفط الجنوب الحكومية quot;عندما تذهب شركات النفط إلى بلد ما، وتوقع صفقات نفط بدون قانون يحمي مصالحها، يجب أن تعرف أنها تسير على حبل مشدودquot;.

وتعود قوانين النفط في العراق إلى عهد صدام حسين، ولم تختبر بعد في فترة التحول الديمقراطي. وتعرقل سن قوانين جديدة تحدد إطاراً قانونياً للاستثمارات الأجنبية لسنوات، بسبب النزاعات بين الأكراد وحكومة بغداد التي يقودها العرب. ولم يتوصل العراقيون بعد إلى اتفاق سياسي بشأن السيطرة على النفط وتوزيع إيراداته. وحتى يتم تسوية هذه المسائل الجوهرية، ستظل الصفقات عرضة للمشكلات.

والمخاطر ليست من نصيب شركات النفط وحسب. فالعبث بالعقود قد ينقلب على الحكومة المستقبلية، إذ إن الصفقات تنص على شروط صعبة لشركات النفط. ويقول أحد المديرين التنفيذيين في شركات النفط إن نصيب الحكومة من الإيرادات التي تدرها العقود يتراوح بين 97 و98 %. وأي تغير قد يجعل شركات النفط الكبرى تعيد النظر فيما تعتبره بالفعل صفقات محدودة المزايا يمكن أن يضر بالعراق، الذي لم يتمكن من زيادة الإنتاج بالجهود الذاتية منذ الغزو عام 2003.

ويجب أن تتوافر لشركات النفط ملايين البراميل يومياً من المياه في بلد يعاني الجفاف. وتضخ المياه في حقول النفط للحفاظ على الضغط تحت سطح الأرض وتعزيز إنتاج الخام. ويحتاج العراق مد مئات الكيلومترات من خطوط الأنابيب لتوصيل الخام إلى مرافئ التصدير التي يحتاج أيضاً أن يشيدها.

كما يحتاج العراق بنية تحتية لتوصيل كميات ضخمة من الغاز، الذي ينتج كمنتج ثانوي، مع ارتفاع انتاج النفط إلى المنازل والمصانع أو إلى مرافئ جديدة مكلفة لتصدير الغاز. كما يفتقر إلى المتاجر والمنازل ومحطات الصرف الصحي والطرق ومهابط الطائرات.